محمد علي أبورزيزة
على منبر العذاب اتكأت، وعبر ناقلات المآسي، وبعد عراك عنيف بين حنجرتي وأحبالها الصوتية، تدحرج صوتي مجلجلاً: فيك لن أقبلها..!!، بربك.. أرأيتِ جسداً يقبل التعازي في روحه..؟، أسمعتِ بقلبٍ يقبل التعازي في نبضه..؟
لهذا لم أجد نفسي يوماً لأقبل التعازي في روحي ونبضي معاً، قبيل المأساة لم أجد سوى ضربات هزيلة داخل صدري وكأنها ضربات عصفور داخل قفص قد قارب على الموت، وتحولت شفتاي مذبحة للكلمات، لم ينجُ منها إلا القليل متوسلاً بمرارة: أرحلي.. أرحلي بعيداً واتركيني في صمت.. صمت الأموات، ولكن ماذا أفعل بهذا الجسد..؟ وماذا تفعل الأموات..؟
عذراً أيها الموت ربما لم أعد أعي ما أقول..!، وهل تقول الأموات لتعي ما تقول..!!، صمت رهيب قد سيطر على مدرجات أضلعي، والكل في انتظار ذلك الصوت المتناغم، وعدت لأصيح مجدداً: أيها الحمقى الجالسون في خشوع، ماذا تنتظرون..؟ أألبعث..!، أم معجزات الرحمان..؟
ولى عصر المعجزات ولن يترنم ذلك الدافق مرة أخرى لأنه في عداد الأموات، لا تسألوني ماذا جرى..؟، ما قد حدث..؟، كيف مات..؟، فالموت حق لا مفر من سكراته، وبعد أن عم السكون جسدي لحظة، حمم البراكين تفجرت وألتهم سيلها تضاريس وجهي، هزات زلازل الشوق اقتلعت ما تبقى لي من أضلع، وتناثرت أشلائي بعيداً عنك، فلم أعد لأقبل التعازي.. فاقبليها يا بلادي عني.