الطيوب
أقامت الجمعية الليبية للآداب والفنون مساء يوم السبت الموافق 24 أبريل 2021م في دار الفنون والتراث بشارع ميزران طرابلس ندوة فكرية تحت إدارة الكاتب والباحث “رضا بن موسى” وذلك بمناسبة حلول الذكرى الثالثة لرحيل الكاتب والأديب “يوسف القويري” وقد تم خلال الندوة التوقف لدى عدة محطات في تجربة الأديب الراحل الإبداعية .
الإيمان العميق بالأفكار
وفي ورقة بحثية شارك فيها القاص والكاتب “إبراهيم حميدان” تطرّق للأبعاد السيكولوجية للشخصية القويري وهاجسه المزمن إزاء المجهول وهو حسب حميدان تُعزى لسنوات سجنه في مصر وليبيا عام 1973م الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى عزوفه التام عن مزاولة الكتابة وتحديدًا مع تزامن توقف صحيفة الميدان عن الصدور ليتركز نشاطه فيما بعد على جمع مقالاته التي سبق وأن نشرها منذ عام 1957م ، ومن جهة أخرى بيّن حميدان مدى إخلاص القويري لمحراب الكتابة فهو ما لبث عقب عزوفه لسنوات عن الكتابة أن رجع مع أوائل التسعينات من القرن المنصرم من خلال صحيفة الشمس اليومية بيد أن كتاباته توارت عنها النزعة النقدية والمقاربات الإجتماعية والثقافية فصار ينأى بموضوعات عن المواجهة والصدام المباشر ضد الظواهر السياسية والإجتماعية والثقافية الهدّامة ليعود ويشدد على إيمانية القويري بالأفكارحد العمق.
الرصيد المعجمي للقويري
وفي سياق متصل تناول الكاتب والصحفي “عبد السلام الفقهي” أسلوب الكتابي الذي كان يتبناه القويري وذلك في ضوء تجربته الشخصية مع الأديب أثناء توليه لإدارة تحرير الملحق الثقافي لصحيفة أويا سابقًا فكان القويري يواظف على النشر بمعدل أسبوعي، إضافة لذلك رصد الكاتب في ورقته الروافد المعجمية للقويري التي كان له أثر كبير في تكوينه فكريًا وهي تعود لعلاقته المبكرة مع الحرف والكلمة وقراءاته لنخبة من الأدباء والمفكرين العرب والأجانب مثل طه حسين والعقاد وهمنجواي وسلامة موسى وغيرهم ما جعل كتاباته تتسم بمزيج دسم من الفلسفة والتاريخ والمقارنات العلمية يطرحها بأسلوب أدبي شائق…كما أكد بأن اللغة لدى القويري قوية وشديدة التأثير وأبعد ما يكون عن إبتذال وإستعراض الألفاظ ويتجلى هذا في عدة أعمال كمفكرة رجل لم يولد وعلى مرمى البصروالكلمات التي تقاتل وقطرات من حبر.
السهل الممتنع في الكتابة
وسلط الفنان التشكيلي “أحمد الغماري” الضوء على الخصائق والسمات التي يمتاز بها مقال القويري العلمي والمتمثلة في حرصه على إبتعاد مفرداته ومعانيه عن التقعر والتحدّب والغموض لتصل ليديّ القارئ ميسّرة ما شاء لها التيسير متجنبًا اللجوء للإصطلاحات الأكاديمية والعلمية الصِرفة والمعقدة وتوظيفه للحوارات القصصية في موضوعاته كما أشار الغماري لبعض الأخطاء والهنّات في مقالات القويري العلمية كمسألة رؤيته للقضايا الكلاسيكية في العلوم وعدم مجاراته كلية عن التطور العلمي والثورة المعلوماتية مُرجعًا هذا لعدم تمكنه من الحصول على المباحث الضرورية في هذا الإطار أو لعله الجنوح النفسي للأديب لكل ما يمت بصلة بالتراث والتاريخ.
تشخيص التفاصيل
أيضًا تحدث الكاتب”نوري البوسيفي” عن مسودات القويري التي كانت تنشر في صحيفة الميدان بعنوان (الثقافة للشعب) إبان حقبة الستنيات التي جُمع بعضها في كتب وبعضها الآخر لم يرى النور حتى اليوم، وكان قوامها الإنفعال والتلوين العاطفي وهي بمثابة عملية لتشخيص تفاصيل الأمور وانعكاس متنوع الأبعاد لأحوال المجتمع والأدب وشؤونه، وأوضح البوسيفي أن النتاج الفكري والإبداعي للقويري شكّل بوتقة صبّ فيها عصارة رؤيته العلمية والجمالية فنخلص إلى أن الأدب أكبر من مجرد مرآة عاكسة لمعطيات الواقع ليكون في مهمته الحقيقية أداة فاعلة ومؤثرة تنطلق من التجربة الحياتية والشخصية لذات الفنان مضيفًا إليها جملة من العناصر الداخلية لكون أن نضوج الأدب مرهون بنضج الكلمة والتدبر في معانيها وبالتالي الوعي بتأثيراتها.
وفي الختام تلا الشاعر “نصر الدين القاضي” والكاتب “جمعة الدويب” مقتطفات من إحدى أعمال القويري .