طيوب النص

منعطف من شارع DEWOLF حتى وسعاية البركة

إضاءة على ديوان الشاعرة ليلى النيهوم

جابر نور سلطان

ديوان بمنعطف من شارع DEWOLF للشاعرة ليلى النيهوم
ديوان بمنعطف من شارع DEWOLF للشاعرة ليلى النيهوم

منعطف من شارع DEWOF الديوان الأول للأديبة ليلى النيهوم ليس مجرد نصوص إبداعية تسجل حالة إنسانية لمن أبدعها. إنما هي نتاج ذهنية اختارت الاستثناء والتميز من بداية خطواتها في عالم الإبداع والكتابة. ذهنية اختارت طريقاً غير مزدحم وانتهجت نهجاً لا يعرف التكدس وانحازت لمدرسة لا تقبل إلا المشاكسين المولعين بالمغامرة والقفز على المألوف ونبذ التراتبية البائسة والهوس بالطزاجة وولوج المجاهيل ووارتياد المغارات السحرية.

لا يمكن أن أكون محايداً عند الحديث عن ليلى النيهوم ولا يمكن أن أتجنب الحديث عن كونها جزءاً أصيلاً من نسيج حياة وذكريات ممتدة لزمن طويل تقاسمناها معا في أروقة مجلة الثقافة العربية.

تأتي ليلى النيهوم للشعر محملةً برصيد ثمين من قراءات إنسانية شغفت بها دائماً ومطالعات إبداعية عكفت على سبر أغوارها واكتشاف مكنونها. تأتي إلى الشعر بولهٍ عظيم بخوض المغامرة حتى آخر رمق في الدهشة وآخر نَفَس في الذهول.

الإهداء إلى روح شقيقها خالد في عليائه ليس مجرد إهداء روتيني عابر كما يفعل كثيرون أبداً. هو عنوان لحالة مفزعة اندلعت في حياة الكاتبة فأفزعت عصافيرها وأطاحت بأزاهيرها وأربكت ساعة الوقت التي أخذت تتعالى دقاتها المزعجة معلنةً حالة فقْد عظيم استهلت بها ديوانها الأول. لتغيب وتحضر بقدر على امتداد نصوص الديوان.

نصوص ليلى النيهوم في ديوانها الأول “بمنعطف من شارع

DEWOLF

منفلتة الوجع عن بعضها كذاك السيل الذي هاج في الوهاد والوديان والمروج والصحاري وهيّج البحر وأربد السماء وقلّب القلوب عن معتادها وناموسها في ليبيا.

إذن منعطف ديوولف ليس مجرد شارع في تلك الولاية الأمريكية البعيدة ليست ملامحه هي وحدها تلك المرتسمة للعيان وليست معالمه هي تلك التي يدركها شركاؤها في الطريق. إن منعطف DEWOLF   يمتد بشكل خرافي من وهج اللحظة النائية حتى شرارة الوقت المندلع في غرف القلب:

في وسعاية الروح

متعمق صدئ

في حائط جبلة البركة الجيرية

طرقته أزاميل الوقت الضائع

(الشواقير) المسنونة

زمن الحروب القديمة

هكذا لا حدود لنص ليلى النيهوم المهووس بالانفلات من الآني والتراتبي والشبيه. المتماهي مع الإحساس الإنساني المحلق عالياً بعيداً عن كل القيود مختزلاً الأزمنة ومتجاوزاً للمسافات. لا تعتني ليلى النيهوم كثيراً بإيقاع اللفظ لكنها تولي قدراً كبيراً من الحرفية في تشكيل إيقاع المعنى.

لن يتمكن القارئ لنصوص ليلى النيهوم في هذه المجموعة أن يتفاعل معها وتُحدث تأثيرها في وجدانه لو أتى تلك النصوص بذائقة تقليدية حذرة ومتوجسة ومعجم اعتيادي. القارئ لنصوص ليلى عليه أن يستعد للمغامرة ويهيئ نفسه لمنعطفات حادة في تصاعد المشاعر واختلاجاتها الجامحة واشتعال اللحظة على القارئ ألا يكون من سلالة القراء الكسالى. فهذا القارئ الطيب المستكين لن يستطيع ولوج هذا المنعطف الذي تسلكه امرأة أعادت بعثرة كل الأشياء الجاهزة التي حاصرتها واستفزتها بسكونها المميت. ليلى لا تعبر منعطف ديوولف وحيدةً إنما تعبره مجللةً بحزن مهيب ومثقلة بأحاسيس مدببة حادة في كثير من الأحيان وديعة في القليل منها.

مقالات ذات علاقة

الخوف

عبدالله عمران

المرة الأولى

الصديق بودوارة

لا تنتظرونا..

المشرف العام

اترك تعليق