من أعمال الكيلاني عون
المقالة

أسطورة صراع الأجيال

من أعمال الكيلاني عون
من أعمال الكيلاني عون

في الحديث عن الحالات الثقافية ذات الأصول الاجتماعية يبرز في صدر أسئلة التواصل الجدل العنيف حول ما يمكن تسميته بحق : أسطورة الأجيال المتصارعة ، أو وهم الصراع ، ذلك أن المشهد الثقافي العربي بتجلياته وتموجاته ينطلق من واقع المجتمع العربي شعبيا ورسميا ، اقتصاديا وعلميا وفكريا ، ومن التخلف الحاد مؤسساتيا ، وهو ما يجعل الحديث عن أنساق معرفية متخلفة وأنساق معرفية حداثية من ضروب التفريق الخيالي ، فليس هناك عمليا أجيال متجاوزة لأجيال عربيا ، بل جملة من بشر في مراحل عمرية متعددة يحكمهم واقع رفض الآخر ولعنة كراهية الحوار وآفات اتهام الديمقراطية ، وهو موجود ومعروف من أقصى المغرب العربي إلى أقصى مشرقه .. إنها صدامات غير منتجة ، نزاعات بهلوانية مضجرة ، يقيدها الخروج عن المنطق ويعريها الدخول فيه ، وذلك بالطبع لا علاقة له بالتفاعل الثقافي ولا هزات الحضارة ، بل يتعلق بالتبعية للمفروض واقعيا والجنوح إلى المفترض في حصالة الأمنيات.

الحقيقة أن التسطيح الذي شهدته وتشهده كافة السجالات العربية بالأخص الثقافية والسياسية منها أصبح مرضا متفشيا ينبغي الوقوف عنده ومعاينته واستشراف أفق علاجه ، مرض شبيه بالسرطان الذي يتفشي ببطء فيعطل عجلة السير نحو الأمام ويسقط الجسم في الألم والعجز ومن ثم الموت ، والكاسب من وراء ذلك هو الثرثرات الهامشية التي لا تخدم المفهوم ولا تفيد واضعيه ولا المتناقشين حوله ، إنه قيد من جملة قيود تكبل وتشد للخلف ، قيود تصدم رؤوس المشاريع الجديدة والتراث معا ، كفران متواصل للقيم الإنسانية ، كل ذلك دون أن يكون هناك ما يحمي أو يضمن ، فالجهالة هي القاعدة عربيا ومحاولات التطوير أمر مفروغ من فشله في ظل بنية فكرية وسياسية واجتماعية عربية خانقة ، تحترم كل ما هو متفق عليه أو مختلف فيه داخل إطار التخلف المريع ، والفقر والمرض والأمية والنفاق الاجتماعي وضعف الإرادات ، والبديل عن النقاش بين الأجيال هنا هو التصفية التي جربها الساسة ويجربها المثقفون لمصلحة الساسة الآن ، ليس هناك صراع أجيال عربي ، هناك فقط نفاق أجيال أو على الأقل أسطورة عن صراع أجيال لا تصلح حتى حكايةً لما قبل النوم !!

مقالات ذات علاقة

لمحة مختصرة عن رواية (طرابلس داخل اسوار المدينة)

المشرف العام

وزارة الثقافة والإرشيف الليبي الرقمي (Libyan Digital Archive LDA)

يونس الهمالي بنينه

أليس لدينا مقبرة لعظمائنا؟

المشرف العام

اترك تعليق