المقالة

مزدوجو الجنسية وتنازع الوطنية

من أعمال التشكيلية الليبية .. مريم العباني
من أعمال التشكيلية الليبية .. مريم العباني

قد يضطر الإنسان الى الحصول على الجنسية الثانية, بسبب فرص العمل او الهروب من واقع بلده الاصلي السياسي والاقتصادي والعيش في بلد اخر,نلاحظ ان غالبية مزدوجي الجنسية هم من رعايا ما كان يعرف بدول العالم الثالث ومنها دولنا العربية, وهذه الدول بمجملها تعرضت للاحتلال الاجنبي وبالأخص الاوروبي,لم يأتي هؤلاء للإعمار كما يدعون بل جاؤوا لنهب خيرات الدول ومن ثم افقارها وقتل وتشريد المناوئين لهم, وهذه الدول الاستعمارية تعمل على جلب رعايا الدول التي كانت مستعمرة من قبلها من ذوي الكفاءات بمختلف المجالات واخيرا جلب العمالة غير الماهرة لتدني اجرها.

قد يبدو الامر في بدايته انه انتقال للخبرات الى حيث تجد فرصة للإبداع والاختراع وعيش الرفاهية، لكنه في الحقيقة ما هو الا سعي محموم من قبل الدول الاستعمارية للظفر بتلك العقول والاستفادة منها الى اقصى حد ممكن وتقديم الاغراءات، وصل الامر بهذه الدول الى عدم السماح لتلك العقول المهاجرة بالعودة الى اوطانها وان ادى الأمر الى اغتيالها والشواهد على ذلك كثيرة.

نلاحظ عبر وسائل الاعلام المختلفة ان الغرب الاستعماري لا يحترم من يعيشون على اراضيه من رعايا الدول التي كانوا يحتلونها، فرغم حصولهم على الجنسية الا انهم لا يتمتعون كأقرانهم (الاصليين) بالرعاية الاجتماعية التي تكفل لهم العيش الكريم والتوظف في مؤسسات الدولة، بل نجدهم يسكنون في احياء تفتقر الى ابسط الاشياء من مصادر للمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية ويعملون في المهن الوضيعة ويعاملون بقسوة من قبل السلطات البوليسية والزج بهم في السجون ولا ينصفهم القضاء، فعن اية حقوق يتشدق هؤلاء؟     

الانكى من ذلك ان بعض مزدوجي الجنسية يعملون لصالح الدول التي منحتهم الجنسية على حساب دولهم الاصلية وبالأخص في مجال ما يسمى زورا وبهتانا بحقوق الانسان (شعارات براقة هلامية يختطها الغرب كيفما يشاء)حيث ان هؤلاء(مزدوجي الجنسية) يسعون الى اثارة القلاقل في بلدانهم من خلال وسائط التواصل الاجتماعي, بل يذهبون الى بلدانهم الاصلية وقيادة مظاهرات ضد أنظمتها, ليقينهم التام بان من منحوهم الجنسية وشجعوهم على تخريب بلدانهم, سوف يسعون الى استرجاعهم بكل الوسائل خاصة وان دولهم الاصلية لا حول لها ولا قوة, وعندما تعمد دولهم الاصلية التي لازالوا يحملون جنسيتها الى محاكمتهم على ما ارتكبوه من اعمال عنف واثارة للشغب, بل الى تزويد من منحوهم الجنسية بمعلومات تمس بالأمن الوطني تقيم الدول الغربية الدنيا ولا تقعدها وتطالب تلك الدول بترحيلهم لانهم يحملون جنسيتها وهي مطالبة وفق القانون بحمايتهم, ومن هنا يبدأ ما يعرف بتنازع الوطنية.

ترى لماذا لا تسعى الدول الاصلية التي لاحول لها ولا قوة على مجابهة الغرب الى سحب الجنسية من كل من سعى الى الحصول على جنسية اخرى ويعمل لصالحها بل يسعى الى اثارة الفتن ببلده الاصلي فهؤلاء لا فائدة ترجى منهم بل ولاءهم لأسيادهم الذين منحوهم الجنسية وجعلوهم اعينا على بلدانهم، ومن ثم في حالة قدوم هؤلاء الى بلدانهم الاصلية وارتكاب اعمل شغب فانهم يعاملون كأجانب وتطبق عليهم النصوص والأعراف الدولية التي تحكم علاقات الدول.

لقد لاحظنا وبأم اعيننا ان مزدوجي الجنسية الذين عادوا الى (بلدانهم) عقب الاطاحة بأنظمة الحكم ضمن مسلسل الربيع العربي، تولوا مناصب قيادية ونهبوا ثروات شعوبهم وعندما ابعدوا عن السلطة رحلوا الى مانحيهم محملين بتلك الاموال، انهم وبكل بساطة عملاء بمرتيه الخيانة العظمى.

مقالات ذات علاقة

حقيقة الطريق من مدينة الزاوية الى مدينة جنزور ، أياما مضت  

محمد علي المبروك

حكايتي مع الدكتور علي فهمي خشيم

سعيد العريبي

أين ليبيا التي عرفت؟ (18)

المشرف العام

اترك تعليق