( هـ )
… منتصف الليل.. نَوبة حراسة.. كلب الشرطة الأجنبي ينبح ببلاغة.. بصوت رخيم.. لكنّ كلابنا ـ التي لا تنسجم إلاّ مع نباحها وهَريرها ـ آثرت أن تجتمع في أعلى الوادي.. تشرع في النباح الجماعي بإيقاع مَحَلِّي شَرِس.. هل هي محاولة للتشكيك في مقولة (نابح الحيّ لا يُطرِب)؟!
( و )
… كلابنا ترفض تغيير شكل ذيولها المعقوفة إلى الأعلى من باب التمسُّك بتراث الكلاب.. وهو أمر يُحسَب لها.. فهناك من يُغيّرون ذيولهم في كل لحظة.. تَرى أحدهم في الصباح بذيل.. يُفاجئك في العَشيّة بذيلٍ آخر.. وفي آخر الليل يُمرّ عليك مترنِّحاً مقطوع الذيل!
( ي )
… حارس الغابة يزمِّر على نَقْرة واحدة طوال الليل.. يضع مزماره في المخلاة.. يبصق.. يصرخ تلقائيًّا.. صرخات وطنيّة.. لبعث الطمأنينة في نفسه أكثر من إخافة الفَحّامة..
يمرّ بالقرب من مراح الماعز.. يهتزّ طرباً حين يسمع أحد التيوس يُلبلب بأسلوب شرقي!
يربط حماره.. يجلس على قَفاه الوطني.. يَمدّ رِجليه الليبيتين.. يتثاءب بطريقة تراثية!
الحمار أيضاً ينهق نَهقة تاريخية.. يبرطع على الطريقة الليبية.
( ة )
… آخر الليل..
تَماهَت نَقْرة مزمار حارس االغابة مع لبلبة الفحل ونُباح الكلاب.. دون أن يتخلَّى أحدهم عن الإيقاع المحلِّي.. وفي ظلام الوادي يُمكنك أن تشمّ رائحة دخان الفَحّامة.
ينتشي الحارس وهو يشمّ رائحة الدخان:
ـ يؤلمني قطع الغابة.. لكنّ رائحة دخاننا مميّزة.. أصيلة!
***
(2008)