يقول: (اليوم أو غداً، لن تكون معركتنا بالسيف والبارود، لكنها بالقلم وعدسة الكاميرا)، إنه المناضل “أكلي شكّا” الذي يقدم في كتابه (توماست.. مصلُ الحقيقة)* وكما في العنوان التعريفي (مذكرات مناضل من الطوارق) من اجل التعريف بقضية الطوارق والأمازيغ والتي توجت بقناة توماست الفضائية.
قسم شكَا كتابه إلى أربعة أقسام، وملحقين، أحدهما للصور، وهو عبر هذا الكتاب يحكي مسيرته بداية من عمله في ليبيا مع الشركة الاندونيسية CKG العام 2007م، إلى تركه العمل فيها وهي في أشد الحاجة إليه، وقراره مغادرة ليبيا مهاجراً بحثا عن متنفس له ولقضيته، قضية الطوارق، الذين اضهدهم النظام الليبي، لذا قرر أن يقوم برحلة صحبة مجموعة من الأصدقاء في أرض الطوارق الموزعة، لتكون الشحنة التي تدعمه والجمرة التي تظل داخله حتى الوصول إلى حلمه.
في هذه الرحلة يلتقط أكلي شكّا الكثير من الصور والمواقف، لما يعنيه شعبه الطارقي من تهميش وإقصاء، قبل انه يتجه إلى أوروبا.
في 38 عنواناً وبلغة عربية سلسة، سجل أكلي مذكراته ومسيرته النضالية للتعريف بثقافة الطوارق والأمازيغ، فجاءت هذه المذكرات مسلسلة زمنياً ومتتابعة في سردها للأحداث التي عاشها وعايشها وكان طرفاً فيها.
ومما يلاحظه القارئ لهذا الكتاب ما يحتويه من معلومات وأحداث، سجلها قلم الكاتب بحيادية، ووثقها بطريقة مباشرة، ولعل لقائه بالمندوب الفرنسي العام 2014م، يعكس غاية الكاتب من وصف الأحداث ووضع الحقائق كما جرت بين يدي القارئ. كما إنه كان كثيرا ما يلجأ للتاريخ والحقائق التاريخية لتأكيد الحاضر وما نعيشه.
وهو من خلال هذه الأحداث يوثق لمسيرته النضالية من أجل التعريف بالثقافة الطارقية والأمازيغية، التي بدأت من خلال مجموعة من اللقاءات المتلفزة، لتكون من بعد قناة فضائية باسم (توماست)، وتوماست في لغة التماجقت تعني الثقافية أو الكينونة أو الأمة. بداية من رحلة التكوين إلى الانطلاق والاحتفال بها، إلى الحرب عليها، ومن بعد إغلاقها. والسبب انها انتهجت الحقيقة، والانحياز للحقيقة.
من ناحية أخرى، الكتاب وثيقة مهمة لمتابعة الأحداث التي مرت بها ليبيا، بعد فبراير 2011م، من خلال ما شهدته ليبيا من حراك سياسي وعسكري كان له أثره السلبي على المجتمع.
الكتاب رحلة شيقة، انطلقت من ليبيا وطافت أوروبا، وظلت مشدودة إلى قضيتها الثقافية والتي تحمل رسالة الحقيقة، سلاحها القلم والعدسة، بعيداً السيف والبارود.
وهنا لابد من شكر مكتبة الكون نشرها هذا الكتاب، الذي يمثل إضافة مهمة للمكتبة الليبية. وهو كتاب مميز في مادته، خاصة وإنا في ليبيا غائبون -ومازلنا- عن الكثير من المعلومات والحقائق التي تخص أخوتنا الطوارق والأمازيغ، خاصة ونحن نعيش على ذات الأرض وتحت ذات السماء ونتشارك الكثير من الأحداث التاريخية، لذا فإني وجدت نفسي أجهز على هذا الكتاب في جلستين، وأعيد قراءة بعض العناوين بشكل خاص.
____________________________
* أكلى شكا (توماست.. مصل الحقيقة / مذكرات مناضل من الطوارق)، مكتبة الكون، 2022م.