من أعمال التشكيلي الليبي معتوق البوراوي
قصة

اِحْــمِــــرَارٌ

من أعمال التشكيلي معتوق أبوراوي
من أعمال التشكيلي معتوق أبوراوي

عِنْدَ رَأْسِهِ تَقِفُ اِمْرَأَةٌ تَقْضُمُ تُفَّاحَةً .. ينظرُ إليها .. إِحْسَاسٌ باندلاعِ نارٍ يَشْتَعِلُ في أعمَاقِهِ ..!؟
كَانَ لابُدَّ لَهُ مِنَ اللَّوْنِ الأحمرِ لِيُلَوِّنَ فُسْتَانَهَا بِهِ، لِيُكْمِلَ لَوْحَتَهُ، ظَلَّ يُفَتِّشُ عنهُ في كُلِّ زاويَةٍ من مَرْسَمِهِ حتى تَهَاوَى إِعْيَاءً ..
شِبْهَ مُخَدَّرٍ نَامَ عَلَى سِجَّادَةٍ مَرْسَمِهِ المُلَوَّنَةِ .. بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ مَا يَزَالُ سِيجَارُهُ مُسْتِيقَظًا ..
***
تَسْقُطُ جَمْرَةُ سِيجَارِهِ فَتَحْرِقُ جُزْءًا مِنَ السِّجَّادَةِ .. تَعْلُو أَلْسِنَةُ اللَّهَبِ .. تُنَاوِشُ الإطارَ فَيَتَصَدَّعُ .. تَأَكَلُ أَسْفَلَ اللَّوْحَةِ .. تَرْتَفِعُ سحابَاتُ الدُّخَانِ .. تَشْرُقُ بِهِ الْمَرْأَةُ.. بِالرَّمَادِيِّ يُلَوِّنُ الدُّخَانُ فُسْتَانَهَا المُنْتَظِرَ .. تَزدُادُ النِّيرَانُ عُلُوًّا .. تَتَنَاسَلُ أَلْسِنَتُهَا .. تَشْرَعُ رَاسِمَةً شُرُوخًا فِي الصُّورَةِ المَأْمُولَةِ .. يَنْثَقِبُ الإِطَارُ.. يَتَهَشَّمُ.. وَتَلْتَهِمُهُ النَّارُ كُلَّهُ..
***
اللَّوْحَةُ جَحِيمٌ يَتَفَاقَمُ .. تَتَهَاوَى منها شَجَرَةُ تُفَّاحٍ .. تَسْقُطُ تُفَّاحَةٌ على رَأْسِهِ فَتُوقِظُهُ .. ينظرُ إِلَى لَوْحَتِهِ الهَشِيمِ .. لم يَبْقَ منها غَيْرُ المَرْأَةِ المُنْتَظِرَةِ أَلْوَانَهَا، المُتَرَقِّبَةِ أَحْمَرَهُ .. تَتَوَقَّفُ النَّارُ عندَ قَدَمَيْهَا؛ تمامًا عندَ أطرافِ فستانِهَا السَّادَةِ .. تَبْتَسِمُ لَهُ فَتَنْطَفِئُ النَّارُ فَجْأَةً .. تَنْجَلِي سَحَابَاتُ الدُّخَانِ .. يَشِيعُ عِطْرٌ زَكِيٌّ في المَكَانِ .. يَدْعُوهَا إِلَيْهِ .. تَرْمِي لَهُ تُفَّاحَةً .. تَتَّسِعُ اِبْتِسَامَتُهُ .. تُلْقِي بِنَفْسِهَا نَحْوَهُ .. تَسْقُطُ في حِضْنِهِ .. يَسْقُطَانِ معًا .. تَسْتَعِرُ نَارٌ فِي أَعْمَاقِهِ .. يَصَرُخُ .. يَسْتَعِيذُ مِنَ الشَّيْطَانِ .. يَنْفُضُ كَابُوسًا ثَقِيلاً اِقْتَحَمَ أَعْمَاقَهُ فَجْأَةً .. يُدِيرَ وَجْهَ لَوْحَتِهِ إِلَى الجِدَارِ .. يُطْفِئُ الضَّوْءَ وَيَنَامُ شِبْهَ مُخَدَّرٍ..!
***
عِنْدَ رَأْسِهِ تَقِفُ امْرَأَةٌ تَقْضُمُ تُفَّاحَةً .. مِنْ شَفَتَيْهَا يَنْهَمِرُ سَائِلٌ أَحْمَرُ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ النَّائِمِ شِبْهِ المُخَدَّرِ ..!!
_______________________________________
من مجموعة: (لَكِنَّ اللهَ يُحِبُّنِي..!!) تحت الطبع.

مقالات ذات علاقة

صــورة

موسى اللافي الشيخي

الجواب

الصديق بودوارة

الفراغ الهش

محمد دربي

اترك تعليق