المقالة

ألوانٌ من الأدب

عاشور الأطرش

من أعمال التشكيلي الليبي_ عبدالرزاق حريز
من أعمال التشكيلي الليبي_ عبدالرزاق حريز

تلك الباقة من الورد والزّهر تتباين في أشكالها وألوانها وأحجامها، ومع ذلك تنشر ذوعها وعطرها مع تباين في درجة النّفاذ والرّائحة.

كذلك الأدب مختلفٌ في ألوانه وأشكاله بين مقالة ورواية وقصّة وشعر، على أنّه يسترعي أذواقًا متباينة من القرّاء وإن كانت المتعة والشّغف والتّسلية حاضرة كما رائحة وعطر الورد والزّهر.

تُرى ما الّذي يجذب هذا إلى هذه الوردة، وذاك إلى تلك الوردة، وغيرهما إلى زهرة غير الزّهر؟ هل هو الّلون أم شفافية الوردة والزّهرة، أم درجة النّفاذ والرّائحة، أم هو الذّوق من وراء ذلك الخيط الرّفيع الواصل بينهما؟

قد يكون هناك سبب، وقد لا يُرى ولكن شيئًا ما هفت نفس هذا إلى هذه، وغيره إلى تلك.

كذلك الأدب، نجد البعض لا يستطيع مقاومة رؤية رواية في رفّ مكتبة حتّى يقتنصها ويقرأها بشغف، وآخر يميل إلى قصّة وذاك إلى ديوان شعر، وغيرهم إلى كتاب حوى مقالات. ومع أنّ من تأسره وردة أو زهرة إلاّ أنّ ذلك لا يعني إعراضه عن وردٍ وزهرٍ آخر. كذا قارئ الرّواية لا يشيح عن قراءة القصّة والمقالة والشّعر، وكذا الحال مع قارئ القصّة والمقالة والشّعر.

إنّ ما يجذب في المقالة براعة الحبك، وعدم بذخها في الخيال وإطالة الوصف. فهي تسهب بقدر يتماهى مع سياق الموضوع على تعدّد مقاصده ومجالاته.

إنّ من يقصد النّقد لا تسعفه إلاّ سطور المقالة، ومن أراد أن يُعبّر عن فكرة خطرت له لا يجنح إلاّ للمقالة، ومن هاجت به ذكريات الأمس أو واقع اليوم أو تطلّع إلى الغد كانت سطور المقالة كفيلة بذلك القصد. فمرماها قريب قرب الفكرة من الّلغة المطاوعة الحاضرة.

فإذا كانت الرّواية وردة أو وردات، أو زهرة أو زهرات، وكذا القصّة وديوان الشّعر؛ فإنّ كتابًا يحوي مقالات يكون حديقة زاخرة بأنواع الورد والزّهر.

وتبقى ذائقة القارئ وذلك الخيط الرّفيع وراء التّباين والاختيار، والسّبيل إلى متعة وشغف، وفائدة في الوقت نفسه.

10/9/2022 م.

مقالات ذات علاقة

عن محمّد حسن …ذِكَرتك وجنبي شمعة !

المشرف العام

د. محمود ملودة يحلل اتجاهات النقد الصحفي في المتون الليبية

عبدالسلام الفقهي

هذا الذي صنعته أيدينا من الآخر؟

حسين بن مادي

اترك تعليق