قصة قصيرة للأطفال
رقية العلمي (فلسطين)
مراد: مدرب رياضة ومسؤول نشاطات … من هواياته أيضاً تنظيم رحلات تخييم واستكشاف للأطفال… باختصار هو يحب الصغار لذلك يلعب معهم وعنده أفكارٌ متجددة للترفيه عنهم… والأطفال بدورهم يستمتعون برفقته… كما يطمئن الأهل لوجوده مع أبنائهم… إنه مدرب مخلص ونشيط…
على جدول برنامجه لقاء الأطفال في منزل زيي وسما … بوجود دارة وميرو…
دخل إلى حديقة البيت ووجد الجميع بانتظاره… جاء الموعد:
سلام … صرخ الجميع… ” مراد… مراد…” جاء مراد!
حيوا مراد…
أجاب متحمساً : ” مرحباً يا صغار” …” أهلاً أهلاً … يا مراد!”
الجو معتدل لنلعب في الحديقة، ما رأيكم أن يكون النشاط في الهواء الطلق؟
قرروا!
” أكيد … طبعاً… نريد أن نلهوَ ونمرح… في حديقة المنزل…”
نريد أن نلعب… هيا نلعب…
قال: ” نعم سنلعب … ولكن قبل ذلك يجب أن نخصص وقتاً لنشاط عقلي وفكري… من بعدها … نبدأ اللعب؛
نحتاج أربعة أقلام وأربع كراسات :
دخلت زيي إلى البيت وأحضرت من درج مكتبها الأقلام والكراسات المطلوبة:
قال مراد: ” اليوم سنقوم بنشاطٍ جديدٍ! ” … جلس ميرو على الأرجوحة بينما جلس الآخرون على المصطبة….مستمعين له بتركيز.
” أنظروا إلى هذه الحديقة المزهرة… الجميلة…والنظيفة أيضاً! أنتم تعلمون أن الأشياء لها أشكالٌ مختلفةٌ: …
الدائرة
المربع
المثلث
المستطيل…
لكن اليوم سيكون تركيزنا على الدائرة!
أريد منكم أن تسمّوا أي شيء على شكل دائرة… موجودٌ في الحديقةِ… سأعطيكم خمس دقائق ليكتب كل واحدٍ منكم ما يرى:
جالت سمسم ببصرها بين الأشياء في الحديقة… بينما امعنت زيي النظر من حولها…عندما انتهى الجميع من الكتابة…أحضر مراد الورقة وعمل جدولاً من أربعة أعمدة كل عامود مخصص لواحدٍ منهم:
طلب أولاً من زيي أن تسمّي الأشياء المستديرة التي كتبتها:
فقالت زيي:
الكرة
الوردة
لمبة النور
رأس القطة التي تعيش في الحديقة…
أما سمسم فقالت ” بأن في الحديقة الكثير من الأشياء الدائرية : عثرت على:
قوار الزراعة
خزان الماء
طاولة الطعام
حبة السرو
صرخت دارة: أريد أن أجيب…
فقال لها ميرو: لا، إنه دوري وليس دوركِ…
أجاب مراد: ” فعلاً يجب أن نحترم الأدوار فالدور الآن لميرو يا دارة وليس لكِ… تستطيعين الإجابة عندما يأتي دورك… تستطيع أن تقول ما تريد يا ميرو!”
قال ميرو ” أنا لاحظت أشياء مدورة:
الزهرة
ساق الشجرة
جذع النخلة
زهرة عباد الشمس
المظلة الشمسية
قلة الماء الفخار” ……
ممتاز يا ميرو، لكن هل تعلم لماذا نحفظ الماء بالفخار؟ لأن الفخار يحافظ على الماء بارداً بداخلها”…
لنستمع الآن إلى دارة:
نعم يا دارة، ماذا شاهدتِ؟ جاء دوركِ لتعليمنا!
ردت بصوتٍ مرتفعٍ:
بربيش (خرطوم) الماء
ساعة عداد المياه
بركة السباحة الهوائية المصنوعة من المطاط، نسبح فيها بعد نفخها وملئها بالماء…
أحسنتِ يا دارة!
لكن، لماذا خرطوم الماء دائري الشكل؟ أتعلمون لماذا؟
” يجب أن يكون مستديراً ليسهل عملية خروج الماء لسقي المزروعات والأشجار وتنظيف الحديقة…لأن الاستدارة تساعد على ضخ الماء إلى خارج الخرطوم بقوة…
صمت مراد قليلاً ثم تساءل: يوجد شيء في الحديقة مهم جداً ولكن لم يلتفت أحدٌ منكم إليه..!
ما هو … ما هو…؟
رأس الثوم فهو أيضاً دائري الشكل:
شرح لهم مراد:
عند تخزين الثوم الأخضر للمونة (وكلمة مونة تعني ما يذخر من الطعام في الصيف لفصل الشتاء)….. لحفظ الثوم لمدة طويلة… يعلق على غصن الشجرة تمهيداً لتجفيفه… لماذا على الأغصان؟ لأن أوراق الشجر تحجب أشعة الشمس المباشرة عن الثوم وتعرضه بنفس الوقت لمجرى هواء لكي يجف… وتذكروا دائماً بأن الثوم مفيد لصحة الإنسان.
سُر مراد من هذه الإجابات وأخذ يبحث عن أشياء أخرى مدورة… فلم يجد إلاوجه دارة فقال للجميع إن وجه دارة مدور… من منكم يعرف ما معنى اسم دارة؟ لكن لم يعرف أحداً من الأطفال؛ فقالت دارة ” أنا! سأقول لكم ما معنى اسمي: هو النور الذي يكون حول دائرة القمر…”
” أحسنتم جميعاً ” قال مراد: …
بعد هذا النشاط الفكري نريد أن نقوم بنشاط بدني… قالوا جميعاً نريد أن نلعب بالكرة وبما أن رمي الكرة المطاطية قد يكسر الزراعة والقوارير والأصص …
ابتكر مراد فكرة وافقه الجميع على تنفيذها…
طلب منهم عمل كرة من ورق جرائد قديم وأوراق أخرى بحيث تكون الخطوة الأولى بأن تطوى الورقة وتلف على شكل دائرة … ويعاد ذلك في الخطوة الثانية…ثم تكرر ذلك لمرات أخرى… ورقة مدورة فوقها ورقة أخرى ثم ورقة ثالثة وهكذا حتى نحصل على كرة كبيرة كروية الشكل…
فعلاً كان ذلك… ولعب الجميع بالكرة الورقية كونها خفيفة، إذا ما نزلت على الزراعة وقوارير الفخار لن تخرب الازهار وأوراق الزرع ولن تكسر الأصص في الحديقة…
بعد نهاية البرنامج…
أحضرت والدة زيي وسمسم طعام العشاء…
فانتبه الجميع بأن رغيف الخبز مدور أيضاً وقطعة الجبنة الصفراء في داخله كذلك، كما قطعة الطماطم، أما الخضار فوضعت في صحن مستدير… فيه الجزر والخيار المقطع بشكل دائري، أيضاً حبات العنب مدورة كما التفاح والمشمس…
كان هذا اليوم يوماً مميزاً!
قبل ذهابه قدم مراد كتاب ملون للأطفال بعنوان: ” الدائرة “.
تصفحته زيي وقرأت: الدائرة هي أي شكل:
مدور
كروي
دائري
مستدير
كلها تحمل نفس المعنى… لشكلٍ واحدٍ…
قال مراد: ” تبادلوا الكتاب واقرأوه جيداً… وعندما آتي المرة القادمة أريد منكم ارجاعه لي، لأنني استعرته من مكتبة المدرسة ويجب أن أعيده ليقرأه غيركم من الأطفال… لأننا نشارك في حملة تشجيع القراءة والكل يتسابق على استعارة الكتب وقرائتها…
ودّع الأطفال مراد على أمل لقائه في يومٍ آخر خلال الأسبوع القادم… دخلوا إلى بيوتهم واستحمّوا ولبسوا ملابس النوم … وذهبوا جميعهم إلى أسرّتهم…في العتمة حاول الجميع اكتشاف أشياء على شكل دائرة موجود حولهم غير التي في الحديقة…مثل ساعة الحائط والمروحة… وسلة الألعاب…
أما مراد فكان تفكيره مختلف… فقد كان يحاول أن يبتكر أفكاراً جديدةً لتسلية الأطفال وتعليمهم عن طريق اللعب والمرح…
دخل ميرو إلى سريره…… قبل أن يخلد إلى النوم… أخذ يفكر في هدوء: ” والقمر أيضاً دائري!” قال لأمه! لكنه ليس موجوداً في الحديقةِ “… قالت:” لكن ضوء القمر ينير المكان والحديقة والغرفة أيضاً …”