إيمان محمد – مصر
مراجعة رواية ڤالهالا- ألف بطل.
تأليف: إسلام علي.
الناشر: دار فانتازيون للنشر والتوزيع.
عندما أمسكت بالرواية للمرة الأولى كنت أعلم أني سأخوض رحلة فانتازية، لكنّي لم أستوضح المعالم أو الهيئة التي ستكون عليها، بالطبع رسم عقلي بعض التوقعات من خلال الدعايا للرواية كالاقتباسات المرفقة بالرسوم والأغنية الدعائية الخاصة بالرواية وخلافه، واليوم أمسكت بها بين يديّ لأرى مدى قوة تخميناتي وأنا أقول: والآن.. ما ڤالهالا؟
ڤالهالا رواية أولى من سلسلة تسمى “ألف قصة”، تجربة فريدة، هي الأولى من نوعها التي تمر عليّ، لا أعرف ما إن كان وصفي التالي لشعوري سيكون دقيقًا أم لا، لكن وبشكل صادق شعرت بالحنين ورائحة الذكريات، تلك الطريقة وذاك الأسلوب حمل حالة من النوستالجيا، إذ تذكرت القصص التي استمتعت بها في طفولتي على شاشة سبيستون حيث يحمل الأبطال رسالةً ويمتلكون طريقًا ويسعون نحو هدف متحملين في سبيله الألم ويتعلمون الدروس ويقدمون التضحيات.
التضحيات..محور رواية ڤالهالا، بنى الكاتب روايته على أعمدة هذا الفعل الإنساني، معناه، دوافعه، ونتائجه. بصبغة فانتازية مميزة وضعنا الكاتب في نقاش حول فكرة التضحية ومفرداتها من خلال عدة قصص على لسان شخصيات الرواية، فنستخلص من كل قصة أمرًا جديدًا عن هذا الفعل، ويضاف مع تمام كل قصة بُعدًا آخرًا له، لنخرج في النهاية بوصفٍ للتضحية مغاير تمامًا للوصف البسيط الذي كانت عليه في الصفحات الأولى.
رواية قصصية.. هذا ما كانت عليه هيئة ڤالهالا، عادة ما يكون الانجراف خلف قصّ حكايات الأبطال وماضيهم ممتعًا لكنَّه يؤثر سلبًا على السير الطبيعي للرواية، لكن الأمر هنا مختلف، إذ خدم القصّ سير الرواية نحو اكتمال الفكرة المطلوبة، كما ربط الكاتب بينها جيِّدًا ورتبها بشكلٍ صحيح بحيث تأخذك نهاية القصة إلى بداية تاليتها بسلاسة رغم اختلاف البطل والمكان والزمان.
لغة الكاتب جاءت فصيحة متمكنة وبعيدة عن التعقيد في الوقت ذاته، استطاع من خلالها الاحتفاظ لكل شخصية بكيانها وأسلوبها الخاص بما يليق بها من اختيار لكلمات حوارها، سواء كانت شخصية مندفعة كـ(أمير) أو ملتوية كـ(سعد) أو ظريفة كـ(فليش) وغيرها من الشخصيات. ويمكننا ببعض التدقيق أن نلاحظ ما خلقه الجو العام للرواية مع أسلوب الكاتب في وصف الشخصيات من قدرة على تخيل بعض الأمور غير المكتوبة استنادًا على ما كُتِب، وهو كتخيلي لصوت شخصية (فليش) رفيع حاد مضحك قليلًا استنادًا على وصف شكله فقط منذ ظهوره الأول، وهو ما وجدته صحيحًا بالفعل في صفحات تالية.
عادة لا أعلّق على الإخراج الفنّي للكتاب، لكن تجربة ڤالهالا تستحق التعليق عليها، وسأجملها في عدة نقاط:
– الرسوم الداخلية المعبرة في بداية كل قصة.
– موائمة نوع وتنسيق الخط تفاعلًا مع الحدث، مثلًا كان حجم الخط يكبر عن المعتاد في حوارات الصراخ والغضب، وصَغُر تدريجيًا في نهاية إحدى القصص وكأنه إيحاء بانسحاب مسرحي للموسيقى وإسدال الستار، كما رُسِم الخط مقَطَّعًا مرتبكًا في حوارات مرتبكة ومتخبطة لإحدى الشخصيات.
– وضعت بعض فقرات في قالب أسود لتمييزها عن سير القصة الأصلي لبيان أنها موضوعة في غير مكانها لهدفٍ ما.
جمعت النهاية بين إشباع فضول القارئ بعدم ترك فراغات بالقصص، وبين ترك مساحة لذاك الفضول لمعرفة المزيد عن بعض الشخصيات في الأجزاء القادمة. كانت تجربة مميزة ولطيفة.