الحلقة الثالثة
شخصية اليوم شخصية محبوبة جدًا وتُعد أيقونة من أيقونات الزمن الجميل، وسنديانتنا اليوم جميلة خَلقًا وخُلقًا عرفتها شخصيًا فقد كانت مديرتي في المرحلة الثانوية، شخصية ساحرة لا تستطيع إلا أن تحبها وتحترمها في ذات الوقت لم تكن علاقتنا بها كمديرة نخاف منها ونرتعب بل نحترمها ونجلها ونقدرها رغم صغر سنها، فهي تقريبًا أصغر المديرات سنًا وقتها ولكن لها من المكانة والحظوة لدى طالباتها ما يجعلها مهيبة، لم أعرف واحدة من الطالبات تكرهها بل أحبها الجميع كأخت كبرى ومثل أعلى نقتدي ونعتز به، هي شخصية فريدة تجمع بين القوة والاحترام والحزم وعدم التهاون مع الصالح العام كانت لينة وشديدة في آن الوقت، كيف توازن بينهما لا أدري لها شخصية محبوبة تدفعك لحبها وإجلالها، وتضع مسافة بينك وبينها فلا تتجاوزها، كنت عندما ألتقيها في المحافل النسائية الخاصة بالرائدات والشخصيات النسائية، تناديني لأجلس معها وعلى طاولتها رغم مكانتها كمديرة مدرسة لها مركزها الكبير ولكنها تعاملني كأنني ند لها وتحترمني وكأنني مساوية لها في مكانتها ولكن في المدرسة تعاملني كأي طالبة عندها لا تميّز بين الطالبات.
لله در تلك المرأة كيف توازن بين ذلك كله، هذه السيدة العظيمة التي قلما يجود الزمان بمثلها، هي سنديانة كبيرة وعظيمة الشأن ومربية فاضلة كريمة الأبلة ذائعة الصيت رباب أدهم.
رباب أدهم
هي رباب عبد السلام إمحمد أدهم من مواليد عمان في الأردن وهو البلد الذي هاجرت إليه أسرتها إبّان حقبة الاستعمار الإيطالي.
هي زوجة وأم لثلاثة أبناء، درست مرحلتيّ الابتدائية والثانوية في عمان وعادت مع أسرتها لمدينة طرابلس عام 1953 ثم تحصلت علي بعثة إيفاد دراسية للجامعة الأمريكية في بيروت، حيث تخصصت في مادة التربية قسم تاريخ وكللت نجاحها بحصولها على بكالوريوس آداب عام 1959م وكانت أول فتاة ليبية تظفر على شهادة جامعية، عملت بعد التخرج في سلك التدريس لمدة ثلاث سنوات وتقلدت منصب مديرة مدرسة وبالتحديد في معهد المعلمات ومدرسة طرابلس الثانوية للبنات لمدة تجاوزت 23 عامًا ثم مديرة في نفس المعهد والمدرسة وفي عام 1960 شاركت في مؤتمر الإتحاد النسائي التونسي الذي عقد في تونس وافتتحه الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله
في يناير 1961م شاركت في المؤتمر الإفريقي الآسيوي للمرأة الذي عقد في كل من دمشق والقاهرة أثناء قيام الوحدة بين البلدين وتشرفت بلقاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
وفي شهر نوفمبر انخرطت في العمل في جمعية نسائية تعنى بشؤون المرأة في طرابلس كعضوة، وكانت أثناء ذلك تواصل دراستها الجامعية في بيروت وبعد التخرج تولت عضوية مجلس إدارتها ومن ثم رئيسة لها عام 62/63م
عام 1964 زارت المملكة المتحدة بدعوة من المركز البريطاني، واختيرت عام 71 للعمل في الإذاعة الليبية في لجنة تخطيط وتنسيق البرامج، وفي عيد المرأة العالمي عام 74 حضرت مؤتمرا آخر للاتحاد النسائي العربي في بيروت
في سنه 1975 كانت ضمن مجموعة من الاخوات في المؤتمر العالمي الذي عقد في برلين
وفي عام 1982 اضطرتها الظروف لترك وظيفتها بعد زحف اللجان الثورية علي مقر عملها كمديرة للمدرسة، لتحزم حقائبها وتغادر البلاد ويستقر بها المقام في القاهرة ونظرًا لظروف خاصة لم تستطع إكمال رسالة الماجستير، ورجعت للوطن دون الرجوع لعملها السابق الذي رفضته وعملت في مركز جهاد الليبيين قسم المحفوظات والدراسات التاريخية، حتى التمست إحالتها على المعاش والتقاعد وتوقفت نهائيًا عن ممارسة أي عمل أو أي نشاط عام
كرمت عدة مرات وحظيت بالكثير من شهادات التقدير ولكن التقدير الأكبر الذي تحصلت عليه هو حب الطالبات وتقديرهن الكبير لها
صدر لها كتاب “دروب في الحياة” ويقع في أربعمائة صفحة من قطع المتوسط وتروي بين دفتيه سيرتها الذاتية ومشوار حياتها
أطال الله في عمر أبلتنا وحبيبتنا الأبلة “رباب أدهم” ومتعها بموفور الصحة والسعادة وجازاها الله عنا خير جزاء، فقد كانت لنا نعم الأخت والأم والقدوة الحسنة والمثل الأعلى الذي نسير علي نهجه.
وحتى ملتقانا مع شخصية جديدة ورائدة أخرى وبطلة من أبطال حكاياتنا أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.