رمزي حليم مفراكس
الحالة التي تشهدها ليبيا حالة الأطراف السياسية والمليشيات المسلحة في الفترة الأخيرة أمرا ملاحظا، حالة كانت في عدم قبول التنازلات السياسية لوجهة استقرار الدولة الليبية المعاصرة، القانون الأعلى لدولة الليبية هو الحكم في فصل النزاع بين الجميع الأطراف المتخاصمة والمتصارعة على السلطة.
وعلى غير عادة الدول المتقدمة ديمقراطيا، منها دولة ليبيا في الحصول على قيادات سياسية أو فكرية تعمل على إرساء فكر الدستورية الشرعية الليبية لإنهاء صفحات الماضي وإعادة كتابة التاريخ السياسي الحديث والمعاصر لنظام السياسية التعددية الديمقراطية.
فعلى الرغم من وجود اشتباكات مسلحة بين قوات موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية ، وأخرى موالية لرئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، إلا آن مستوى الاشتباكات كانت محدودة جدا بين الأطراف المتنازعة والبقاء في السلطة وعدم التنازل عنها.
لكن التعاون والتضامن والرضاء والقبول والتنازل على السلطة التنفيذية بين أطراف النزاع السياسية والمسلحة، كان فعلا خاليا على مستوى العلاقة الدستورية الشرعية الذي يحددها الدستور الدائم في البلد، بل أن مستوى العلاقة بينهما يشبه القطيعة في الانتخابات الرئيسية والبرلمانية التي حددتها لها القواعد الانتخابية الليبية من المفوضية العليا لانتخابات الليبية.
تبدو فكرة بناء الدولة الدستورية الليبية وإعادة الدستورية الشرعية أمر غير متفق عليه وغير مرحبا به في المجال السياسي حتى بعد ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة، ونظرية الدولة الدستورية، ولهذا السبب غموض بناء الدولة الدستورية الليبية يفتح نموذج الجماعات المسلحة الليبية في دائرة المليشيات المسلحة التي تناصر البعض بالبعض الأخرى.
ويتناول مفهوم الدستورية الشرعية من زاوية اصطلاحية، النظام السياسي الجديد، تكون فيها ليبيا دولة مدنية غير عسكرية ، انطلاقا من دولة الربيع العربي على مستويات وهي الشكل والمضمون والسياق التاريخي التي مرة بها ليبيا في العقود الماضية من أنظمة سياسية متعددة منها نظام المملكة الليبية وانقلابات عسكرية مسلحة الى الجمهورية الليبية الى الجماهيرية الليبية الى ثورة فبراير الشعبية الليبية.
فمن المؤكد والثابت في الدستورية الشرعية أن مفهوم الدولة الدستورية الليبية يجب أن تقوم على دستور دائم ومنظمة من القواعد التشريعية والتنفيذية والقضائية ، فالدستور الدائم في البلد يبلور لنا جملة القيم والأسس التي تقوم عليها الدولة الليبية الجديدة، تمتلك الدستورية الشرعية مقدرات سياسية تعمل على تعزيز التعاون والتضامن والرضاء والقبول والتنازل عن السلطة التنفيذية.
ضعف الدولة الليبية يكمن في ضعف كل خبراتها السياسية التي هي تحت تصرف المؤسسات الدستورية الليبية من اجل تعزيز سيادتها وتقوية ثقتها في المحيط الدولي، لكن أساس الدستورية الشرعية يرجع بالدرجة الأولى الى ارتضاء أفراد المجتمع الى النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعمل على تقوية الدولة الليبية من ضعفا في جميع المجلات الانسيابية.
لم تكن ليبيا في العقود الماضية دولة دستورية منبثقة من الدستورية الشرعية، لكنها كانت بعيدة عن اهتمام المؤسسات الدستورية، فقد وقعت في أيدي من نظر لها بالديمقراطية الشعبية المباشرة، فكانت تحت العديد من التقلبات والتغيرات بالحكومات بما فيها أمانات الصحة والتنمية والتجارة والمصارف والتعليم والعلاقات الدولية والأفريقية وغيرها من الأمانات الحكومية الأخرى.
لكن التجاوب لتك المؤسسات الدستورية الليبية ظل ضبابيا وغير محسوم في بناء دولة القانون الدستوري وهو اغرب الى الرفض والتجاهل المريب في تبني دستورا شرعيا لدولة الليبية، بسبب تسويف الدستورية الشرعية حتى بعد ثورة فبراير لعام 2011، ووفق ما يعرف بمبدأ فصل السلطات بحيث تقوم كل سلطة بممارسة مهامها ضمن مجالها المحدد لها دستوريا، وهذا هو التعاون والتكامل بين السلطات الليبية في الدولة الدستورية الليبية.
ونحن لا نرى أي مبرر من عدم إعادة الدستورية الشرعية في البلد، إعادة الدولة الدستورية يكون مقطع لهذا التردد من تبني الدستور لدولة الليبية، لكن ليبيا اليوم تسير عكس هذا الاتجاه أو ربما ليبيا منفصلة عن الواقع الديمقراطي الذي تتسابق فيها الشعوب العربية والإسلامية لحجز مكانة لها في المجتمع الدولي …