صلاح النزال
دائمًا ما يحدُثُ الْفَرقُ بيْن مَقايِيسِ الرُّجُولَة وَمَقايِيسِ الذُّكورةِ وَكُلّ مِنْهُما يخْتَلفُ عنِ الْآخرِ كمَا تخْتلِفُ سُلوكِياتُ الْبشَرِ عنْ بعْضِها الْبعْض وهذَا أَلبْسٌ يحدِثُ على خلْفيَّةِ عدمِ الثَّقافَةِ الْعامَّةِ والْفهمِ الصَّريحِ لِبعْضِ الأَلْفَاظِ وَالزُّجّ بِهَا فِي الْحِوَارَاتِ وهذا لَيْسَ عيْبٌ وإِنَّمَا كارِثةً بِكُلّ ما تعَنِّيِهِ الْكلِمَةَ مِنْ معنًّى فَنحْنُ الْيوْمُ فِي عَصْرِ السُّرْعَةِ وَالتِّكْنُولُوجِيَا وَالْحَدَاثَةِ حيْثُ يُسهِّلُ علَى الْجمِيعِ أَن يتَحصَّلُ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ مِنْ مُصادرِ موْثوقَةِ ودَقيقةٍ وبِنَاءٍ علَى دارِسَاتٍ عِلْميَّةٍ عمِيقَةَ وحَذَرةً ولَعَلَّ هامِشَ الخَطأِ يكُونُ ضَعِيفَ أوْ معْدُوم لأَنَّها أسْتمرت لِعدَّة سنوَاتٍ مِنَ الْبحْثِ والتقصي.
لَا يُخْفى عَلى أحدِ الْيوْمِ أَنّ يمَّكُنّ للمرأَةْ أَنْ تَتصَرَّفُ مِثْلُ الرُّجَّالِ ورُبَّمَا أفْضلِ بِكثِيرِ هُنَا نَتحَدَّثُ عَنِ الْأَعْمالِ الْيوْمِيَّةِ الْمَنَاطَةَ بِالرَّجُل فِي الْمُجْتَمعَاتِ الْعرَبِيَّةِ الْمُحَافِظَة فِي الظَّاهرِ لكِنَّ هَذَا التَّصرُّف أَمَرُّ طَبيعِيُّ يمرُّ مُرورُ الْكِرَامِ عَلَى بَعْضِ الْمُجْتَمعَاتِ الْمُتَحرّرَةِ فِي بَعْضِ الدُّوَلِ الْعَربِيَّةِ وَالْأَجْنَبيَّةِ حَيْثُ يَنْظُرُ للمرأَةِ الَّتِي تَتصَرَّفُ مِثْلُ الرَّجُلِ فِي مُجْتَمعَاتِنَا الشَّرقِيَّةِ بِشَكْلِ ضِيقٍ عَلَى أَنَّهَا غَيرُ سَويَّةٍ وغيْرِ صَالِحةٍ بِأَنَّ تكُونُ زَوْجَةُ صَالِحَةُ أَوْ مُربَّيةُ أَجْيالٍ لِأَنَّها دائمَةُ الإحتكاك بالذُّكورِ وَلَيْس بالرُّجَّالِ “هُنَا التَّنَاقُضِ ” والْبَعْض يَصُفُّهَا بِالْعَاهِرةِ لِأَنَّها لَيْسَت مِثْلُ نِسَاءهِمْ وَيُردِّدُونَ علَيْهَا وصفَّ الْمرأَةِ المُسترجلة ” فَهُنَا الْمُلَاَبَسَةِ ” بُغْضَ النَّظَرِ عَنِ التَّمْييزِ والْعُنفِ وَالْقَمْعُ وتقييد حَرَيْتُهَا وَالْأَذَى بِشكْلِ عامِ الَّذِي يُمَارِسُ ضِدُّ الْمَرْأَةِ الْعَامِلَةِ عُمُومًا وَالْمَرْأَةَ الْمُكَافَحةِ خُصُوصَا الَّتِي تَعْمَلُ فِي الْأَماكِنِ الَّتي يتَوافَدُ إِلَيْها الْكَثيرَ مِنَ الذُّكورِ ويظِلُّ هذَا التَّمْييزُ وسَامُّ شرَفٍ لهَا كوْنُهَا أَرادَتِ التَّغْييرَ لِلْأفْضلِ وَإِعَانَةٍ نفْسُهَا وأَسرَتْهَا وَسطُ الْمُجْتمَعِ الْمُتَقلِّبِ علَى نَفْسُهُ وَالْمُتَناقِضَ حتَّى فِي أَفْكَارِهِ فَهذِهِ ضرِيبَةِ عدَمِ الْخُضُوعِ أَوِ الرُّكوعُ إلْي الْأَفْكارِ الْمُتَحجّرَةِ الَّتِي أَسْفَرتْ علَى خَلْقِ جِيلِ كَامِلِ لَا يَحْتَرِمُ الْمَبَادئُ والْمُعْتَقدَاتُ الَّتِي تُقَطِنُ معَهُ وينْظُرُ إلْي منْ يُخَالِفُهُ بِأَنَّهُ سِيء وغَيْر مَرْغُوبٍ بِه معَهُمْ عَلى الْمعْمُورَةِ.
الأخلَاقُ وطرِيقةُ التّعامُلِ وليْسَ الشَّكلُ هِي الطريقَةُ المُثْلى لِلتّعامُلِ أَوِ الْعملُ مع أيِ شخْصِيّةِ يمِكُنّ أنْ تكُونُ عابِرَةٌ أَو حتَّى دائِمَة رجُلًا كانَ أَوْ مرأَةً كانَتْ ولَا يُحقّ لأَيِّ شخْصٍ بِأَنْ يسْتهْزئَ مِنْ طرِيقةِ حديثِكَ اللَّينَةِ أوْ شكْلُ ملاَبسِكَ أوْ حذائِك المُفضّل أَوْ نوعُ مركبتِكَ أَوْ حتَّى طرِيقَةِ الْمشْي الْخاصَّةَ بِك مهْما كانتْ مُشْمئِزَّةٌ لِلْبعْضِ فَنحْنُ جمِيعُ هُنا مُدانُونَ وسْواسِيَّةَ نِتاجِ التَّطَبُّعِ بِالطَّبْعِ السَّيْءِ ولِكُلِّ شخْصِ حُرِيتِهِ فِي اِخْتِيارِ الْأَنْسبِ لهُ بِما يُرْضِيهِ وَيَرْضى ذاته بِدُونِ الْحاجةِ إلْي ردَّةٍ فَعَلًّ منْ أَيِّ أحَدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُجْتَمعِ ” الْمُحَافِظَ”.
الله وحْدِهِ فِي السَّماءِ يصُورُ الْجنِينُ فِي الْأَرْحامِ أَنْ كانُوا ذكور أَوْأناث أوْ غَيْر ذلِك وهذَا شيْءِ فطرِيٍّ وطبِيعِيِّ جِدًّا ومفْهُومَ لدِّي الْكثِير لكِنَّ أَنْ نرْبِطُ تصرُّفَاتِ الذِّكْرِ بِالرُّجُولةِ هذَا شيْءِ غيْرِ مِنْطقِي أَوْ أنْ نرْبِطُها على اِنْعِكَاساتِ الْعُمرِ أَوِ السِّنُّ أَوْ بحسْبُ تكهُّناتِ الْمُتَكهّنِينَ فهذِهِ هِي المُفَارقَةُ الْكُبْرى، مُدارسَنَا الّتِي هِي مِن الْمُفْترضِ أَنَّ تكُونُ منْبعٌ لِلْعِلْمِ يجِبُ أَنْ تُحدُّثٌ مِنْ منَاهِجِهَا بِمَا يتَماشى مع الْعصْرِ فقدْ سئِمَا الْمُتَعلِّميْنِ الْإِعادةَ وَالتَّكْرار والْعائِلَةَ الَّتِي يجِبُ أَنْ تُوعى أَبْناءُها علَى الْعدِيدِ مِن الْمفاهِيمِ وعنْ حُرِيَّةِ اِتِّخاذِ الْقَرارِ والْحُرِّيَّةِ الْفِكْرِيَّةِ والْحُرّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ وإحترام الْأَجْناس وَالْمُعْتقَداتِ قَبْل الذات هذِهِ هِي الْأَوْلوِيَّةُ ولَا أُرغِّبُ بِالْغوْصِ فِي الْحديثِ عنِ الشارِعِ الْعَام الَّذِي هُو منْبعٌ لِلْفَسادِ والْمُخَلَّفاتِ الْأخْلاقِيَّةِ ومصْنَعٍ لِلتَّنَمُّرِ الْواقِعِي وأَيْضًا الْإلِكْتُرونِيِّ، كذَلِك هُو الْآخِرُ يجِبُ أَنْ يُطوِّرُ مِنْ أَفْعالِهِ الْمشِينَةِ فَكلِّ هذِهِ التَّراكُماتِ والتَّصرُّفاتِ لمْ تأْتِي جِزَافًا أوْ عنْ طرِيقِ الصَّدفَةِ فالْيوْمِ أَصْبحَتِ الْأغْلبِيّةُ الْعُظْمَى مُنْعَزِلَةُ تفَادِيًا مِن الْاِصْطِدامِ بِهذَا الْمُجْتَمعِ الَّذِي أَصْبح مشْحُونٌ ولَيْس لديْهُ قَابِلِيَّةِ أَنْ يتَحدَّثُ عنْ عُيُوبِهِ لِيُعالِجُها أَوْ حتَّى يُؤمّنُ بِها أَنَّهَا موْجُودةٌ ويجِبُ أَنّ تُعدِّلُ مسارُهَا الَّذِي أَسفَرٌ عنْ خَرابِ أَجْيالِ كامِلَةِ تسِيرُ علَى خُطى منْ سبَّقُوهُمْ بِنفْسُ النَهْجِ فأَصْبحُوا مِثْلُ قُنبُلَةِ موْقُوتِهِ تُرغِّبُ بِالْاِنْفِجارِ ولَمْ تسْنَحْ لهَا الْفُرْصَةُ بعْدَ.
تصرُّفَاتٍ يَراهَا مُرْتكِبُهَا بسيطَةُ جعِلَتِ الْكثِيرُ يقَعُ فِي أخطَاءِ عظِيمةِ لا يمُّكُنَّ أنْ تغْتفِرُ بِالسَّهْلِ وَلَهَا تبِعِيَاتُ عبْرِ السّنوَاتِ والْأَجْيالِ لِأَنَّ الثَقافةَ شيْءَ أَساسِي لِلنَّماءِ أَنّ كانَتْ ثقافَةُ جِيدةٍ وخَالِيةٍ مِنَ الشّوَائِبِ وإنعكَاسات الْمُجْتَمعَ وما أَحْوجَنَا إِلَيْهَا الْآن فِي ظَلَالْ الحُروبُ الْعُنْجُهِيَّةَ والْغَجرِيَّةَ والْفِكْرِيّةَ والْبِيزنْطِيَّة وتَزْوِيرهَا بالْإِسْلَام التِي يُقَوِدُها الْمُتخلّفَيْنِ فَكريا فَهُم أَشِبْهُ بِالْورمِ السَّرطَانِي الْخبِيثِ الّذِي يحْتَاجُ إلْي إِزالَةِ قَبْل أَنْ يتَكاثَرُ بِطرِيقَةٍ مُقْرِفَةٍ تجْعَلُ الْجمِيعُ مُتشابِهٌ فِي الْأَفْعالِ بِقناعَةِ عملِيَّةِ غيْرِ مِنْطَقِيَّةٍ وبِطْريقَةٍ مُقْرِفةٍ تُشجِّعُ علَى الرَّحِيلِ بعيدَا.