عصام رحال
غدتْ كلُّ الألوان باهتةً
الأخضرُ ما عادَ أخضرا
و الأزرقُ ما عادَ أزرقا
و الأصفرُ ما عادَ أصفرا
و لكنَّ الأسود زادَ اسودادًا
لِي رغبةٌ بالغوصِ
في الصَّحراء
لِي رغبةٌ بالمشيِ
في البحرِ
لكنَّ السَّماء
حكايةٌ أخرَى
و أنا عَزمتُ على أنْ
أرى نُجُومهَا
و رُبّما قد أُمسِكُها
لِيعلمُوا أنِّي أطَالُ
ما لم يَطَالُوهُ
وأنَّ الحياةَ تَسرِقُ
منِّي عُمري
و تسرِقُنِي
و تُهْديهِم بلا عتابٍ
فاستَقوَيتُ
و ارْتَخوا
و كَبُرْتُ
فصَغُروا
حتَى اختَفوا لمَّا بدوتُ
صَدرِي
محمَّلٌ بكلِّ ما قِيلَ
لِي
و قلبِي أصمٌّ فَلا
تُنَادِي عليهِ
لا شيء يأسِرُني
سوَى حُلُمِي المعشّشِ
بتَجاوِيفِ عقلِي
و رُوحِي مذ خَرُبَتْ
غادَرتْها العَصَافيرُ
فاسْتَوطنَهَا كلُّ حُزْنٍ
و استقرَّ بهَا
لكنَّ ليلي لنْ يطُولَ
و كلُّ ما هوَ
سيئٌ
سيزُولُ
فقلبِي لن يَخرُجَ
من صدرِي
مهمَا ضَاقَ بي الزَّمنُ
و اتًّسَعَ مُنايَ
صَارعْتُ وحدِي
كلَّ شرٍّ
تغلغلَ حولِي
فلماذا وقفتَ بجَانبِي
لمَّا انتصرتُ ؟
و أُدرِكُ أنّ النّجومَ
بعِيدةٌ
ويدِي لن تصِل
و أيديكمُ لن تصِل
لكنِّي أرَاهَا تحدِّقُ بي
و كأنَّهَا تصبُو إليَّ
لأمسِكَهَا
لكنَّ الكلَّ يُعجِزُنِي
و يُربكُني حتّى أهْوِي
أرضًا معهُم
فنتقاسمُ الفشلَ
و التّشابُهَ معًا
كمجمُوعةِ ديدانٍ
تدورُ زاحفةً ثمَّ
تعُود
ولكنِّي أبيتُ أن
أبقَى دُودةً
مازالَ بي نفسٌ
لأركُضَ من صَباحِ
اليومِ
حتّى آخر مُغيبٍ
في الدُّنيا
مللتُ توسُّدَ أحلامٍ
قد تعفّنتْ
ولا زالَ بها حَيَاة
هذا المسَاء
لن يَكُونَ ككلِّ مساءٍ فاللّيلة سأرى النّجُوم .