المترجم الأستاذ فرج الترهونى بارع جدا في اختيار الكتب التي يقوم بترجمتها ويقدمها للقارئ الليبي بموضوعاتها التي تدور حول ليبيا والتي كتبها كتاب غربيين وأفارقة في فترات زمنية مختلفة…
وبعد قراءتي لترجمته للرواية الرائعة “الشاطئ الرابع” العام الماضي والتي كنت قد كتبت عرض عنها، أسعدني جدا أنى اقتنيت منذ أيام أثنين من أهم الكتب التي ترجمها وصدرت مؤخرا عن دار الفرجاتى وهي رواية المجند للكاتب الاريترى “غيريسوس هايلو” التي كتبها في عام1927م ونشرت في عام 1950م عن قصة جندي أرتيرى التحق بكتيبة ارتيرية تم تجنيدها ضمن الحملة العسكرية الإيطالية وسافر للحرب معها ضد المجاهدين الليبيين في ليبيا.
الرواية صغيرة في حجمها أقرب للنوفيلا ولكنها غنية بالحديث عن مشاعر وأفكار الشاب الاريترى المجند الذي أحرق قلب والده ووالدته لالتحاقه بالحرب في أرض ليست أرضه ولمحاربة من يقاومون الاستعمار الذي أحتل بلادهم هم أيضا وبدلا من أن يقوموا بمقاومتهم كما فعل الليبيين قاموا بالالتحاق معهم ضمن جيشهم للحرب ضد الليبيين.
الروائي يكتب عن المشاعر المتناقضة التي انتابت المجند الشاب الذي أحس بالندم عندما وصل إلى ليبيا وعايش الأساليب المهينة والمذلة التي عاملهم بها الإيطاليين في الحرب ورأى جثث الجنود الأريتريين التي ترامت في صحراء ليبيا من العطش وتنتهي الرواية بموت والدة الشاب المجند قهرا وحسرة على ولدها الوحيد الذي كانت تنتظره دون أن تدري إذا ما كان حي أم قتل في الحرب وبعودة المجند مهزوم إلى بلاده.
الكتاب الثاني هو “أهل الله” للمؤلفة اغنس نيوتون الذى تروى فيه يومياتها ومذكراتها خلال تسع سنوات قضتها في ليبيا رفقة زوجها خبير الغابات التابع لمنظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة والكتاب ممتع و يحمل قارئه إلى ليبيا في خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي عبر قلم الكاتبة الحساس والذكي في التقاط تفاصيل الحياة الليبية من خلال علاقتها بالليبيين والليبيات من الجيران والموظفين الذين يعملون معها ومع زوجها وجمالية الكتاب تكمن في تقديم بانورامية رائعة عن ليبيا التي فقدناها و التي كانت تضع أول أقدامها على طريق النمو وكان يمكن أن يكون لها شأن أخر لولا الزلزال الدامي الذى هدم كل أساس بناء الدولة الحديثة.
“أهل الله” كتاب ممتع وأسلوب كتابته جذاب بحيث أنك تشعر بالأسف عند الانتهاء من قراءته رغم أنه يحتوي على قرابة 500 صفحة، فشكرا للمترجم على ترجماته المميزة التي يتحفنا بها دائما.