ترجمات

تاكسي إلى بنغازي

للكاتبة الفرنسية: ماري ليز لوبرانو

 

 

 

 

“ذهبتُ إلى القاهرة بعد سقوط مبارك لتغطية الأحداث هناك ولأري عن قرب كيف هي الثورات العربية، وهي أول الثورات التي يعرفها جيلي من الصحفيين. ولكن في اليوم التالي من وصولي إلى هناك بدأ الشعب الليبي يثور ضد العقيد القذافي. لحقتُ بثاني قوافل المساعدات الطبية التي انطلقت من القاهرة إلى ليبيا وذلك بعد ثلاثة أيام من انتهاء “مذبحة بنغازي” التي راح ضحيتها مئات الليبيين في الأيام الأولى من الثورة.

 

دخلتُ مع تلك القافلة الطبية إلى بلدٍ لم أعرفه من قبل… لم أعرف عنه شيئًا على الإطلاق. في السابق تعودت أن أعمل وحدي في مجال مهنتي كمراسلة صحفية، ولم يسبق لي أية تجربة مع الحروب ولا مع الشرق الأوسط.. هذه المرة قضيتُ شهرين كاملين في حالة تلاحم تام مع الثوار الليبيين، قبل أن أشهد سقوط طرابلس. لقد تبعت الثوار في تقدمهم، واستقبلتني عائلاتهم في حفاوة في البيضاء وبنغازي والبريقة والمرج واجدابيا وراس لانوف. لقد كنت معهم في سياراتِ الإسعاف أيضًا والتي كانت تحمل الجرحي من الثوار جنبا إلى جنب مع جرحى كتائب القذافي الذين تلقوا المعاملة الحسنة من طرف الثوار فتم علاجهم مثل غيرهم من الجرحى.

 

لقد نمتُ معهم في الصحراء، وفي المستشفياتِ، ومعهم كنتُ اختبأ عندما يقترب جنود القذافي.

 

شاركت الثوار أحزانهم كلما فقدوا أحد أخوتهم ، أو أحدا من أصدقائهم الذين كانوا أصدقائي أيضًا.

 

معهم شعرتُ بالخوف تحت الرصاصات الخطاطة المزودة بالمواد المضيئة، وتحت القنابل التي تسقط على نحو عشوائي… ومعهم جمعتُ أشلاء الشهداء وأسعفتُ الجرحى… ولكني أيضًا ضحكت معهم كثيرا لأن هؤلاء الثوار لم يفقدوا حس الدعابة قط.

 

لقد تركوني أدخل في حياتهم وعاملوني مثل أختٍ لهم واحترموني رغم كوني امرأة ، وأجنبية ، ولا أدين بدينهم… ولا أرتدي حجابا.

 

كنا نتشاجر أحيانا مثلما تتشاجر أخت مع أخوتها.. حتى في الوقت الذي كانت تسقط فيه القذائف حولنا.

 

في ساعة الوداع التي لن أنساها قالوا لي: ” لا تنسينا… عودي إلينا بأسرع وقت.”

 

أنا لم أنس ذلك الوداع.”

 

هذا ما كتبته الكاتبة “ماري ليز لوبرانوا” عن كتابها “تاكسي إلى بنغازي” الذي أعتبره النقاد نصا من أهم النصوص التي كتبت عن الحرب… حيث نرى الإنسان وسط ذلك الصراع النبيل الذي أجبر فتية على حمل السلاح من أجل الدفاع عن شرفهم، ووطنهم ضد ديكتاتور جثم على قلوبهم أكثر من أربعة عقود.

 

 

 

وتقول الكاتبة ماري ليز لوبرانو في إحدى مقابلاتها مجيبة عن سؤال عن مستقبل الليبيين:

“لقد أنتهت الحرب، وأصبح بإمكان الليبيين أن يطوروا بلدهم، وإعادة بنائها وتحويلها إلى بلد جميل. ليس صحيحا القول بأن بالبلد مازال الكثير من مؤيدي القذافي… بالطبع ثمة أناس أستفادوا من النظام السابق ولكن هؤلاء قلة وليسوا مستعدين لمواصلة الحرب… نعم أنا متفائلة للغاية ، لقد عرفت أن الليبيين قاتلوا من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والعدالة.”

 

ترجمة : د. محمد قصيبات 2012

مقالات ذات علاقة

تأملات في المجتمع المدني

عطية الأوجلي

16 أغنية من أغاني الشاعر الهندي “كبير” (القرن 15 م)

عاشور الطويبي

قصائد من شعب الروهينغا

عاشور الطويبي

اترك تعليق