تقارير

جمعية غدامس للتراث والمخطوطات بين الجهود الأهلية وضعف الامكانيات

تقرير / مهنّد سليمان

جمعية غدامس للتراث والمخطوطات

المخطوط وثيقة تكتب بخط اليد على أوراق البردي المستخلص من نبات البردي وفي أحيان أخرى يكتب على الرقوق المستخلصة من جلد العجل وهو عمل متكامل أنضجهزمن المِحن والتعاضد وغالبا ما يعبر عن صور مختلفة ومتنوعة من الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية في أزمان مختلفة، وتكدس غبار الأمس لم يقف حائلا أمام جيل اليوم اليافع لنفضه واحيائه مجددا وحشد كل السواعد للبرهنة أن لليبيا جسر عظيم يصلها برحم المعرفة والعلم، وهذا ما يجعل مدينة غدامس تتبوأ مركزا مهما للمخطوطات نظرا للثراء الكبير الذي تزخر به هذه المدينة على عدة صُعد، ولكن يظل الاهتمام من قبل الجهات المسؤولة بمجال المخطوطات محدودا ومهملا بل متجاهلا أحيانا رغم وجود فرع لمركز المحفوظات والدراسات التاريخية بغدامس، ومن هذا المنطلق تضافرت جهود نخبة من المهتمين الخُلّص بهذا المجال لتبني فكرة تحفظ أخبار الأسلاف وتؤرشف لوثائق ذاكرة المدينة صونا للميراث الثقافي والاجتماعي الليبي.


وأثناء زيارتنا لمقر جمعية غدامس للتراث والمخطوطات للوقوف على أنشطة الجمعية التقينا بالسيد “عبد الجبار الصغير” نائب رئيس الجمعية فحدثنا عن ظروف تأسيس جمعية قائلا بأنها قد تأسست عام 2014م بهدف تجميع الوثائق والمخطوطات في مدينة غدامس بالإضافة للتعاون مع المراكز الأخرى خارج المدينة، وتنتهج الجمعية ألية للعمل تركز على تصوير الوثائق ودراستها وفرزها وتصنيفها والسعي لطبعها ونشرها، وقد بادرت الجمعية بنشر المخطوطات بمساعدة بعض الجهات والمؤسسات التي قدمت المساعدة للجمعية انطلاقا من اهتمامها بهذا الإرث العريق.


وينقسم العمل داخل الجمعية إلى شقين الأول يتمثل في الوثائق والثاني في المخطوطات التي تغطي شتى علوم الدين والفقه والفلك والطب والشعر والأدب، ويتابع السيد عبد الجبار أن جُل المخطوطات كتبت بالخط المغربي الليّن وهو الخط الغالب في مدينة غدامس وتتوفر أيضا مخطوطات بالخط الكوفي لكنها قليلة قياسا بالخط المغربي وهي تعود لسنوات طويلة.

كما أوضح بأن الوثائق تشمل الجوانب الاجتماعية والادارية والثقافية والمالية والتجارية والدينية لاسيما المتعلقة بالفتاوى القديمة وحُجج الملكية للأراضي والمزارع والدور علاوة على السجلات المائية وهي خاصة بعين الفرس فعين الفرس لديها سجل خاص تقاس بها كميات المياه المحسوبة من خلال السواقي الخمس القديمة للمدينة.

وأشار لمجموعة من الوثائق التي تحتوي على الأرقام الخاصة بغدامس المستخدمة في الحسابات، وفي المقابل يتوفر الشق الخاص بالوثائق العثمانية المتصلة بجباية الضرائب المكتوبة بالأبجدية العربية، وعلى طاولة مستديرة تحتفظ الجمعية بأوراق متفرقة من أعداد بعض الصحف التي كانت تصدر قديما كصحيفة الترقي باعتبارها أول مطبوعة ليبية خاصة والتي كان يرأس تحريرها الشيخ “محمد البوصيري الغدامسي” وصحف أخرى كالرائد والزهرة التونسية.

وبخصوص دعم الجمعية أكد نائب رئيس الجمعية أنهم تواصوا مع عدة مراكز ومؤخرا تمكنوا من الحصول على دعم مباشر من مؤسسة أيسور الأمريكية فزوّدت الجمعية بمنظومة حديثة للتصوير والفهرسة بعدما رصدت جهود الجمعية وعملت المؤسسة على إقامة دورة تدريبية بتونس لأعضاء الجمعية لتشغيل الأستوديو والتصوير، مضيفا أن الوثيقة أو المخطوط حالما يكون به ثقب يعد دليلا على فقدانه للأهلية القانونية وبالتالي يُفسخ العقد.

فيما بيّن لنا القاص والروائي “إبراهيم الإمام” خطوات إعادة ترميم المخطوطات وتأهيلها ببسطها وفرشها أرضا للتتعرض للشمس وللهواء بغية تنظيفها من الروائح العفنة والكبتيريا تعقبها الخطوة الثانية لفرز طبيعة الوثيقة ومضمون المخطوط بعد ذلك تجيء الخطوة الثالثة والرابعة بتصويرها ووضعها في العرض، وقدم ” أمجد بريبش” مسؤول مكتب البحوث للإعلام والنشر شرحا حول كيفية تصوير المخطوطات بتخزين نسختين بعد الحصول عليها من أحد أهالي المنطقة وتُعطي له نسخة مصورة وتحتفظ الجمعية بالنسخة المنقحة وأضاف القاص والروائي “إبراهيم الإمام” أنهم يسعون لتفحيز الأهالي وتشجيعهم على تصويرالمخطوطات والوثائق التي يملكونها في مكتباتهم الشخصية بالمجان، حيث أطلعنا على المخطوطات المحققة الصادرة عن الجمعية حديثا.

مقالات ذات علاقة

إكتشف 10 معلومات عن الموسيقار عبد جليل خالد

المشرف العام

أبوالنون يسرق الزواوي

رامز رمضان النويصري

كل يوم في مدينة ليبية: (3) مدينة درنة

حسين بن مادي

اترك تعليق