سارة الشريف
(1)
عزيزي ..
عندما أخبرتني بشدة
انك ترغب في رؤية مزاجي وأنا ارسم .
بإمكانك أن ترى ذلك بسهولة
فقط ..
كل ما عليك
هو النظر إلى المرآة
ولكنك لن ترى مزاجي فقط
وبعضاً من أفكاري الشائكة
وأسئلتي التي لا إجابة لها
ومسألتي التي يصعب حلها
كل ما عندي هناك
بمرآتك
هناك.. أعيش
وأتنفس
وأروي عطشي.
وهنا..
لا يوجد سوى الجزء المتبقي مني..
الجزء الفارغ من كل شيء
عدا..
حبك.
لذلك..
كل ما أحتاجه الآن هو
أن تنسكب بداخلي
ليكتمل وجودي.
(2)
عزيزي
اليوم التقيت بمجموعة من الصديقات
أو بالأحرى زميلات.
فالصداقة ليست بشيء هين
حتى تصف بها أي شخص.
اجتمعن حولي..
سألن عن..
سبب النور في وجهي..
يبدو إني لم أفلح في ابعاد وجهك عني.
كان الضوء يتسرب من كل جزء مني.
مددت يدي باتجاه السماء.
واخبرتهن ان هناك..
بعيدا.. وبعيدا جدا.
هناك قمر..
منحني كل ضوءه
وفي وضح النهار.
يصعب على أن اشرح الأمر..
فأنا فاشلة في كل شيء
ما عدا..
الحب.
اتدلى كعنقود عنب
في..
فم شريكي.
لا أريد أن اقول:
حبيبي.
لأنه شريكي
في الحب..
واللاحب
في
الحزن..
والفرح.
في الصعود..
والنزول
في الطيران..
والزحف.
كيف لي أن اشرح لهن
إني كتلة من العتمة
وكل هذا النور
ما هو إلا..
انعكاسك.
(3)
عزيزي…
حين سألتني ما هو أكثر عيب تكرهينه في؟
_ عيب اكرهه فيك ؟
الحقيقة كرهتك كلك.. وكثيرا.. لأنك جعلتني اتحمل فوق طاقتي..
وأقوم بأعمال لأول مرة في حياتي..
كأن.. اذهب واجيء.
اذهب واجيء..
اذهب واجيء..
ما بين الباب والنافذة
داخل غرفتي
حتى تشققت الأرض
وأنا في انتظار وجهك
يطل علي
من احداهما.
احتفظ بقبلاتك المرسلة
من هناك..
داخل زجاجات عطرك الفارغة
وكل يوم اقضي الصباح كله
وأنا انثر تلك القبلات
في الهواء
واقفز لألتقطها بفمي.
جعلتني اقوم بتعطيل
كل ساعات البيت
لأني لا أستطيع تحمل مرور الوقت بدونك.
كرهتك.. وكثيرا.
وعلى أصابعي
امرر الوقت
على مهل
حتى
لا تتأخر علي..
كثيرا.
على الهامش:
((يوم بدونك
يمر مرور الكرام)).
(4)
كل الأعوام لنا …
عزيزي…
ما بين هنا وهناك
واو..
تحمل في طياتها
طريقاً ممتداً على
ظهره..
ولا قلب له.
ما بين هنا وهناك
سفر بعيد
ولا جواز سفر له.
ما بين هنا وهناك
يدي تربت على كتفك
بهدوء..
ووجهك يطالع السماء
وحلمنا تحمله نجمة
تتوهج لنا.
ما بين هنا وهناك
سنوات تحمل على عاتقها
ضحكاتنا..
ودموعنا..
وخيباتنا..
وعراكنا
وطموحنا
وخطواتتا
وحكاياتنا
وعدداً من الصدف:
شارع
ومطر
وفنجان قهوة.
ما بين هنا وهناك
أنا .. و أنت
و ..
خيط عُقد بعقدة جميلة
ازاحت الواو
واسقطت النجمة
لتضع الحلم
بين يدي .. ويدك .
(5)
عزيزي…
هذا اليوم طويل .. طويل جداً ,
منذ الصباح ..
و أنا أركض
خلفه .
فقط .. لأسرق منه
ساعةً واحدة
بدقائقها الستين الكاملة
أو ..
أقل بقليل .
ساعةً بعقاربها الأليفة
بحيث تنام
في حضننا
بدون
أن
تلدغنا.
ساعة بصندوقها
الكبير ..
نختبيء بداخله
هاربين
من الحياة ومشاغلها
ساعة يشرب فيها كل
منا
ريق الآخر
ولا يرتوي .
ساعة كاملة
بك .. و بي
هذا اليوم
طويل طويل
وكل ساعاته
عاطلة عن الدوران
على الهامش:
(( يالأيام عينك من غلانا))
*اغنية للمغني الليبي مفتاح معليف
(6)
عزيزي ..
صباحا .. وكعادتي .. تكون قهوتي مصحوبة بحلاوة صوت فيروز.
وبينما يصدح صوتها :
(( طريق النحل الطاير فوق الضو المكسور ..
بيصير يرسم دواير يكتب على الهوى سطور .
من فوق القصور ..
أعلى من القصور .
أعلى من قبب العالية عم يكتب سطور )).
لا أدري لماذا توقفت كثيرا عند هذه الكلمات .
وكأنني اسمعها لأول مرة.
وصرت ارسم بمخيلتي طريق النحل فوق الضوء . .
وفوق القصور .
والقبب العالية ..
تخيلتني نحلة .. ووجدت نفسي مرهقة جدا بالعبور فوق القبب العالية.
هل تستحق الحياة كل هذا الجهد ؟
هل تدرك النحلة الهدف من وراء هذه المغامرة ؟
أم إنها تتبع فطرتها فقط.
ولكن ..
اتعرف ما الجميل في ذلك ؟
أنه مهما طارت وبعدت مرجعها في الأخير إلى بيتها .
آه يافيروز ..
ويرتفع صوتها من جديد :
(( ضل تذكرني حبيبي
وتذكر طريق النحل)).
هممت بسرعة .. وتذكرت اني تأخرت على الدوام .
بعد ما يقارب الساعة
كنت بمكتبي ..
بعدما مررت بطريق
كنا قد مشينا به
يوما ما ..
وكم تمنينا حينها أن لا ينتهي الطريق .
(( ضل تذكرني حبيبي
و تذكر طريق النحل )).
على الهامش. :
كأغنية حزينة؛
الصباح يمر بدونك.
(7)
عزيزي…
الكثيرون يسألون ما نفع الكتابة لك ؟
بكلماتي أبني كوخاً صغيراً
نأوي إليه
بعد يوم كامل من التعب .
نحمل قلبينا
في
كيس ورقي ..
نضعهما على مائدةٍ من خشب.
ونضع كذلك
رأسينا .
عند الباب توجد سلة للمهملات ..
نرمي فيها كل ما نحمل على
أكتافنا من مشاكل
ومسئوليات
وواجبات .
نرتمي على كنبةٍ مصنوعةٍ من قماش دافيء ..
وناعم ..
يتوسد جسدانا بعضهما
يتناغمان مع الهدوء
و مع ما تمنحه الطبيعة من
أصوات الشجر ..
الكلاب ..
الريح ..
الماء ..
الطيور ..
أصنعُ من كلماتي
لحافاً دافئاً
نقاوم به
ليلاً شتوياً بارداً
أصنعُ من كلماتي
موسيقى هادئة
و ..
وجبة فاخرة
بكلماتي أشيد مسرحاً شعبياً
أو ..
حتى كلاسيكياََ
حسب ما يتطلبه مزاجنا .
بكلماتي نذهب إلى
السنيما او السيرك
أو ..
حتى ..
مكتبة .
بكلماتي أصنعُ ما نشتهي ..
ونتلذذ به سوياً .
بكلماتي ..
نسافر حول العالم
نتجول في الأسواق الشعبية
نلتقط الكثير والكثير من الصور ..
السيلفي ..
ونشتري هدايا وتذكارات .
بكلماتي ..
نغوص في البحر كالحوريات
ونتسابق مع الأسماك .
أو ..
نطير بلا أجنحة
ونتمشي على سطح القمر.
بكلماتي ..
نزور المقابر
ونتكلم مع الأموات .
بكلماتي نفعل المستحيل
حتى كاد
المستحيل
يكون ..
حقيقة .
(8)
عزيزي…
أنا إلى الآن لم اكتب شيئاً بعد .
كل تلك الرسائل
هي مجرد
هالة من النور
لأنك مررت بخاطري .
أو ..
قطعة خبز محمصة جيدا
لأني اشعر بالجوع .
أو ..
تأمل لوحة فنية عالمية
لا أفهم منها شيئاً ..
غير أن ألوانها المتداخلة جميلة. .
أو ..
سماع أغنية من الزمن
الجميل
لتذكرني بك. .
أو. ..
مطرة خفيفة .
أو ..
سحابة صيف .
أو ..
رواية جميلة .
أو ..
لا شيء
مجرد ثرثرة
تنسكب مني ..
لكن كل الطرق
تعرف كيف توصلها لك
وهي بكامل زينتها. .
(9)
عزيزي ..
كان يوماً جميلاً ..
هل تذكر آخر مرة تحدثنا فيها عن الرواية ..
وكيف تسلب القاريء من أول حرف ..
عندما يكون كاتبها ماهراً .؟
وهذا اليوم ماهر جداً
سلب طاقتي كلها.
منذ الصباح
والمطر ينهمر بقوة …
اغراني بالخروج
والرقص تحته .
ووجدت وردة الجوري البيضاء في انتظاري .
كانت في منتهى الجمال
كالعروس ليلة زفافها ..
وشجرة اللوز التي قطفت منها ما استطاعت يدي
الحصول عليه .
بدأت بتجهيز نفسي بما يليق بهذا الصباح
قمت بتحضير القليل من صوتك ..
مع بعضٍ من صورك ..
ليكون الصباح خيراً .
هذا اليوم ماهر جداً
ها هو قوس قزح يزين السماء
أحمل مظلتي وأغني :
*((لا ندري كيف جاء
وحل بيننا ..
ليجعل الأشياء جميلة لنا.
سيحمل المظلة وفي المدى يطوف)).
أنا لا اتقن شيئاً مثل التفكير بك..
وكيف إنك جعلت كل الأشياء جميلة.
ولا أدري كيف جئت وحللت
ولكنك
حللت أهلاً ونزلت سهلاً .
لوهلة تخيلت أن مظلتي تطوف المدى .
وفجأة ..
البرق خطف أبصاري
ووجدتني تحت شجرة اللوز لم اتزحزح من مكاني.
المطر
الغيوم
اللوز
قوس قزح
البرق
أيهم أنت ؟
رأيت وجهك فيها كلها .
الريح همست لي
بأنك هنا
في
الجوار
قريبٌ مسافة نظرة واحدة
التفاتة واحدة
ابتسامة واحدة .
أحبك ..
كي تزهر حديقة قلبك .
أحبك ..
كي تغني لك عصافيرها .
أحبك ..
كي تمنح لك الأشجار ظلالها .
أحبك ..
كي تمنح هذا المساء معنى .
أحبك ..
لتكون مسك هذا اليوم .
*ملاحظة
الأغنية للمسلسل الكرتوني “سنبل”
(10)
عزيزي…
لأول مرة اشعر بأن الكلام ينفذ مني..
هناك من يقول …
أنك تاخذ من طباع الشخص الذي تقضي معه وقتا طويلا…
اليوم ، كنت ممتنعة تماما عن الكلام
بالرغم من كل محاولاتك
ولكن الكلام نفذ مني. .
اتذكر عندما كنت اثرثر وأوجع رأسك …
و إن اعجبك شيء تهز رأسك
وعندما تكون مرتاحا تضع أصابعك جانب عينك اليمين
وعندما تغضب افهم ذلك من حركة الحاجب…
وكأنك خلقت بدون لسان.
لا يهم حديثي…
كانت الشمس تشرق على وجنتينا
نحن فقط .
والشجر يركض خلفنا ويلوح لنا
ويهمس لنا كي نعود مرة اخرى.
والرصيف يخفينا تحته خوفا علينا
من عيون العابرين .
يدك بيدي ..
وقلب الأرض يخفق بشدة.
يدك بيدي ..
والطريق يتسع أمام خطواتنا .
لا يهم حديثي…
كل شيء حولنا يسخر نفسه لنا. .
لنبتسم ونلتقط صورة
ونهديها للرصيف يخبئها تحته…
لنبتسم في وجه الأحبة
الأرض
الشمس
الشجر
والمطر
لنبتسم ونضع ايدينا في جيوبنا
الخالية من كل شيء
عدا الدفء. .
لا يهم حديثي.. ولندع كل شيء حولنا يتحدث.
..كان ممكنا أن يكون يوما عاديا
لولا إنك نطقت اسمي في اخره
فرقصت فراشات قلبي لك.
(11)
عزيزي ..
سأفكر الليلة كيف أحبك بطريقة مختلفة .
سأحبك على أقل من مهل هذه الليلة ..
على طريقة السلحفاة .
حيث أنثر عبيري بشكل لا تقاومه .
أو ..
سأحبك على طريقة كيوبيد إله الحب الاغريقي .
فأرميك بسهامي
ولكن .. لا تخف
فأنا لست ماهرة في الرماية
لن يصيبك أذى .
قد أحبك على طريقة الحوريات
سيكون عليك تقبيلي
لأمنحك العمر الطويل
ولأتحول لأنسيةٍ بعد ذلك …
أو ربما سأخترع طريقة أخرى ..
طريقة خاصة بنا
لم يحب بها أحد قبلنا
ولن يحب بها أحد بعدنا .
سأحبك في زمن غير الزمن
ومكان غير المكان
ونحن سنكون مثل العجينة
سهلة التشكيل
وسهلة الدمج أيضاً .
سنصبح كرة ..
ربما في يد طغل فقير
يحتضنها بكل حب
ويخبئها تحت لحافه
أو ..
وردة يهديها حبيب لحبيبته
وتخبئها في كتاب
لا يقرأه أحد.
أو ..
صندوق صغير لإمرأة مسنة
تحتفظ به بمجموعة صور لأحباب قلبها
وتخبئه في مكان تنساه بعد ذلك .
سنكون جسداً واحداً
في أية هيأه
أو صورة
لا يهم ..
سنكون قلباً واحداً
وعلى
قلبٍ واحد
سنكون دمعة واحدة لألمٍ واحد
سنكون بسمة واحدة
لفرح واحد .
سنكون كل شيء
في شيء واحد …
في شيئٍ واحدٍ فقط .