من أعمال التشكيلي علي الوكواك
قصة

الحصّالة

من أعمال التشكيلي علي الوكواك

تعتريه الحيرة ، ماذا سيفعل؟! قلق ، مهموم طوال اليوم، نفدت الدنانير التي يملكها ، المرتب الشهري تأخر كثيرًا، أولاده يلاحقونه بأعينهم المنطفئة ، بطلباتهم اليوميّة ، يسمع أصواتهم وإن لم ينطقوا: –
– ياأبانا ، نريد خبزًا ، لبنًا ، لحمًا ، دواءً ، كتبًا ، أقلامًا .
زوجته تكرر طلباتها المعتادة ، تشتكي سوء الحال ، رأسه لم يعد يحتمل الضجيج العارم ، كم يكون المرء ذليلًا، ضئيلًا عند خواء الجيوب
. . أية انكسارات تجعله يختفي عن جارهم البقال ، تراكم الدين ، لم يعد له وجه ليقابله، هذا الصباح لم يعثر على درهم واحد لشراء رغيف خبز ، ماذا سيفعل ؟ آهٍ ، حصّالة ابنه الأصغر ، يحاول أن يتذكر ، أين مخبأة ، إلى جانب سريره ، فوق دولاب الملابس المنخور، المشترك بين الأولاد ، اتجه إلى حيث يتكوم الأطفال الأربعة .
يتسلل على رؤوس أصابعه ، بهدوء ، يخشى أن يستيقظ أحد منهم ، يقف على طاولة خشبية متآكلة، يمدّ يده إلى سطح الدولاب المغبر ، يتحسس بأصابعه موضع الحصّالة الخزفيّة ، يجدها ، يهم بجرّها نحوه ، تترنح ، يدفعها بعيًدا كي لا تهوي على رأس طفله النائم ، تسقط على الأرض الأسمنتية ، تهشمت ، تتناثرالنقود المعدنية على الأرض ، صوت ارتطام ، ورنين النقود، حركة جسمه المترنح كلها أيقظت زوجته،والأولاد مذعورين ،أصغرهم يصرخ مفجوعًا،يحملق في حصّالته المهشمة ، ونقوده المبعثرة . تلتصق به استفسارات أعين ابنائه ! هرول مبتعدًا عنهم ، شعر أنه طفل مرتبك ،يركض خجلًا ليتوارى عن الأنظار يجرّ ذنبًا مخجلًا اقترفه.

مقالات ذات علاقة

عندما تتداعى الأشياء

أسماء مصطفى

حالة انتظار

عزة المقهور

الشيء الذي حدث

عائشة إبراهيم

اترك تعليق