ينتمي الروائي المرحوم عبد الرحمن منيف الى الاشتراكية الواقعية ولكنه عبر عن نقده للفكر البرجوازي الصغير المغامر المثالي الذاتي بلغة عبثية في رواية (حين تركنا الجسر) فقد كانت شخصية الصياد زكي نداوي شخصية مازوشية تارة بسبابه المستمر على ذاته وهو يسعى لاصطياد ملكة البط في الاغوار والعنقاء كذلك التي هي حلمه ليهرب من جحيم إحباطات وإخفاقات الماضي وهو يكيل الشتائم والسباب على كلبه الوفي وردان تارة اخرى وهو يعرف في قرارة نفسه ان العجز والفشل يكمن في ذاته وليس وردان الذي يرمز للجماهير العاجزة زكي نداوي يجتر حياته حين كان مع الجنود في الجسر ويبكي على اطلال الهزيمة ويضمد جراحه لقائه بصيادين كلما مر على قرية او غابة لعلها تنسيه جراح الماضي وبطولاته التي ذهبت هباء بالتذبذب والتأرجح والمساومة وغياب التحليل العلمي الموضوعي النزعة العبثية كانت حاضرة في انتظار العتقاء التي تعوضه عن هزائمه وفي كل مرة يصف كلبه الوفي بكل الصفات البذيئة ليعوض انتظار غودو في أعماقه ويرى الماضي حسرات وما هو بمسترد لأمجاده ولا معوضا إخفاقاته الشخصية العبثية لزكي نداوي كانت تشكو من ماضي مؤلم حاضر مجهول ويهرب من عجزه كأنما يساق الى الموت.
