مفهوم الولاء والانتماء للوطن في يوم الوطن
تختلف الدول في كل انحاء العالم على ترسيخ مفهوم الولاء للوطن بين موطنيها حسب التوجه العام للدولة والمواطن. فبعضها حقق الولاء للوطن من خلال اعتزاز مواطنيها بالقوة الاقتصادية وتفاخرهم بمستوى خدماته الصحية والتعليمية والاجتماعية، مثل: الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وأستراليا ونيوزيلندا. وبعضها من خلال تباهي المواطن بمراتب وطنه المتقدمة بين دول العالم في التقنية والإبداع الفكري والبحث العلمي والقوة العسكرية، مثل: أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا. بعضها من خلال التجنيد الإجباري لكل مواطن دون استثناء، مثل: سويسرا والنمسا وفنلندا، واعتقد ان الدول العربية تتباهي بالقبيلة وبالتنوع الديني وربط العروبة بسماحة الدين الاسلامي.
الا أن ما زال هناك خلط بين مفهومي الانتماء والولاء عند الكثيرين، فهم لا يميزون بين مصطلحي الانتماء والولاء، ولا يفرقون بين هذين المعنيين. فالانتماء أقوى ارتباطاً بالأرض والوطن والهوية راسخ في جذور الجغرافيا والتاريخ والبيئة، وضارب في أعماق معنى الولاء الحقيقي للوطن، وبشكل لا يتزحزح أمام نواب الدهر. اما الولاء في قواميس اللغة يشير كمصطلح إلى تلك الرابطة العاطفية وهو الاخلاص والتأييد والمناصرة للشخص ما أو الدين أو المذهب أو العائلة والقبيلة وهذا يُضعِف الإيمانَ والاخلاص للوطن
هناك تعريف جامع واضح، موجز وبليغ لمفهوم الولاء، قاله الفيلسوف الأميركي جوزاياه رويس، الذي يرى أن الولاء هو ” إخلاص شخص لموضوع إخلاصاً طوعياً وعملياً غير مشروط”
والولاء بما أنها رابطة عاطفية فإنها تكون عن اختيار وعن رضا، ولا شي يقوم الدليل عليها إلا من خلال آثارها. بخلاف الانتماء الذي يقوم على أسس ووقائع محددة ومعروفة سلفاً.
والسبب في الخلط بين مفهومي الولاء والانتماء راجع لمناهجنا التربوية في تعلم مادة الوطنية، التي لا تفرق بين الانتماء والولاء، وربما يكون واضع هذه المناهج قد أتى من خلفيات خاصة (عائلية أو قبلية أو فقهية) خلفيات فرضها الواقع في زمن مضى.
ولترسيخ مفهوم الولاء للوطن لابد من الرجوع الي تنشئة جيل متشبع من بداية نموه الفكري بأساليب وسائل التربية في المكانة الأولى قبل وسائل التعليم، بنشر بمبادئ الآداب العامة واحترام السلوكيات واكتساب المهارات بشتى انواعها والتركيز على قراءة قصص نبلاء وعلماء الوطن.
فالانتماء في اللغة يتضمن معنى الانتساب للأرض والدفاع عنها، ويشير في المصطلح غالباً إلى تلك الرابطة الوثيقة بهوية الوطن بغض النظر عن الأيديولوجيا المتغيرة وتوجهاتها الفئوية الضيقة.
لذلك لابد الآن من التركيز على مثل هذه المفاهيم وإشاعة ثقافة المكان والولاء للوطن والأرض والشعب. اي التمسك بوحدة الوطن وهويته، وليس الولاء للحزب أو القبيلة لذا لابد أن يتلازم الانتماء للوطن مع الولاء لقيادته (الحاكم) في كل الحالات.
فالانتماء الحقيقي هو الالتصاق بالأرض والانسجام والتناغم في بوتقة هوية الوطن والانصهار والذوبان فيها، فـ«الدين لله والوطن للجميع»، والانتماء صفة نكتسبها بحكم الولادة والمنشأ في نفس المكان أو حتى الإقامة الدائمة، لذلك فهو صفة غير قابلة للتجزئة والتشرذم. وأن هذه الرابطة لا تنحصر في مجرد الاحساس بالانتماء عاطفيا، وإنما في إدراك المواطن وايمانه بأن هناك التزامات وواجبات نحو الوطن لا تتحقق المواطنة دون التقيد الطوعي بهذه الواجبات.
1- فعلي المواطن العمل على تنمية الوطن وحماية هويته القومية والدينية واللغوية والثقافية والحضارية.
2- الشعور بالمسؤولية عن المشاركة في تحقيق المصالح العامة، والالتزام باحترام حقوق وحريات الآخرين، واحترام القوانين التي تنظم علاقات المواطنين فيما بينهم، وعلاقاتهم بمؤسسات الدولة والمجتمع، وخضوعهم جميعا في مساواة مطلقة لمبدأ سيادة القانون دون تمييز او استثناء،
3- والمشاركة في الدفاع عن القضايا الوطنية، في مواجهة التحديات والأخطار التي قد تهدد الكيان الوطني في أي وقت، والاستعداد للتضحية من أجل ضمان وحدته وسيادته واستقلاله.
1سبتمبر 2022