الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
استضاف المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية محاضرة للدكتور “محمد عبد القادر الأنصاري” بعنوان (نظرة على التواجد الأندلسي بليبيا) من تقديم الدكتور “علي الهازل”، وذلك مساء يوم الأربعاء 22 من شهر فبراير الجاري بقاعة المجاهد بطرابلس ضمن الموسم الثقافي للمركز لعام 2023م، وأشار المحاضر في توطئته إلى أن سبب تسمية الأندلس بهذا الاسم نظرا لسكانها الأصليين قبائل الوندال، وأهل الأندلس الأقحاح هم المسحيين الموحدون على مذهب أريوس اللذين لا يعترفون بالتثليث ويقولون بأن عيسى رسول الله، وهؤلاء تم اضطهادهم لسنوات طويلة من قبل الملك “ريكاردو” في اجتماع طليطة الكنسي عام 589 ميلادي، وعندما قدم الإسلام لمنطقة شمال إفريقيا رأى أهل الأندلس المسيحيون الموحدون في المسلمين أخوال لهم دينيا، وأوان ذاك الوقت توفي أول من وطأت قدمه بلاد الأندلس مع الفاتحين عام 92 هجري الصحابي “منيذر الأنصاري” الذي عاد ودُفن في مدينة طرابلس وماتزال مقبرة تحمل اسمه حتى اليوم.
وأضاف بالقول : عقب سقوط الأمويين أمام العباسيين وقيام الدولة العباسية بانتصار أول عباسي تمكن عبد الرحمن الداخل -صقر قريش- الفرار ولاذ بالأندلس ليؤسس أول دولة إسلامية أمومية هناك، وأوضح المُحاضر بأن اللوحة التي تعرض من حين لآخر حول عملية امتهان المسلمين إبّان ظروف هزيمتهم أمام الأسبان تبيّن نوع من الانقاص من شأن المسلمين هذه اللوحة التي توضح تسليم مفاتيح مدينة غرناطة تم تكذيبها من قبل بعض المؤرخين الأسبان واعتبرت هذه اللوحة من وحي خيال المنتصر الأسباني فقط إثر العثور على ثيقة غير منشورة من الأرشيف التاريخي الوطني لمدينة بلد الوليد رسالة مبعوثة إلى أسقف ليون من شاهد عيان على أحداث تسليم غرناطة مؤرخة بتاريخ 8 يناير 1490 يشرح فيها أن تسليم غرناطة وقع بشكل سري غير معلن بقصر الحمراء.
أصل التسمية
وأوضح المحاضر أنه عقب السنوات الأولى لسقوط غرناطة هاجر عدد جم وكبير من أهلها وفقرائها وعلمائها وسادتها، وعبر بعضهم إلى المغرب واتجه البعض الآخر إلى تونس وما جاورها من البلدان بينما تنصّر أو تظاهر بالتنصر من آثر البقاء في الأندلس ولو كان تحت حكم النصارى اللذين ارتكبوا المجازر والمظالم بواسطة محاكم التفتيش، وتابع بالقول أنه بعد يأس النصارى بتنصير من بقي في الأندلس من مسلمين تم في سنة 1609م طرد ما يزيد عن ربع مليون من مفكري الأندلس ليتشتتوا في جميع أنحاء المعمورة ووصل منهم لشواطئ المغرب والجزائر وتونس بأعداد كبيرة جدا قُدّرت بحوالي نصف مليون شخص فزادت هذه المجتمعات ثراء وحضارة وقوة، لافتا إلى هروب عدد من المورسكيين بعد قرار الطرد وهو اسم اطلقه الأسبان على شريحة المسلمين اللذين تظاهروا باعتناق المسيحية أو اللذين تنصروا بالفعل فأسموهم المدجنين، وانضم بعض هؤلاء المورسكيين إلى جماعات الغجر الرُحل في أسبانيا.
تأثير المورسكيين
وتابع قائلا: ما جعل عددا كبيرا منهم ينتمون لأصول إسلامية، ووجد المهاجرون الأندلسيون ترحابا من أهالي المدن الجزائرية الكبيرة وأثرت هذه الهجرات على المجتمع الجزائر وتطوره خصوصا في الزراعة والفنون، وكذلك الحال في المغرب حيث نقل الأندلسيون عند نزوحهم إليها تقنيات متقدمة في الزراعة والهندسة والمهن الحرفية مما جعل المغرب الوريث المعاصر للحضارة الأندلسية الإسلامية وفي تونس أيضا كان تأثير الأندلسيين إيجابيا، وكذلك الحال في ليبيا التي هاجر إليها عدة آلاف من الأندلسيين نحو طرابلس والمناطق المجاورة لها، وأوضح بأنه في الوقت الذي كانت تتصارع فيه الدويلات الإسلامية في الشمال الإفريقي كالحفصيين في تونس والسعديين في الجزائر والوطاسيين في المغرب كان المخطط الصليبي يهدف لإزالة النفوذ الإسلامي بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط فتقدمت إسبانيا في مطلع القرن العاشر بقوات بحرية ضخمة لغزو شمال إفريقيا، فيما استعرض المحاضر خارطة توزع العوائل الأندلسية وانتشارها على عدد من المدن والعواصم العربية والإسلامية، ويتكوّنون من عرب مسلمين وبربر أمازيغ ويهود وهم مجموعات كانوا مندمجين في بوتقة حضارية مشتركة اسمها الأندلس، مضيفا بأن العائلات في ليبيا المنحدرة من أصول أندلسية لم تخضع دراسة مستقلة.
مفاتيح للبحث
مبيّنا أن هذه العوائل كانت مندمجة مع القبائل والمدن الليبية وتسمت بأسمائها، وأشار في هذا الصدد أنه قد تم الاعتماد على ما تناقلته الذاكرة الشعبية في ليبيا فقط أو ما سطر في كتب ووثائق تناولت هذه الجزئية، وتابع بالقول أن أسماء العائلات الأندلسية بتونس لديها امتداد في ليبيا ففي مرحلة ما من التاريخ كانتا طرابلس وتونس ولاية واحدة، موضحا بأن بحثه لا يؤكد أو ينفي تشابه وعلاقة أسماء العائلات الأندلسية ببعضها البعض لكنه يعطي مفاتيح للبحث والتقصي.