من أعمال التشكيلي عمران بشنة
سرد

رحلة الشقاء والسيف

حين قرأت محور العدد القادم لعنت أفق وكريم الهزاع والنبهانين ورامز نويصري وابراهيم الككلي وكل من سيقرأ العدد القادم لا لشيء سوى أن عنوان المحور جعلني أدخل في دائرة السحاق .

فيا سادتي .. يا سيدتنا أفق المبجلة بالله عليك لماذا مثل هذه المحاور (العويصة) لم لا تكون (مونيكا والسيد الرئيس) أو (مادونا والسرير البض) لماذا الحرية وكأنكم أصبتم بعدوي (فيصل القاسم) غراب الجزيرة الناعق حين يخرج علينا بـ (هل أصبح الإنسان ممتهنا ـ هل ضاعت فلسطين إلى الأبد ـ أين هي حقوق الشارع العربي) كم أكرهه وأكره الشارع العربي وفلسطين وووووووووووووو.

والمهم صار هذا الموضوع يؤرقني ، في الشارع، في المحاضرة، هل أكتب؟ هل أتجاهل؟ هل أزور إسرائيل؟ وصرخ أمل دنقل في صرصور أذني: (لا تشارك.. لا تشارك..)

فأغلقت عليه باب الغرفة (8) وأخذت أتمتم بيني وبين نفسي أنا شاركت في محور (توريث السلطة)

والحرية والإنسان ( فكنّا منها، الباين فيها خراب بيوت) ولكن كما قالت الخنساء: ولولا رشا الكتبي في نشرة m.b.c لقتلت نفسي.

فهذا والله محور ملغوم ، باعث للشجون ، مدخل للسجون ، جالب للمباحث ، خارج عن القانون ، ويا خوفي من آخر المشوار ,, أه ياخوفي .

* *     *       * *

قال عبد من عبادك الصالحين: (اذهبوا  إلى الحبشة فإن بها ملكا لا يُظلم عنده أحدا),,

فاستنفرت الإبل وضلت الطوارق طريقها، فإن الحبشة شوكها يقلعه الفرنسيون من أجل بركة موز، رددنا السؤال أية حبشة لنا، نحن الخارجون من مقابر التنجيم الذاهلون عما نرضع المسرعون من أجداث الموت إلى موت لا يعرف التمييز العرقي ولا مضاربات السوق العنابية .

قلت لمحمد بن سيرين حين سألني عن تفسير منطقي لحلمي البارحة وهو عبارة عن (نملة تشرب من خرطوم فيل)

ببساطة الفيل هو الحرية والنملة هي الإنسان .

* *     *       * *

كم تمنيت أن أعيش في زمن القرامطة، لا لشيء فقط لأخرج شاهرا على الناس سيفي ولكن لا سيف لي فأنا مخصي وسرت في طريقي إلى  الحبشة المزعومة.. وإذا (بطالع العريفي) ومن لا يعرف طالع العريفي؟ .. إذا اسألوا عبد الرحمن منيف.

كانت ابتسامته الماكرة جواز مروري إلى الحبشة الموعودة، ابتسم لي، حينها أدركت أنني في قلب الحبشة لا بل في البطين الأيمن بتاعها ، تمتمت في سري:

(يا أبانا الذي في المباحث) خرجت من فمي  حارة كالحيض، وإذا بحمدان القرمطي يأخذ بيدي والقرن الرابع للهجرة يسطع فجأة ، فجأة  رأيت أبا ذر وهو يمتطي (لكزس) مكيفة وأبوالوليد عن يمينه، والسماء تمطر ذهبا نكاية في عمر.

وأنا في غاية العجب أقول لنفسي (هل نجوى فؤاد بعثت من جديد)

صرخت من ألقى بي في غيابات الجب ، فاذا بذئب لطيف جدا يهرهر  من فوقي يمسح بلطف شعر رأسي الذي شيبته النساء  (نساء الكتب) وهو يقول لي: (أنت يا جنة حبي وفؤادي) قذفت بماركيز إلى النافذة وعدت إلى مجنون ليلى الذي قاسمني غرفته الضيقة، سألته ما الذي أتى بك هنا يا أبا بحر، أجابني بتلمظ :

ـ أبواب السجن ضيقة يا ولدي ألم تسمع قول القائل : وللأكذوبة البيضاء باب…  بكل يد مزيفة يدق.

–  سمعت، ولكن أسمعت أنت بقول الشاعر: مين حبيبي أنا… رد عليّ وقول/ والله وحبسوني أنا… مع واحد مهبول.

* *     *        * *

حين هب اليوم  (السابع والستون) دخل علينا شيخ ذو لحية بيضاء عليه سمت التقى والورع، ابتدرنا بالسلام فلم نجبه ، حينها ترك المجنون عن يمينه  وتقدم نحوي وقال:

ـ أيها الفتى

ـ فتى فـ (عينك) راجل يا….

ثم تذكرت أنني في الصفحة الأولى كتبت عكس هذا الكلام فاستحييت وقلت له:

ـ نعم.

ـ من نبيّ هذه الزمان .. يا فتى ؟

فأجبته بلا إبطاء :

ـ الحجاج بن يوسف عليه الصلاة والسلام.

ـ فمن وزيره؟

ـ أربع وعشرون وانتقي ما شئت (واوعك تقلي عددهم، ما اقدرش)

ففك قيودي وأطلقني فأنا والله طليق إبليس عليه …….. ؟

* *     *       * *

وسرت في طريقي إلى الحبشة فكانت بحق رحلة الشقاء والسيف، والتهويل والتخويف ولكن قبل أن أصل إلى هناك رأيت قوما يلعنون الحكومة ويشتمون الحاكم ويهتفون بحقوق الإنسان فالتفت عن يميني وعن شمالي وتعوذت بالله من شر هذه الرحلة .

قلت من أنتم ؟ فقالوا: نحن مواطنون .

– ولماذا أنتم مجتمعون هكذا في هذا البرد القارس؟

ـ أهي كبرت فـ دماغنا ،،

ـ وماذا تريدون ؟

ـ برنيطة الحاكم .

ذهبت إلى الحاكم وقلت له اخلع برنيطتك فخلعها، فأعطيتها لهم ففرحوا بها وهللوا باسم الملك،  عاش الملك عاش الملك، وعادوا أدراجهم إلى أحضان الجمعية الإستهلاكية والخبز الحافي والله يبارك في من جمع رأسين في الحلال .

* *     *       * *

حين زارني (مظفر النواب) يوما سألته ما فائدة كل هذا الذي نكتب قال: إن لم نغير نحن فسيأتي من يغير ، ولكن بعد أن ودعته قلت في نفسي ـ وكنت رجعيا جدا ـ حط بالخرج ، ولم يتغير شيء، رددت عليه (سنصبح نحن يهود التاريخ)

وحين قرأت أبا القاسم الشابي (وعلى فكرة أنا أكره الشابي حد الكفر) لأنه قال: إذا الشعب يوما اراد الحياة… فقلت له:

وتكذب تكذب يامن تقول… إذا الشعب يوما أراد الحياة

فهذي القيود ولم تنكسر… وهذي الكراسي هي الباقيات

وليس لليل بأن ينجلي… وما من خلود  سوى للطغاة

بالله عليكم يا أصدقائي، يا من تقرأون الأن هذه السطور، لو أن لكم أصابع فتتحسسوا مقدار القيح والصديد الذي في فؤادي من جراء هذا الموضوع الأفٍ له الذي يحرك ما لا أريده (فيا أي امرأة في الليل تعالي) واصرخي يا شرق المتوسط مرة أخرى، اصرخي يا كل سجون الأرض:

(قتلتنا الردة.. قتلتنا الردة..)   ولقد صرخ المواطن بأعلى صوته:

ألا موت يباع فأشتريه… فهذا العيش ما لا خير فيه

ولكـَم أتمنى أن أصرخ معهم فقط صرختين ، صرختان (تشقان باب العرش)..

الصرخة الأولى : صرخة الجنرال في متاهته (وطن عاهر)

والثانية صرخة ميل جبسون في قلب شجاع :

(freedooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooom)

وأناشدكم بالله يامن تقرأون هذه السطور إلا رفعتم أيديكم معي إلى السماء ولنصَلِّ صلاة الغائب على الحرية والإنسان والمواطن العربي .. الفاتحة.

مقالات ذات علاقة

كتاب حياتي

أحمد الفيتوري

جزء من رواية الأورفيدة

فتحي محمد مسعود

رواية: اليوم العالمي للكباب – 3

حسن أبوقباعة المجبري

اترك تعليق