يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…
16
كانت قلقة مضطربة.. تدور في سطح بيتها تنتظر عودة شقيقتها من مغامرتها.. كلما مر وقت زاد قلبها ارتجافا وضرباته سرعة.. من حسن حظها أن الرضيع لا يزال نائما في حجرها.. سمعت وقع خطوات زوجها وهو يصعد لتمانحت الدار عائدا من المسجد.. تنحنح ليعلن عن حضوره كما اعتاد أن يفعل الرجال خشية وجود زائرة ما.. وصل ابنيها بعده تباعا.. وضعت الرضيع في ظل الجدار ريثما تجهز لزوجها وابنيها وجبة البازين.. حملت صفرة الغداء ونزلت بها الى التمانحت.. وضعتها امام زوجها.. تحلق ابنيها عليها. عادت ادراجها للسطح.. فوجئت باختفاء الرضيع.. كتمت صيحة رعب.. اسرعت الى المطبخ.. لم يكن هناك.. صعدت الى شرفة البيت.. تنفست الصعداء حين لمحت الشقيقة تحمل رضيعها متجهة الى بيتها.
وصلا الى البوابة متتبعين الأثر.. انتهى عند نقطة خالية خارج السور:
- هنا توقف الغريب لبعض الوقت.. ثم ها هو أثر خطواته عائدا من حيث اتى.
- ما الذي فعله هنا في هذا الخلاء؟ لا اعتقد انه تجشم كل هذا العناء لقضاء حاجته البشرية.
أجابه الاعرج:
- بالأمس كانت هنا خيمة لكهل غريب.. نصبها هنا بعد أن رفض أعيان البلاد السماح له بدخول الواحة.
- لماذا؟
- قيل انهم يشكون في نواياه.. ربما يتعاطى السحر.
- سمعت عن مقدم كهل غريب.. ظننته طبيبا معالجا.
- جلهم يتستر بحرفة المعالج.. ربما هذه اثار اقدامه..
- أين خيمته إذاً؟.. هل غادر بعد وصوله الى مبتغاه؟
- سمعت أنه وعد بالمغادرة مع اول قافلة.
- لم تغادر قافلة منذ أيام.. كما أي رأيت خيمته قبل أن أغادر إلى المسجد.
- وماءا كنت تفعل عنده؟
ارتبك الأعرج وتلعثم قائلا:
- ظننته معالجا.. كن.. كنت ابحث عن ع عن علاج.
استجمع شجاعته قائلا:
- دعك مني الان.. دعنا نتتبع خطى الغريب في طريق عودته علنا نكتشف هوية الغريب المتسلل من الواحة.
- الغريب انه لا أثر لمكان الخيمة.. كأن الارض ابتلعتها بصاحبها وتركت آثار زائره فقط.
*** سارا يتتبعان الأثر.. دخلا الى العرش مرة أخرى.. تلاشت
بعض الآثار بسبب تعاقب العائدون من المسجد إلى بيوتهم.. لكن لم يكن صعبا عليهما تتبعها…
تمكنا من الوصول إلى الزقاق.. دخلاه.. توقف رفيقه بعد خطوات:
- سأكتفي بهذا القدر.. قد يرانا أحد قاطني الزقاق فيظن بنا الظنون.
- نحن في عرشنا ولم نعتدِ على حرمة عرش آخر فدعك من هذا.
- لكن هذا الزقاق…
قاطعه الأعرج في حماسة:
- انظر.. هنا تنتهي خطوات الغريب..
- لا أرى شيئا.. العتمة تلف الزقاق.
- هنا لاحظ هذه خطوات الغريب.
- هل تعني انه من سكان هذا الزقاق؟
- كلا بالطبع.. فقط انظر اين انتهت الخطوات.. لم يدخل بيتا.. فاقرب باب بيت يبعد مسافة عدة خطوات.
- أرى أنك تعبث بي… دعنا نغادر الآن.. لاشك أني سأتناول بازينا بارداً بسببك في وجبة الغداء.
استوقفه حين هم بالمغادرة قائلا:
- هناك آثار أخرى تغادر الزقاق ولم تدخله قبل ذلك.. هذه المرة آثار مختلفة.
- لا أرى شيئا.. دعني أغادر فقد نال مني الجوع أي منال.
خرجا من الزقاق.. تركه وغادر لبيته يحث خطله.. وقف الأعرج وحده في الشارع.. ينظر للأثر الجديد بعين المتفحص.. الباحث عن صيد ثمين .
- إنها امرأة.. لا شك في ذلك.. لولم تكن كذلك لما تفادتني في البساتين.. من تكونين يا ترى؟ وما حاجتك للكهل الغامض؟ ولماذا اختفى بعد زيارتك له؟
ابتسم في خبث.. سار متتبعا الأثر الجديد.