أخبار

“بوق” ينضم لركب إبداع الأصفر

السقيفة الليبية

رواية بوق للقاص والروائي محمد الأصفر


صدرت في بيروت عن دار مسكلياني التونسية الرواية الحديثة “بوق” للروائى “محمد الأصفر“، التي أنظمت أخيرا لركب إبداعه، بغلاف من تصميم الفنان التشكيلي الليبي “عدنان معيتيق”.

كتبت هذه الرواية عام 2018م، لكنها كانت حاضرة في ذهن الأصفر منذ عام 2003م عندما زار صحبة صديقه (عوض عبدالهادي الشاعري) المقبرة الألمانية في طبرق وهي مقبرة على شكل قلعة بها قبر جماعي وقد نُقشت على الجدران كل أسماء القتل.

يقول الأصفر: ”عندما جئت إلى ألمانيا ألحّت عليّ فكرة الكتابة عن الحرب والموسيقى والحب والسلام، الكتابة عن بتهوفن وسيمفونيته التاسعة، وأنشودة النصر لشيلر، وكثير من الأحداث التي دارت في ليبيا وألمانيا في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي“.

وترجع علاقة الاصفر بألمانيا لسنوات طويلة وفي هذا الصدد يقول: ”علاقتي بألمانيا قديمة بدأت منذ عام 1979م حيث زرت مدينة بون وبقيت فيها ثلاثة أشهر، بعدها لم أعد إلى بون إلا بعد 35 سنة.. ووجدت تلك الثلاثة أشهر التي عشتها فيها أمامي، الشوارع تتذكرني وتمثال بتهوفن يتذكرني والجامعة وومحطة القطارات وكل الذكريات التي عشتها صغيرا في المدينة ولدت من جديد لكن الزمن يمنعني من أن أعيشها مرة أخرى.. ولا مشكلة في ذلك لدي فالذكرى فقط بالنسبة لي حياة جديدة“.

الناقدة ريم غنايم كتبت عن رواية بوق: وعندما اقترب من خيال يشبه فوّهة البئر استجمعَ قواه، وبآخر ما يملك من أنفاس نفخ في بوقه ثمّ خر مغشيًا عليه”. هكذا يرسم الروائيّ الليبي محمّد الأصفر، بحرفيّة ومهارة، في روايته الأخيرة “بوق” اللحظة الفاصلة في حياة الجندي كارل عازف البوق في الفرقة العسكريّة الألمانية، وهو يفرّ من المعركة ليسقط عند البئر وتبدأ حياته الأخرى من ألمانيا إلى ليبيا. كارل، الفتى صاحب المزمار القادم من عالم الموسيقى بوجهيها المتنافرين: حيث تُعزَف حين يتقدم الجنود في الحرب، وتُعزَف لتشيّع القتلى. من أكثر المناطق ضبابيةً، حيث لا صوت إلا صوت المعركة، يشدّ الأصفر الحكاية من قلب المعركة، وتصير الموسيقى سيّدة الموقف، ويتقدّم السّرد ويتأخّر على إيقاعٍ ضاجّ تارةً وساكنٍ تارةً أخرى، وئيدِ وسريع. استقرار اللغة، هدوؤها، ثباتُ الخيال، بلا تصنّع، بلا تكلّف، دون تحميل الأحداث أكثر ممّا ينبغي، ودون أن ينسلخ جلد الحوار عن عظم سرده، وعلى طولهما وعرضهما، يضربُ السّارد، في حالاته المتعددة، ضربات ايقاعيّة كعازف على آلة وتصبح السمفونية التاسعة لبيتهوفن، تلكَ التي يعزفها كارل، ملتقى حميميًا بينه وبين الراعية التي تصرّح له: “أغنامي وعنزاتي سعيدات بعزفك وضروعهنّ بعد سماع الموسيقى تكاد تتفجّر من وفرة الحليب”. هذا العالَم الرعويّ، الذي يتأرجح بين سيولة الموسيقى وجوهرها، في قلب حقبة تاريخية كان الكاتب شاهدًا عليها، يتلخّص في هذا التحليق الذي يحاول الأصفر أن يأخذنا عبره متنقلا بين مدن ألمانية ومدن ليبيّة وباحثًا عن حلقة الوصل الإنسانيّة بين البشر بعيدا عن الحرب، وفي قلب أجوائها.

مقالات ذات علاقة

مدينة ككلة تحتفي بافتتاح مركز ثقافي ومكتبة

المشرف العام

مشاعر الخوف من كورونا في مائة يوم من العزلة

مهند سليمان

حارس القرون ببنغازي

المشرف العام

اترك تعليق