المقالة

لماذا نكتب..؟

لماذا كتب الإنسان الأول؟ لماذا حفر كلماته ورموزه على جدران الكهوف؟ هل الكتابة جزء من محاولات الإنسان الدؤوبة للخلود؟ لماذا هذا التجسيد؟ هل الكتابة إيجاد شكل ملموس للمهموس؟

حين بدأ الإنسان يحفر على الجدران بأدوات حادة وبحواف صخور مدبَّبة.. هل كان نوعاً من الحفر في المعنى؟ أم كان بحثاً عن شكل أكثر ثباتاً؟ هل هو اتّهام للذاكرة التي يعتريها النسيان؟ الصخر ذاكرة مكشوفة.. وأكثر دواماً.. والسؤال هنا عن الكتابة الإبداعية تحديداً.. هل الكتابة نوع من إيصال رسالة إلى الآخر؟ (أُحاول دائماً أن أوصل شيئاً غير قابل للتوصيل) كما عَبّر كافكا.. هل للعبادة أثر في ذلك؟ كما قال كافكا أيضاً: (الكتابة شَكل من أشكال الصلاة).. هل هي نوع من التنفيس كما يقول همنجواي: (نكتب لكي نطرح عنا قلقنا).. هل طرح القلق سبب كافٍ للكتابة؟ أم هي أحد عوامل البقاء.. كغريزة الخوف التي تحفز الكائن على الهرب بعيداً عن الخطر.. يقول كافكا: (أنا أكتب بالرغم من كل شيء.. وبأيّ ثمن.. فالكتابة كفاحي من أجل البقاء) ..لماذا نستبعِد المتعة؟ أليست الكتابة الإبداعية شكلاً من أشكال ممارسة المتعة؟

استوقفتني عبارة لجون رسكين (إن الغروب الإنجليزي قد أصبح أكثر روعةً بعد أن سجّله تيرنر في لَوحاته).. اللوحة شكل من أشكال الكتابة.. فهل نكتب لتجاوز الواقع؟ لخلق عالَم أجمل؟

هل الكتابة نوع من الفَضح؟ في مجتمعنا يتحدثون شفوياً عن كل المحاذير.. خاصة الجنس والدين.. عندما تسمع حكايات الناس عن الجنس تسمع العجب.. لكن عندما نكتب عن هذه المحاذير تقوم الدنيا.. ونتهم بالفسوق والمروق.. إلى آخر قائمة التهَم.. كأنّ الاعتراض هنا على (فِعل الكتابة) لا على مجرد الكلام . هل الكتابة نوع من إثبات الذات؟ (إذا وُجِد ما يُمكنه أن يَمنعك عن الكتابة.. فأنت لستَ كاتباً).. كما يقول سارويان.

هل الكتابة نوع من القتل والانتقام؟! أنا شخصيًّا حين أنتهي من كتابة القصة في شكلها النهائي يغمرني شعور بالانتصار.. ومن هنا يُمكنني أن أفهم قول وليام سارويان: (إن كتابة قصة أشبه ما تكون بهزيمة عدو).

ويظل السؤال الذي لَم تُقنعني جميع الإجابات عنه على كثرتها: لماذا نكتب؟

مقالات ذات علاقة

اللغة العربية في يومها العالمي

زهرة سليمان أوشن

شارع

فريال الدالي

قباعيات 5

حسن أبوقباعة المجبري

اترك تعليق