الكتابة عن تجربة المفكر والفيلسوف والأديب مصطفى محمود، تتطلب من صاحبها جهدا كبيرا من أجل الإلمام بكل تفاصيل الرحلة. هو جمع بين الطب والجراحة والفكر والدراسة والفلسفة والرحلة والإبداع، كتب القصة والرواية والمسرحية والمقالة الفكرية والفلسفية، جمع بين مشرط الجراح، وبين قلم المبدع ليقف على حقائق علمية جمة، وأفكار فلسفية في الحياة تقود القارئ الى عوالم الإيمان، وأبدع في تجاربه الأدبية في فن القصة والرواية والمسرحية، وقطع مسافات بعيدة في أدب الرحلة التي لها أبعاد روحية رائعة، ورغم ذلك واجهته فئة من الخصوم عن جهل أو عمد ليقولوا عنه الأقاويل والشائعات. . ولد مصطفى محمود في 27 ديسمبر 1921 في شبين الكوم بمحافظة المنوفية ب دلتا مصر وكان له شقيق توأم توفي وبقي مصطفى على قيد الحياة.
اسمه بالكامل مصطفى كمال محمود حسين محفوظ درس الطب وتخرج في الجامعة عام 1953 ويحكي في مذكراته التي نشرت صحف مصرية بعضا منها أنه أثناء دراسته الجامعية عشق العزف على الناي ويقول “لقد شاء القدر أن أتعرف على عبدالعزيز الكمنجاتي والراقصة فتحية سوست، وكانا أصحاب فرقة لإحياء الأفراح والطهور واتفقا معي أن أنضم لفرقتهما ووافقت دون مقابل مادي وهذا ما أثار دهشتهما، لكني قلت لهما أنا أهوى العزف فقط ولا أنوي احترافه”.
ويضيف قائلاً “لقد انزعجت والدتي من عشق ابنها للناي خاصة بعد تكرار مجيء الأسطى عبدالعزيز لمنزل العائلة ولسانه يردد لها عبارة واحدة يختلف فيها اسم المكان الذي يشير إليه لحضور مصطفي للحفل سواء في درب البغالة أو في الأنفوشي أو في السيدة، ولذلك كانت الوالدة تعنفه بشده وتغضب لما يقوم به ابنها”.
كتب ما يقارب 89 كتابا فضلا عن برنامجه الشهير العلم والإيمان الذي بدأ تقديمه سنة 1979.. ومن المعلومات التي ربما لا يعرفها إلا القليلون أن الرئيس السادات عرض على الدكتور مصطفى محمود تشكيل الوزارة ولكنه رفض وقال للرئيس: لقد فشلت في إدارة أصغر مؤسسة وهي الأسرة وقمت بتطليق زوجتي فكيف أنجح في إدارة وزارة كاملة.
تعود شهرة المفكر الراحل إلى برنامجه العلم والإيمان، الذي قدم منه على شاشة التلفزيون المصري 400 حلقة، وأصبح أشهر البرامج التلفزيونية وأوسعها انتشارا وتوفي في تمام الساعة السابعة والنصف من صباح السبت 31 أكتوبر 2009 بعد رحلة علاج استمرت عدة شهور عن عمر ناهز 88 عاما. وهو القائل: الناجح هو ذلك الذي يصرخ منذ ميلاده جئت العالم لأختلف معه.
فليتنا تعلمنا أدب الاختلاف مع العالم بحكمة وفكر نيّر وإبداع رائع ممتع.. رحم الله العالم والفكر والأديب مصطفى محمود