العطشى لا وقت لديهم لرؤية النصف الفارغ من الكوب هم مشغولون بشرب النصف الممتلئ.
لقد أخبرتني زميلتي في أحد الصباحات التي لا تنسى، أن وجهي اليوم يبدو كالحا عابسا مرهقا، ورغم كل ما تحمله العبارات من معانٍ سلبية إلا أن العطشى أمثالي ينظرون مباشرة إلى النصف الممتلئ من الكأس، فلا وقت لديهم لإضاعته في تأمل النصف الفارغ، لأنهم يحفظون الفراغ عن ظهر قلب، ويتركون تلك المهمة ليقوم بها المرتوون، ومن هنا ذهبت بمخيلتي بعيدا، قائلا لنفسي ليس لذلك معنى إلا أنها كانت ترى وجهي على غير ذلك في الأيام الماضية، رغم إيماني التام أن وجهي عابسٌ منذ الولادة، فقد تقمصت دور نذير الشؤم الذي عليه أن لا يبدو وسيما أو يبتسم، وبينما كنت في لحظات الحسابات والخيارات التي لا تنتهي، والتي كانت تقف حائلا أمام أي مبادرةٍ أقوم بها دائما، عجلتني زميلتي بضربةٍ قاضيةٍ أخرى، حين أخبرتني أن وجهي كان خلال الأيام الماضية مشرقا مبتسما، كان لابد أن أندهش، لم يخبرني أحد من قبل أن لي وجهٌ يمكن أن يتصف بهذه الصفات الملائكية.