شعر

صمت مقفر

من أعمال التشكيلية شفاء سالم
من أعمال التشكيلية شفاء سالم

كان صمتي مقفراً
خياماً خاوية وسط عاصفة رملية،
لا مفر لها أثناء ذلك
من بيع حليها، ثدييها والمناديل المزركشة للعابرين،
كانت تحاول الهرب من فكرة الملل في وجودي
تتحسس أسفل بطنها
حيث مصباح الكيروسين الوحيد في العالم
يضيء باضطراب خمسة وثلاثون ليلاً دفعة واحدة.
أتمادى في الانسحاب من القرى والمدن
أُضيق فتحة الفرجة
حتى يصير العماء والرؤية على خط واحد
تزداد انفراجاً بعد كل هزيمة
لم تكن لتستسلم بسهولة
امرأة شيطانة
تملك في جعبتها حيل لا تنتهي
عشاق في الشوارع
سكارى في الحانات
بحارة يعربدون فوق القوارب
نبلاء ودواعر في كل مدينة
مقاتلين بأطراف مبتورة تحت كل شرفة
مقامرون، وصبيان يقودون السياح إلى باب بيتها
كانت تنتظر مثل مقصلة
تعرف الوقت المناسب لكل شيء
بأردافها الصلبة كالماء
نهدها المنتصب كأضرحة الدخان
فمها الممتلئ بالشتائم واللوبان
ظهرها الناعم كشواطئ مهجورة
لم تفقد يوماً قدرتها على فن جمع الخطايا،
تربي كلاباً أثناء صمتي
تطلق ببغاوات ملونة
وتشيد طرقاً جديدة في التلال الوعرة
فاسقة، فاسقة، لا يمكن ادخارها
متهيئة كانجراف طيني
تُقسم الأيام إلى سنوات
وتُقسم السنوات إلى ضحكات مجلجلة
كانت تحيك من صمتي
ستيانات صدفية
وكلوتات عشبية لها
بمقاسات مختلفة،
فساتين عارية الأكتاف لمواعدة رجال آخرين
قفازات من أجل جرائم السرقة والقتل والسهرات الماجنة
محارم لخيم العزاء، والرقص
فوط صحية لفترة النفاس
ستائر شفافة على الابواب في فترة القيلولة
وسائد للأطفال
جوارب، وأعلام، ولافتات للاحتجاجات.
كانت تقول:
أوه أيها البائس الكتوم
أنا أحب المشوهين، أصدقهم على الفور
أمنحهم الملاجئ وخبز التنور،
هل ولدت هكذا؟ آه يا جروي
ماذا قُلتَ ليصير فمك في أذنك؟!

مقالات ذات علاقة

غير صحيح

المشرف العام

لا شيء يُخيف مثل غناءٍ ينتحب من جوفِ شاعرٍ مازال يفتشُ عن لحنٍ لصوته… !!

مفتاح البركي

عصفور على كف حديدية

المشرف العام

اترك تعليق