طيوب الفيسبوك

وجبة ليبية في إيطاليا (1)

من أعمال التشكيلي محمد العارف عبيه
من أعمال التشكيلي محمد العارف عبيه

في يوم شتوي مشمس، من أيام عام 2000م، كنت وصديقتي نتسوق من (فيا نسيونالي) أحد أكبر الشوارع التجارية بروما.. وأثناء مرورنا من أمام أحد المحال الكبيرة، استرعى انتباهنا أربعيني بملامح شمال متوسطية، قد يكون إيطالي أو إسباني أو يوناني أو.. ينظر إلينا ويبتسم، وعندما تأكد من أنه لفت انتباهنا، وجه إلينا الحديث بلكنة طرابلسية قحة، يدعونا بإصرار للدخول ورؤية بضاعة محله.. أربكنا الأمر في البداية لأن هذا السلوك غير معتاد في الشوارع التجارية الإيطالية اولاً، وثانياً من يكون هذا المتوسطي المتحدث باللكنة الطرابلسية؟

فضولنا انتصر في الختام ودخلنا.. بعد الترحيب بحفاوة بالغة تثير الاستغراب، عرف بنفسه قائلاً: أنا (موريسيو).

زاد استغرابنا، فكيف لمن يتحدث العامية الليبية بطلاقة أن يكون هذا اسمه؟؟

بعد التعارف، تبادلنا الحديث ومن خلاله اتضح أن (موريسيو) عرف إننا ليبيات من جار له تسوقنا منه أحذية في اليوم السابق،  لذلك اليوم،  وأثناء شربنا القهوة التي أصر أن يعزمنا عليها، كانت المفاجأة الأولى طلع (موريسيو) يعرف والد صديقتي، بل هو صديق قديم ومقرب له، وبينهما تعامل تجاري كبير مستمر حتى تلك الساعة.. أما المفاجأة الأكبر واللي خلتني نفقد البوصلة تماما.. هي أن (موريسيو) هذا طلع يهودي ليبي، من الذين خرجوا أو (اضطروا للخروج) من طرابلس بعد نكسة 67.. طبعاً الأمر لم ينتهى عند هذا الحد.. فـ(مورسيو) بعد أن تبضعنا من عنده وأهدانا تخفيضا محترما، أصر على عزومتنا في بيته.. وأثناء تواجدنا في المحل اتصل بوالدته تلفونياً يخبرها بلقاء ابنة صديقه والسعادة تكاد تقفز من عينيه، وطلب منها التأكيد على عزومته لنا.. أعطى سماعة التلفون لصديقتي في الأول وبعدين تحدثت معي أنا أيضا تعزم بحرارة خالصة.. وما نحكيلكم على الطريقة اللي اتكلم وتعزم بها تلك العجوز، والله كأنها مازالت تقيم في طرابلس ولم تغادرها من سنوات طوال، وقالت لي: سأطبخ لكم أنا بنفسي أكل ليبي.. خرجت من محل (موريسيو).. مستكّة تماماً وحاله فمي زي الهبلة ومذهولة على عيني.. ومش عارفة نستوعب اللي صار…

يتبع…

مقالات ذات علاقة

المبدعون الشباب

أحمد يوسف عقيلة

فصيح وعامّي

أحمد يوسف عقيلة

مسرحيتان للقمودي

المشرف العام

اترك تعليق