استطلاعات

إصدرات ليبية تزين معرض القاهرة الدولي للكتاب

المشهد الثقافي ومحاولة تأثيثه بعيدا عن الحرب؟!

إصدرات ليبية تزين معرض القاهرة الدولي للكتاب (الصورة: السقيفة الليبية)

لم يكد يمضي يوم على المشهد الثقافي إلا وتتوج روزنامته بإصدار جديد، ينعش الحالة الثقافية هذا العام بشكل استثنائي، في شتى الآداب، رواية، شعر، قصة، دراسات. والملفت للنظر تواجد هذه الإصدارات بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية…

فهل يمكن القول أن الثقافة تعود بقوة؟ هل نشهد طفرة ثقافية تعيد للحياة بريقها وشغفها؟ هل واجه المثقف بشاعة الحرب باصدارات جمالية؟ هل يمكن أن نعول على المثقف في ترتيب الحياة من جديد؟

● تذوق الجمال

> الكاتبة فريدة الحجاجي: “المثقفين والادباء والفنانين هم مَنْ يستطيع اعادة “تذوق الجمال” الى حياتنا“…

ترى الكاتبة السيدة (فريدة الحجاجي) أن التجارب الحياتية شديدة الوطأة تغذي الإنسان روحيا، حيث تقول: “الإنسان في كل مكان عندما يضطر لمواجهة الشدائد وعلى رأسها الحروب يحاول دائماً التشبت بالحياة بالاهتمام بالإنتاج الفكري والفني، ويدخل ضمن ذلك الاختراع والابتكار.. فالتجارب الحياتية شديدة الوطأة تغذي الانسان روحياً وتلهمه للكتابة والموسيقى والرسم والشعر، لذا نجد بعد الحروب وعلى مدى التاريخ انتاجاً انسانياً كثيفاً في كافة المجالات بالتأكيد كل ذلك يعيد للحياة بريقها كما ذكرتي ولكن ترتيب الحياة من جديد يتطلب ناس مختصين وتقنيين كل في مجاله لوضع الخطط والسياسات التي من شأنها ضمان الخدمات الاساسية للمواطن وتوفير البنية التحتية وفتح المجال للمبادرات الفردية وحرية التنقل وحرية التعبير وتوفير الامن واحترام الحريات الشخصية وما الـى ذلك.. وهذا من اختصاص ذوي الكفاءات كل حسب مجال عمله الذي قد لا يكون (مثقفاً) بالمعنى المتداول ولكنه يقوم بعمله على الوجه الافضل.. بينما المثقفين والادباء والفنانين هم مَنْ يستطيع اعادة ٠تذوق الجمال) الى حياتنا“.

● زخم إبداعي

> الكاتبة القاصة انتصار بورواي: “الزخم الإبداعي من حيث الإصدارات يعبر عن نهضة ثقافية ورؤية جمالية،يرسمها كثير من الأدباء المخضرمين والشباب الجدد“…

وفي نفس السياق تشير الكاتبة والقاصة الصحافية (انتصار بوراوي) لنشاط حركة النشر وبروز واضح للأقلام الشابة، حيث قالت: “في الأعوام الأخيرة نشطت حركة النشر وازدادت الإصدارات للمبدعين في كافة المجالات من مختلف الليبية كما أن هناك بروز واضح لأقلام شابة جديدة من الجنسين في مجال الشعر والقصة القصيرة والرواية، وأغلب هذه الإصدارات الجديدة صدرت عن دور نشر خاصة وعلى النفقة الشخصية للأدباء ولكن علينا أيضا أن نذكر بأن وزارة الثقافة بطرابلس قامت بإصدار قرابة 300 عنوان خلال العام الماضي وكل هذا جميل ويعبر عن زخم إبداعي ورؤية للأديب الليبي في كل ما يحدث بالبلاد وتجسيد تلك الرؤية في أعمال إبداعية شعرية وقصصية وروائية.

ومن خلال متابعة وقراءة بعض الإصدارات الجديدة سنلاحظ حضور الحرب كتيمة أساسية في الإبداع القصصي والروائي والشعرى وخصوصا عند الأدباء الشباب من الجنسين وذلك نتيجة للمناخ العام الذى تعيشه البلاد، فثمة محاورة للحرب ورسم اجواءها في النصوص الشعرية وكثير من الأعمال الروائية للأدباء الليبيين وفي كثير من النتاج الإبداعي الليبي خلال السنوات الأخيرة، وبطبيعة الحال المبدع والكاتب يدعو للخير وللمحبة والجمال ولكنه عندما يعيش أجواء الحرب لن يستطيع الهروب من واقعه بل سيكتب عنها برؤية ومن زاوية مختلفة غير نظرة ورؤية الشخص العادي لهذا نقرا في كثير من الإصدارات الجديدة محاولة لتفكيك الحرب وتحليلها والغوص في أعماق أسبابها وماترسمه على جدران المدن التي تمر بها و محاولة رسم أبعادها، بالتالي كل هذا الزخم الإبداعي من حيث الإصدارات يعبر عن نهضة ثقافية ورؤية جمالية يرسمها كثير من الأدباء المخضرمين والشباب الجدد من الجنسين عبر نتاجهم الإبداعي في كل مجالات الإبداع الشعرى والقصصي والروائي وحتى التشكيل الفني الليبي ويعطى ملامح عن مرحلة ثقافية نشيطة تمر بها البلاد“.

● محاولة لاواعية للنجاة والبحث عن مسارب أخرى

> الكاتبة الشاعرة ميسون صالح: “ما اتمناه ان يرافق هذا الكم حركة نقدية حقيقة والا سيضيع القارئ في الكم“…

وتشير الكاتبة الشاعرة (ميسون صالح) أن هذا العام تزاحمت الاصدارات الجديدة بشكل ملفت “حتى انتابني بعض القلق أن يكون هذا على حساب المضمون”..، ولكن لاتجزم على عودة قوية للثقافة “لا استطيع الجزم على عودة قوية للثقافه بقدر ما قد يكون محاولة لا واعية للنجاة والبحث عن مسارب اخرى.. ما اتمناه ان يرافق هذا الكم حركة نقدية حقيقة والا سيضيع القارئ في الكم اما عن أهمية المثقف في ترتيب الحياة فهذا شئ اكيد بشرط ان يكون لدى المثقف هذه النية للمساعدة في ترتيب الحياة“.

● استئناف النشر مسألة لها علاقة بتدني قيمة الدولار

> الكاتب الناقد أحمد التهامي: “استئناف النشر مسألة لها علاقة بتدني قيمة الدولار“…

بينما يؤكد الكاتب الناقد (أحمد التهامي) على أن الثقافة كانت حاضرة في أوج الحرب “اعترض أولا على القول أن الثقافة تعود ففي نهايات العام 2014 وحين كانت الحرب في وسط بنغازي على أشدها عقد (مختبر بنغازي للسيميائيات وتحليل الخطاب) برئاسة الأستاذ الباحث محمد عبدالحميد المالكي وبحضور د. ابراهيم افنيوة والباحث ابراهيم المقصبي واحمد التهامي وعادل الفرجاني، عدة جلسات علمية فلسفية تحت القصف“.

ويضيف “لكن استئناف النشر مسألة أخرى لها علاقة بتدني قيمة الدولار مما افسح المجال، حاول الناشر على هامش ربح معقول مع المشاركة في معرض كبير عالمي يحظى بحضور كبير متنوع معرض القاهرة للكتاب، وتحرك سوق الكتاب المصري ثم الليبي بالتبعية.. بالنسبة للمثقف فإن دوره لا يمكن قياسه بالحالة الحاضرة بالمنهج الثقافي طويل الأمد ولا يشارك فيما يجري مباشرة إنما يعول على إثر إجمالي لاحق ممتد في المستقبل.. اذ يطرح المفكر دائما أفكارا متعلقة بقراءة المستقبل وهذه بطبيعتها تحتاج وقتا حتى تؤتي اكلها“.

● موضوعية الإرتقاء

> الشاعر مفتاح البركي: “نعمل على موضوعية الأرتقاء بكل ماهو يخدم رؤية وطموح الوطن الحبيب“…

ويشدد الشاعر (مفتاح البركي) على أهمية الإرتقاء وموضوعيته في مشهدية الطرح من قبل النخب الثقافية، حيث يقول: “رغم الأرتباك الحقيقي في مشهدية الطرح من قبل النخب الثقافية إلا أننا مازلنا نعول على موضوعية الأرتقاء بكل ماهو يخدم رؤية و طموح الوطن الحبيب“.

● رد فعل للتصحر والإنقسام والحروب

> الكاتب القاص فتحي نصيب: “الحياة التي تنحاز الى الفرح وسط العتمة والانبات وسط الهشيم“…

وأوضح الكاتب القاص (فتحي نصيب) لعودة الثقافة بزخم أكبر لعدة أسباب حيث قال: “أرى أن الثقافة تعود بزخم أكبر لعدى أسباب عامة وخاصة ومنها: وجود مناخ أكثر حرية للتعبير بزوال الرقابة الأمنية المشددة من ناحية ولتفكك أجهزة الدولة من ناحية أخرى. وايضا ماتمر به ليبيا من من أزمات اقتصادية وسياسية التي تطال الجميع تقريبا والمثقف الكاتب هو فرد يعاني كما الاخرين، ومن هنا قد تكون استجابة الثقافة والادب كرد فعل للتصحر والانقسام والحروب، رغم معرفتي بأنه لاوجود للحياد عندما تكون المعركة بين الجمال والقبح، بين الحلم ببناء وطن يتسع للاختلاف الفكري واختصار الوطن في فئة دون الباقي، بين حق المواطنة والعيش في غابة، بين البناء والهدم. قد يرى البعض ان اصدار كتاب ادبي ترف وقت المحن ولكنها الحياة التي تنحاز الى الفرح وسط العتمة والانبات وسط الهشيم“.

● الإنغماس هروب من استحقاقات سياسية

> الكاتب الناقد جابر العبيدي: الانغماس في الثقافة هو هروب من استحقاقات سياسية“…

ومن وجهة نظر أخرى يرى الكاتب الناقد (جابر العبيدي) إن “بعض الإنغماس في الثقافة هو هروب من استحقاقات سياسية.. ولعلنا عدنا إلي تلك الحقبة بعد أن أعتقدنا إن الثورة قد عتقتنا من مخاوفنا، وأعادت موضعة العلاقة بين المثقف والسلطة بشكل اكثر عدل وسوية، فعدد الاصدرات ليس وازنا والعناوين يغلب عليها السير والشعر الذي يناجي هموم الذات“.

● صنعة الكتابة تكاد تنقرض

> الشاعر الروائي يوسف إبراهيم: “صنعة الكتابة في بلادنا تكاد تنقرض لأن ما ننتجه لا يقتنيه أحد“…

وبرأيه المغاير، يختتم الشاعر الروائي (يوسف ابراهيم) تقريرنا بقوله: أن ما ينقص المشهد الثقافي القراءة، حيث يقول: “لو كنا نقرأ لكان لدينا كتّاب محترفون.. صنعة الكتابة في بلادنا تكاد تنقرض لأن ما ننتجه لا يقتنيه أحد. تنقصنا القراءة وهي كفة الميزان الأخرى المعادِلة للكتابة“.

___________________________________
* نشر بصحيفة (الحياة الليبية).

مقالات ذات علاقة

هل ستندثر الصناعات التقليدية في ليبيا؟

المشرف العام

بين الحاجة للمال والحاجة للقراءة.. من يبيع كتبه؟

إبتسام إغفير

النقد في ليبيا .. محلك سر

المشرف العام

اترك تعليق