قراءات

عن كتاب المُحاضِرة جازيَّة شعيتير (شجون قانونيَّة)

دليلة الزّغيبي

شجون قانونية للدكتورة جازية شعيتير
شجون قانونية للدكتورة جازية شعيتير

عندما يتبادر في ذهنك كتاب قانونيّ تتخيَّل كاتبه وهوَّ عاقدُ الحاجبين، شديدُ الصَّرامة، ولغته تُشبه التَّعويذات السِّحريَّة منها للفهم وبحاجةٍ لمترجم لفك الشِّيفرة.

هذا ما كسا ذهني وأنا أقتني الكتاب، ولم أتصوِّر أنَّ من تُحاضِر في القانون الجنائيِّ تُجيد نقد لوحة فنِّيَّة للرَّسَّامة فريدا كاهو، أو من أكتبُ تدويناتي من خلالها عن أركان الجريمة وإباحتها إن بإمكانها نقد نصوصيّ الشِّعرية في ذات المذكَّرة إذْ فاتحتُها مِن الخلف!

(شُجُونٌ قَانُونِيَّةٌ) كتابُ يأخذك في فُسحة لتُفكِّر عن فلسفة القانون، الهويَّة، الإنسانة، والأدب! خليطٌ جامعٌ سلس، ناقدٌ ويفكِّر في آن، كيف لا وهيَّ الَّتي تجعلُ مِن (نون النِّسوة) فصلها الأوَّل، و(واو الجماعة) خاتمتُها. تُنادي بالمواطنة والعدل، وتُرفق كُلُّ فصلٍ بعد تأصيله بإيجازٍ غير مخلٍّ بالتَّوصيَّات الفعَّالة.

وتستهِلُّ في الفصل الأوَّل من قانون النِّسوة بمقالٍ عن حقوق المرأة في ليبيا بتوصية: “أنَّ أمام نساء ليبيا تحدِّيات كبرى تهدِّد مُكتسباتهنِّ السَّابقة، وتَحِدُّ من الارتقاء بمكانتهنَّ. ولمواجهة ذلك! يحتجنَّ لتوحيد صفوفهنَّ، وخلق حملات لمُناصرة قضاياهنَّ، خاصةً ما يتَّصل بصياغة مسودَّة الدُّستور الَّتي لم تُعرض على الاستفتاء بعد”

كما أنَّها تُشيد بتكليف الجاني بأداء خدمات مُجتمعيَّة كعقوبة تخييريَّة وفقًا لظروف يراها القاضي مُناسبةً للمساهمة في تقويم السُّلوك، ولتحقيق غايات السِّياسة الجنائيَّة الحديثة.

وتُعقِّب على مشروع قانون العنف ضدَّ المرأة في ليبيا بمقالها المنشور بمجلَّة المفكِّرة القانونيَّة التُّونسيَّة.

وبعد الملامح الرِّئيسيَّة للمشروع مِن حيث اتِّساقه مع المشترك الإنسانيّ، إن المشروع أهمل الجوانب الإجرائيَّة في مُعالجة الجرائم ممَّا يُؤدِّي إلى إضعاف فاعليَّة القانون، فضلًا عن إهماله لخصوصيَّة المرأة في النِّزاع المُسلَّح وإهمال مسؤوليَّة القائمين على الدَّوائر الرَّسميَّة.

وعن حياده عن القانون النَّموذجي تُضيف عدم تَوافقه مع القانون الجنائيّ مِن زوايا أنَّه يعنون الموادَّ بالعقوبة وليسَ بالفعل المجرَّم، وخِلافًا لمبدأ الوضوح نجده يرسم السُّلوم المجرَّم بطريقةٍ ضبابيَّة يُعيقُ تطبيقه في الواقع، لتجد المرأة نفسها أمام سدود وأبواب تحرمها من حقِّها والمطالبة به!

وتؤكد د. شعيتير على ضرورة صياغة مشروع العنف ضدَّ المرأة مِن قِبل لجنة مِن الخُبراء في القانون الجنائيّ، وعلم الاجتماع، سيما علم اجتماع الجريمة، وبعد اتِّمام عمليَّة الصِّياغة يعقُبها حملات توعية من ذوي الشَّأن والمهتمين بالقضيَّة، الَّتي هي في الأساس قضيَّة مجتمعيَّة.


المدار | 20 يونيو 2023م.

مقالات ذات علاقة

صدور العدد الثاني من مجلة ثقافة

المشرف العام

رواية العقيد…محاولة لتأريخ ما جرى !

مهند سليمان

«بائعة الزهور».. من روائع الشاعرة الليبية عائشة المغربي

محمد الأصفر

اترك تعليق