متابعات

الترهوني وبوطقوقة وأسئلة العقل الأنثربولوجي

الطيوب

الكاتب والناقد الليبي “محمد الترهوني” والباحث الأنثربولجي الجزائري “مبروك بوطقوقة”

أقام المركز الليبي للدراسات الثقافية ضمن أنشطته لموسم (الإثنين الثقافي) لعام 2021م خامس محاضراته الشهرية بعنوان (أسئلة العقل الأنثربولوجي) مساء يوم الإثنين 31 مايو 2021م، بدار حسن الفقيه حسن للفنون في المدينة القديمة طرابلس، وذلك بمشاركة الباحث الأنثربولوجي الجزائري “مبروك بوطقوقة” والكاتب والناقد الليبي “محمد الترهوني“.


وعبر مداخلتان مسجلتان بالفيديو تم بثهما، استهل الباحث “مبروك بوطقوقة” مداخلته بالتوجّه بالشكر والتقدير للمركز وللشاعر والكاتب “صالح قادربوه” رئيس المركز على دعوته، وأشار للأسئلة الكبرى التي يطرحها الأنثربولوجيون ويبحثون لها عن إجابات، وأردف بأن للإجابة عن هذه التساؤلات يقتضي الأمر أن يُعرّف عن هذا التخصص وعرّج على تطوره عبر السنوات والأصل الإصطلاحي له الذي يؤسس لعلم الإنسان ومدى إختلافه عن بقية العلوم الإنسانية الأخرى كعلميّ الإجتماع والنفس، ويرى الباحث أن الأنثربولوجيا تستقي ميزتها من أمرين أولها الطبيعة الشمولية لدراستها للإنسان ومسعاها لفهم الإنسان في جميع إمتدادته الفيزيقية والإجتماعية والثقافية في مجالات شتى، وهذا العلم يمتاز باستخدام منهج شمولي يحاول مقاربة الموضوع من زوايا مختلفة بالمراقبة والمشاركة الأمر الذي يدفع بالأنثربولوجي أن ينزل إلى الميدان المجتمعي ليكون على تماس مباشر مع نشاطاته وطقوسه وتقاليده المستهدفة بالدراسة بغية فهم أعمق لتركيبة المجتمع وأضاف في المقابل أن بقية العلوم تساهم في الوصول لقوانين تُفسّر الإنسان في حين أن الأنثربولجيا تساهم في فهم ما يقف خلف الظواهر وبالتالي فهم عميق للسلوك الإنساني.

من جهة أخرى أوضح الباحث أن الإنسان من خلال تساؤله الأول أراد بواسطة علم الأنثربولوجيا أن يبحث عن فهم للآخر المختلف والبعيد عنه واكتشاف الإنسان للمجتمعات المغايرة، مشيرًا إلى أنه مع بداية نضوج الدراسات الأنثربولجية في منتصف القرن التاسع عشر شهدت هذه الدراسات تطورًا سريعًا وتفرّعت حيث أصبحت تغطي ميادين متعددة كالأنثربولوجية السياسية الساعية لفهم توزيع السلطة والأنثربولوجية الإقتصادية الساعية لفهم النماذج الإقتصادية، كما تابع بأن الأنثربولوجيا ركزت في بداياتها الأولى على دراسة المجتمعات البدائية.

وفي ذات السياق جاءت مداخلة الكاتب والناقد الليبي “محمد الترهوني” الذي تناول علاقة الأدب بالأنثربولجيا ومقاربته بنشأت الرواية إبّان القرن التاسع عشر التي كانت تصوّر الواقع التاريخي والنفسي، وأشار إلى الصلة المباشرة بين الأدب والأنثربولجيا نتيجة روعة التفاصيل التي قدمها العمل الروائي وكشفه للأحوال الإجتماعية والإقتصادية للمجتمعات من خلال الوصف الدقيق لطقوسه وتصرفاته وحياة العائلات والعمل اليومي وكذلك السيرة الذاتية والمذكرات والرسائل وهي تلتقي مع منهجية علم الأنثربولوجيا مستشهدًا بعدة روايات تخللتها الجوانب الأنثربولجية الواضحة.


وبيّن على أن ما يميز صناعة النص في الأدب والأنثربولجيا المتمثلة في العلاقة المتوقع الإحتفاظ بها جراء التجربة وكتابتها وهو العمل الذي يمارسه الأنثربولجي بتبادل الكلمات المنطوقة وترتيب الكلمات المكتوبة مضيفًا أن الأنثربولجيا هي الأقرب إلى الخيال باعتماد الأنثربولجي على المخبرين والمترجمين والتبادلات اللغوية مما يجعله حسب الكاتب متورطًا في ضياع الحقيقة حتى وإن تحدث الأنثربولجي لغة المجموعة الموضوعة في دراسته فهو سيكتفي بتدوين الكلام الذي سمعه وأثناء نقله للغته الأم سيخضع هذا الكلام للكثير من التحوير والتغير بما يتلائم مع حساسية لغته وختم بعلاقة النقد بالأنثربولجيا واتفاق النقاد على شيئ واحد وهو أن ما يأخد الأولوية في الدراسات الأدبية ضرورة تفسير النص بينما الأنثربولجيين يرون بأن الإنسان نص يمكن تفسيره ما يعني وفق رؤية الكاتب أن النقد الأدبي والأنثربولجيا يهتمان في المحصلة بشيئ مشترك ويقومان بذات العمل.

قبل الختام عقّب الكاتب والمترجم “عبد السلام الغرياني” بكلمة أكد فيها طبيعة الإختلاف بين عقل الإنسان الليبي والغربي الذي تحول قلقه وشاغله من اليومي الغريزي إلى الحضاري والوجودي وشدد على أن الليبي يحتاج لإعادة تفكيك حواجزه العقلية وفهم ظاهرة بيئته تلته إضافة للتشكيلي “أحمد الغماري” وإشارته لغياب فهم سويّ للذات وعدم الإلمام بها الأمر الذي أدى نحو إختلاف حول مفهوم الهُويّة بين أبناء الوطن الواحد، ختامًا شكر الكاتب والشاعر “صالح قادربوه” مدير المركز مداخلتيّ الكاتبين وتفاعل الحضور، ونوّه إلى حلقة نقاش الشهر المقبل المعنونة بــ(مراجعات واقتراحات السياسات الثقافية).

مقالات ذات علاقة

ندوة تعاين واقع الترجمة بين اللغتين العربية والصومالية

المشرف العام

إعادة افتتاح بيت اسكندر للفنون بعد ترميمه

المشرف العام

الشاعرة فاطمة بالخيرات تترقب دعم حظوظها في أمير الشعراء

مهند سليمان

اترك تعليق