انتعل خفه البال، والتمس طريق الظلام بتمهل المنتشي بعظيم الفقد.
بتمائمه المعلقة على صدره الاجش تتلاعب حبيبات النرد تصدر صوتا يهتك أستار الصمت وتلابيب الظلام. من ذات الدرب وبين الحقول المظلمة من هنا مرت أيام العمر. من هنا سلكت أوشاج العشق دروب القلب.
قال العراف أن عظيم الحب لا تكتنفه الخطايا. والخطايا معجونة فينا نحن بني البشر. وبهكذا طرح يكون العشق دوما سليل للذاهب نحو الأفول، يطبق الظلام وتزداد قسوة اللحظة.
ينحدر به المقام المترامي عبر صخور يغلب السواد أديمها.. يترجل عن نعله المنهك. يستند يسحب كما من زفير وكأنه ينعتق من حبل المشنقة.
عندما ضرب الحياة بيده صارخاً.. لحظة الانسلاخ من رحم الأم. كتبت له هذه المسيرة عبر حطام زائف وكأنه سراب في صحاري التيه يحسبه الظمآن ماء. اشتد عوده وساعده وبالحنان كانت الأم ترقبه وهو يزداد تشبعا من لبن الحياة بعد أن نهل من ثدي أمه ما قدر.
كانت الأم حبيسة للوقت والانتظار بعد سماعها اختفاء الاب في طريق القوافل مع بقية المتاجرين فزمن قطاع الطرق قد ساد من جديد. عند تلك الصخرة تذكر تلك الوصية وتلك التعويذة من آلام وهي تفارق جحيم الدنيا..
.. بصوت متعطل الصوت متقطع المعنى.. لن تجد لك بيت غير البيت الدائم بين أضلاعك. لن تجد ونيس يسقيك الحب.
نبوءة العراف.. والتمائم الغائرة في تضاريس الصدر الكث. ها قد لاح وقتها. ذلك العراف القابع في عمق الوقت يصدح دوما بالخراب. لا يحق لك بتغيير لونك.. ستبقى سامعا لثغاء الماعز في هذه الآفاق.