متابعات

محاضرة للباحث التونسي عبد المجيد الجمل في ضيافة مركز المحفوظات بطرابلس

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

محاضرة بعنوان (ليبيا وبريطانيا من خلال مصادر الأرشيف الإنجليزي)

استضاف المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية ضمن مناشطه الأسبوعية للموسم الثقافي لعام 2023م، محاضرة قدمها وأدارها الدكتور “علي الهازل” بعنوان (ليبيا وبريطانيا من خلال مصادر الأرشيف الإنجليزي) للباحث التونسي الدكتور”عبد المجيد بن علي الجمل” أستاذ التاريخ المعاصر والعلاقات الدولية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجماعة صفاقس بتونس،وذلك بقاعة المجاهد بالمركز مساء يوم الأربعاء 23 من شهر أغسطس الجاري، واستهل الباحث المحاضر في توطئته بالإشارة إلى تعدد سياقات اهتمامه بالتاريخ الليبي لاسيما علاقته ببريطانيا موضحا بأن هنالك نقطة هامة في التاريخ الليبي، وهي تكمن في أهمية العلاقات الدولية، في تطور مسار الأحداث بهذا القطر بعبارة أدق تظهر محطات كبرى في تاريخ ليبيا المعاصر يكون فيه العامل الدولي حاسما في العديد من التحولات، واستشهد الباحث الجمل بمعاهدة (أوشي لوزان) التي تنازلت بموجبها الدولة العثمانية عن إيالة طرابلس الغرب لصالح إيطاليا، وكذلك الحرب العالمية الثانية حيث كان العامل الدولي في طرد الفاشست من ليبيا، وقد لعب الجيش الثامن البريطاني دورا حيويا في هذه المسألة، فضلا عن قضية استقلال ليبيا الذي لعبت فيه منظمة الأمم المتحدة دورا بارزا ، وبيّن الباحث المحاضر أن التناقضات بين القوى الإمبريالية فرضت على بريطانيا وعلى الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وفرنسا أن يتخلوا عن ليبيا، وتعد ليبيا من أوائل الدول التي التي نالت استقلالها عن الاستعمار الأوروبي حتى إن بعض الفرنسيون والإيطاليون حاولوا الرجوع لليبيا مرة أخرى من خلال مشروع (بيفن – سفورزا).

العامل الدولي في ليبيا
فيما أكد الباحث المحاضر أن للعامل الدولي ممثلا في الحلف الأطلسي حضورا حاسما أيضا في عملية سقوط النظام السياسي السابق عام 2011، وتابع بالقول : إن دور القوى الكبرى في مسار الأحداث جعلها تتصارع فيما بينها على النفوذ داخل ليبيا، من جهة ثانية طرح الباحث تساؤلا محوريا مؤاده : إن خضوع ليبيا للهيمنة الاستعمارية المباشرة امتد من 1830 وحتى عام 1911م فلماذا ليبيا تأخرت في الخضوع للاستعمار؟ وقياسا بالحالة التونسية تونس كذلك تأخرت بالمقارنة مع الجزائر بخمسين سنة عن الخضوع للاستعمار الأوروبي، ومن هذا المنطلق يعزو الباحث المحاضر إلى أن للعلاقات الدولية وقتذاك دورا مميزا وكان للسياسة البريطانية دورا فالسياسة البريطانية بين عام 1830 وصولا لآواخر سبعينيات القرن المنصرم اتسمت بالمحافظة على الوضع الراهن وتنظر للقضية الليبية والتونسية كجزء من العلاقات الدولية وتقف ضد تفكيك الإمبراطورية العثمانية ليكون لها لاحقا دور مهما وحاسما في محافظة هذه الدول على استقلالها، وأوضح بأن العديد من وثائق الأرشيف البريطاني تحذر فرنسا بأنها لن تعترف بالحماية على الجزائر إذا لم تتخلى عن طموحها في ليبيا وتونس، وبالتالي نستنتج أن الدور الدولي كان حاسما في عملية تأخر الاستعمار كون إن الوضع لا يختلف كثيرا ما بين ليبيا وتونس، وعلل الباحث المحاضر إلى أن من بين أسباب تبني بريطانيا لتلك السياسة أن اللذين كانوا يحكمون بريطانيا العظمى أوان ذاك الزمن كانوا من أنصار ما يسمونه ببريطانيا الصغيرة فلديهم قناعة بأنهم سيسيطرون على العالم بواسطة المعاهدات بخلاف الفرنسيين اللذين اتبعوا أسلوب الهيمنة المباشرة باعتبارها السبيل لانقاذ فرنسا وتثبيت هيمنتها على العالم.

خصوصية العلاقة بين بريطانيا والزعامات التقليدية العربية
كما أشار الباحث المحاضر إلى بروز صوت دولي آخر ممثلا في سفير دولة هاييتي بالأمم المتحدة، ومساهمته في إسقاط مشروع (بيفن – سفورزا) إذ كان يسعى المشروع لإعادة تقسيم ليبيا، وأكد الباحث المحاضر أنه بتدخل القوى الوطنية الليبية الفاعلة ومنهم “إدريس السنوسي” والمساندين له علاوة على سفير هاييتي سقط المشروع، ولفت الباحث المحاضر أن من أسباب الاهتمام بالعلاقات بين إنجلترا والحركة السنوسية هو قراءة تاريخ ليبيا في إطار المقاربة والمقصود بذلك هي العلاقات الخصوصية التي وطدتها الإدارة الإنجليزية مع الزعامات التقليدية منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم، وعلى سبيل المثال المصلح المصري “محمد عبده” رفض ثورة عرابي ضد الإنجليز عام 1882م فوفق كلام عرابي -لولا الاستعمار الإنجليزي لما تمتعنا بهذه الحرية- على المقلب الآخر يضيف الباحث المحاضر بأن ردود فعل السنوسيون تجاه الإنجليز كانت منسجمة مع المواقف الموجودة بمصر خاصة مواقف الزعامات المصرية، والمخابرات الفرنسية أشاعت بالقول إن “رفاعة الطهطاوي” كان يقوم بالدعاية لصالح إنجلترا، وأكد الباحث المحاضر بأن كل الزعامات التقليدية في أعقاب الحرب العالمية الثانية استقرت بمصر “كإدريس السنوسي”، والزعيم المغربي “عبد الكريم الخطابي”، والوثائق البريطانية تؤكد على تلقي الخطابي دعما من بريطانيا، والشيخ “عبد العزيز الثعالبي” بتونس.

تحالف أحمد الشريف مع ألمانيا والدولة العثمانية
وأوضح الباحث المحاضر أن تلكم الزعامات كانت لها آواصر خصوصية مع بريطانيا، وهذه الأخيرة لطالما أكدت على هذه الخصوصية حسب عدة وثائق بينما تنتقد إيطاليا الموقف البريطاني، وفي المقابل شدد الباحث المحاضر أن ليبيا تعج بالزعامات والمناضلين اللذين تناساهم التاريخ الرسمي، والليبيون بمختلف مشاربهم وبمختلف أشكال المقاومة قاوموا أشرس أنواع الاستعمار، وتحدث الباحث المحاضر عن تحالف “أحمد الشريف” إبان المرحلة الأولى مع بريطانيا، لكنه تعرض لاحقا إلى ضغط ألماني وعثماني دفعه للتحالف مع ألمانيا والدولة العثمانية وهو حسب تقدير الباحث أضرّ هذا التحالف كثيرا بالحركة الوطنية الليبية، وأضاف قائلا : إن العديد من الوثائق التي عثرت عليها في الأرشيف الإنجليزي أفادت بأن الدعاية الألمانية دفعت بأحمد الشريف والزعامات السنوسية إلى التحالف مع ألمانيا والإمبراطورية العثمانية ضد بريطانيا.

مقالات ذات علاقة

مجمع اللغة يكشف أوهام جولدتسيهر عن المذهب الظاهري

مهنّد سليمان

إذاعة طرابلس تحتفي بإصدارات المغبوب الجديدة

مهنّد سليمان

طرابلس تحتفي بالكتب المستعملة

المشرف العام

اترك تعليق