ترجمة: عاشور الطويبي
.
1
يا عبد، تطلبني أين؟
أنظر! أنا بجانبك.
لا في معبد
ولا في جامع أنا
لا في كعبة
و لا في كاشالا أنا
لا في طقوس
واحتفالات أنا،
لا في يوغا
و لا في زهد أنا.
لو كنتَ باحثا حقيقيا،
حالاً في لحظة ستراني
ستقابلني.
يقول كبير، “يا فلان!
الإله
نَفَسُ كلّ نَفَسْ.”
2
لا حاجة لتسأل الرجل الصالح
من أي طبقة هو؛
فرجل الدين والمحارب والتاجر
و كلّ الست والثلاثين طبقة
جميعها تبحث عن الله.
من الحمق أن تسأل
ما تكون طبقة الرجل الصالح؛
الحلاّق بحث عن الله،
المرأة النظّافة،
والنجّار-
حتى ريداس كان باحثا عن الله.
سواباتشا ريشي كان دباغا طبقيا.
الهندوس والمسلمون وصلوا إلى تلك النهاية،
فلا بقايا لعلامات اختلاف.
3
يا صديقي!
ليكن هو مأمولك
وأنت حيّ،
اعلم
وأنت حيّ،
افهم
وأنت حيّ:
لأن النجاة ملزمة.
إذا لم تكسر قيودك
وأنت حيّ،
أي أمل للنجاة
من الموت؟
لا شيء سوى حلم فارغ،
على الروح أن تتّحدَ معه
لأنها غادرت الجسد:
إذا اُكْتِشفَ الآن،
اُكْتِشفَ لاحقاً.
إذا فشلنا،
ليس لنا سوى الذهاب للإقامة
في مدينة الموت.
إذا اتّحدتَ الآن،
ستحصل عليها فيما بعد.
استحمّ في الحقيقة، ا
عرف الغورو الحقيقي،
ثق في الاسم
الحقيقي!
يقول كبير: ” إنها روح البحث التي تُعين؛
أنا عبد هذه الروح.”
4
لا تذهب إلى حديقة الأزهار!
لا تذهب إلى هناك يا صديقي!
حديقة الأزهار في جسدك.
خد مقعدك فوق ألف بتلة لزهرة لوتس،
و حدِّق
في الجمال اللانهائي.
5
يا أخي قل لي، كيف أتخلّى عن مايا؟
لمّا تخلّيتُ عن رباط الأشرطة، بقيتُ أشدّ ردائي عليّ
لمّا تخلّيتُ عن شدّ ردائي، بقيتُ أُغطّي جسدي في طيّاته.
ولمّا تخلّيتُ عن العاطفة، بقي الغضب؛
ولمّا تخلّيتُ عن الغضب، بقي الطمع؛
ولمّا هُزمَ الطمعُ، بقي الكبرياء و الصلف؛
ولمّا انفصل العقل وأبعد مايا، بقي متشبتاً بالرسالة.
يقول كبير: “استمع لي، عزيزي فلان!
من النادر إيجاد الطريق الحقيقي.”
6
القمر يسطع في جسمي، لكن عينيّ العمياوتين لا تستطيعان رؤيته:
فيّ القمر، وكذلك الشمس.
فيّ طبل الأبدية الذي لم يدق صوته؛ لكن أذنيّ الصم لا تستطيعان
سماعه.
طالما يتذمر الانسان ل أنا و ل لي، لا قيمة
لأعماله:
عندما يموت كل الحب ل أنا و ل لي، يكتمل عمل المولى.
فلا هدف للعمل غير الحصول على المعرفة:
حين تأتي تلك، يوضع العمل بعيدا.
من أجل الثمرة تتفتح : حين تأتي الثمرة تذبل الزهرة.
المسك في الظبي، لكن لا يبحث عنه في داخله:
يجول بحثا عن العشب.
7
لمّا يظهر نفسه بنفسه، يأتي براهما إلى الظاهرة بما لا تتعذر رؤيته.
مثلما البذرة في النبات، مثلما الظل في الشجرة، مثلماالفراغ
في السماء، مثلما أشكال اللانهائي في الفراغ-
لذا من وراء اللانهائي، يأتي اللانهائي؛
ومن اللانهائي يمتدّ النهائي.
الكائن في البراهما، والبراهما في الكائن:
مختلفان هما دائما، متحدان هما دائما.
هو ذاته الشجرة، البذرة، والجرثومة.
هو ذاته الزهرة،الثمرة، والظل.
هو ذاته الشمس، الضوء، واللطيف.
هو ذاته براهما، الكائن، والمايا.
هو ذاته الشكل المتعدد،الفضاء اللانهائي؛
هو النَفَس، الكلمة، والمعنى.
هو ذاته الحد واللاحد: و وراء المحدود واللا محدود هو، الطاهر.
هو العقل الجوهري في البراهما وفي الكائن.
الروح السامية تُرى في داخل الروح،
النقطة تُر ى في داخل الروح السامية،
و في داخل النقطة، يُرى الانعكاس مرة ثانية.
كبير مبارك لأن عنده هذه الرؤية السامية!
8
في داخل هذا الوعاء الترابي أكواخ وبساتين،
وفي الداخل خالقه:
في داخل هذا الوعاء البحار السبعة والنجوم التي لا تحصى.
في الداخل المحكّ وعيّاري الجواهر ؛
وفي داخل هذا الوعاء الصوت الأبدي، و الينبوع المتدفق إلى أعلى.
كبير يقول: ” استمع لي، يا صديقي! في الداخل حبيبي و مولاي.
9
آه، كيف أقدر أن أعبّر عن الكلمة السرية تلك؟
آه، كيف استطيع قول هو لا يشبه هذا، وهو لا يشبه ذاك؟
لو قلتُ أنه في داخلي، يخجل الكون:
لو قلتُ هو بدوني، فهو باطل.
هو يجعل عالم الباطن و عالم الظاهر واحدا لا يتجزأ؛
الوعي واللاوعي، كلاهما مساند لقدميه.
هو ليس ظاهرا ولا مخفيا، هو ليس معلنا ولا غير معلن:
لا كلمات لتخبر عنه.
10
يا مسكين، إليكَ يا حبيبي اجتدبتني!
كنت نائما في حجرتي، وأنت أيقظتني.
يا مسكين، ضربتني بصوتك!
يا مسكين، كنت غارقا في أعماق بحر هذا العالم،
وأنت أنقذتني: حضنتني بذراعيك!
يا مسكين، كلمة واحدة فقط لا ثاني لها-
وجعلتني أمزق كل قيودي!
كبير يقول: ” يا مسكين، أنت جعلت قلبك وقلبي واحدا”
11
لعبت ليل نهار مع رفاقي،
وأنا الآن في خوف عظيم.
قصر مولاي في أعلى عليّين، قلبي يرتعد لأصعد درجه:
واجب عليّ أن لا أكون خجولا، إذا رغبت في الاستمتاع بمحبته.
على قلبي أن يلتصق بمحبوبي، علي أن أخلع حجابي،
وألاقيه بكل جسدي:
على عيني أن تستعرضا حفل قناديل الحب.
كبير يقول: “استمع لي، يا صديقي: هو يفهم من يحب.
إذا كنت لا تشعر بالشوق إلى حبيبك،
لا جدوى أن تزين جسدك،
لا جدوى من وضع المراهم على جفنيك.”
12
يا بجعة، اخبريني قصتك القديمة.
يا بجعة، من أي أرض تجيئين؟
إلى أي شاطئ ستطيرين؟
يا بجعة، أين سترتاحين، وعن ماذا تبحثين؟
يا بجعة،
هذا الصباح أيضاً،
يستيقظ،
ينهض،
يتبعني!
هناك أرض
لا شك فيها
و لا أسى:
لا خوف من الموت.
و غابات الربيع في ازهرار،
الرائحة المعطرة “أنا”
ولدت فوق الريح:
هناك
نحلةُ القلبِ مغمورة عميقا،
لا تشتهي
متعة أخرى.
13
مولاي الذي لم يُخلَق، من يخدمك؟
كلّ نصير يهبُ عبادته إلى إله مِن خَلقه:
يقوم بعبادته كلّ يوم-لا أحد يطلبه،
الكامل: براهما، المولى غير قابل للانقسام.
هم يؤمنون بعشرة من الأفاتار؛ لكن لا افاتار يمكن أن يكون الروح اللانهائي، لأنه يتعذب بنتائج أعماله:
الواحد العليّ، غير هذا.
اليوغي، السانيوسي، الزاهد، يجادلون بعضهم بعضا:
كبير يقول: “يا أخي، من رأي نور العشق، نجا.”
14
النهر وأمواجه زَبَد:
ما الفرق بين النهر وأمواجه؟
عندما ترتفع الموجة، إنها الماء؛
وعندما تتراجع، فهي الماء مرة أخرى.
قل لي، سيدي،
أين الفرق؟
لأنها سميت موجة،
لن يُنظر لها كماء؟
في داخل البراهما السامي،
تحكى العوالم كحبّات مسبحة:
انظر إلى تلك المسبحة
بعيني الحكمة.
16
بين قطبيّ الوعي واللاوعي،
صنع العقل أرجوحة:
تُعلّق عليها كلّ الكائنات وكلّ العوالم،
ولا تفقد الأرجوحة حركتها أبدا:
ملايين من الكائنات:
الشمس و القمر في فلكيهما هناك:
ملايين السنين تمرّ،
والارجوحة في حركة دائمة.
الكلّ يتأرجح!
السماء
والأرض
والهواء
والماء،
والمولى
ذاته يأخد شكلا:
معاينة هذا جعل كبير خادما.
*
كبير لم يعرف إلا بهذه الاسم، يعتقد أنه ولد عام 1440 ميلادي لاسرة مسلمة بالقرب من مدينة بينارس بالهند. في سن مبكرة صار مريدا لرامامناندا الراهب الهندوسي الشهير . كبير لم يكن راهبا أو زاهد، فقد تزوج وكان له عدد من الأبناء وامتهن حياكة الملابس.
نسجت الكثير من الحكايات عنه، وبقيت أشعاره وأغانيه خالدة.
تقول احدى الحكايات: عند وفاته اختصم أتباعه من المسلمين والهندوس في طريقة دفنه. المسلمون قالوا يدفن على الطريقة الاسلامية، والهندوس قالوا بحرقه على طريقتهم. وفيما هم يختصمون، ظهر لهم كبير وقال لهم أن أفتحوا التابوت، وعندما فعلوا ذلك وجدوا مكان الجثمان كومة كبيرة من الأزهار، فاقتسموها بينهم. المسلمون دفنوا نصفها والهندوس حرقوا النصف الباقي.