شعر

التلويح لسفينة نوح

تقذفني اللجةُ للجّة، والموجة للموجة،

والطوفان إلى الطوفان

فأصرخ:

– أماه..

قد أهلكني هذا الطوفانْ

……

……

في قاع البحر المتوسط

حيث مدائن (بسم الله)

أتبادل دردشتي مع أمي

أسترق السمع، فيرتد صداه:

– أماه

……

……

من قاع اليابسة الغارق في كل مدى يأتيني الصوت القدسي

كرجع صدى

– ابناه..

(قد أغرقني قبلك هذا اليم، تذكّره دوماً اسم الله)

لكني..

لا أنفك صراخاً..

– أماه..

فيجيء جواب: ابناه

يرتد صدى

ثم يعود، فيرتد صداه:

– أماه..

*        *        *

من سفح الجبل، ومن بطن الوادي

أصرخ، وأنادي

– أماه..

إن الذئب افترس الشاه

(حين افترس الذئب الحملَ

تنكّر في جلده حتى يراوغ هذي الشاه)

– أماه..

أخشى، أخشى ما أخشاه

أن يشتبه الذئب مع الحمل، وأن يلتبس الأمر على أمري

من يدري؟

فغداً.. قد يأتي الذئب علينا

كالطوفان..

آه، آه

قد نصبح في خبر (كان)

– أماه..

*        *        *

ناديت سفينة نوح:

“فلتنقذ يا نوحاً من كلِّ منا

زوجاً أو زوجين

لا تنسانا

لا تنسى، من فضلك، إنسانا

يا نوحاً، يا منقذ حتى السحليّة والعظاية..”

……

……

لكن القبطان الربّان

لوح لي، عن بعدٍ: لا..لا

لا لا، لا يا…..

فالناجون كفاية

متن الفلك مليء ببني الإنسان!

– أماه..

*        *        *

من شط البحر تلوح

سفينة نوح

عباب البحر يواريها

وأرى “نوحاً” ذاك القبطان الربان

يركز فوق الدفة نصل الراية.

……

……

حين انحسر الطوفان

كانت أجسادنا قد فارقتها الروح

واراها.. النسيان

هكذا، أصبحنا موتى

نستجدي قبوراً تأوينا

أصبحنا نستجدي الأكفان

– أماه.. أماه..!

__________________________________________________

مجلة “الفصول الأربعة”.. العدد:36-37/ يناير-يونيو 1987..

مقالات ذات علاقة

النور مفتاح الصدى

المشرف العام

رد عني احتضاري

آمنة الأوجلي

انتباه إلى تفاصيل في حديقة يابانية

عاشور الطويبي

اترك تعليق