الزنزانة 1
قابع في الظلمة
يحيك أفكاره
يتوسد الجدار الرطب
تتهادى له أمواج السواد
يشق عبابها
يتلحف الوحشة
و تمتد أمامه ألسنة الليل بغطرستها
تكبكبه في ظلمة لا متناهية.
*
الزنزانة 2
قضبان تأسره
تزأر في وجهه كلما اقترب
تغرز أنياب الخوف في وجنتيه
قشعريرة تلوك خلايا جلده
يسف الأنين
ويلعق الماء المندى على الجدار.
*
الزنزانة 3
يتحسس المكان بأطراف باردة
يداعب أرضية ملساء
العفونة ازكمت روائحها أنفه
أنفاسه مبعثرة
يرتجي أن تثمر فرجا
فيشع النور ويحلق مبتعدا.
*
الزنزانة 4
لا شيء سوى السواد
لا شيء يوحي بالوجود
السكون وحده المصيطر
جمود مابعده جمود
و قيود تجعله رهين ظلمته.
*
الزنزانة 5
مر هواء لاذع برئتيه
ملأ الفراغ رذاذا كالمطر
بلا رعد .. بلا برق
كسحابة صيف
في ليلة داجنة.
*
الزنزانة 6
اقترب من الجدار
مال برأسه إلى الزاوية
الصق خده بالأرض
و افترش العفونة.
*
الزنزانة 7
بعدما تداعت الأحلام بجفنيه
فر النوم من عينيه هاربا
وهب واقفا
بين يأس يمرجحه
وأمل يقلقه
في ثنايا الذاكرة
أخذ يفتش عن صور الطفولة.
*
الزنزانة 8
قفزت إليه صور مشوشة
بل معتمة
كزنزانته
لا تمت للطفولة بصلة
…هكذا خمن بداخله.
*
الزنزانة 9
بدا ذلك في تخميناته
لكن
سرعان ما تلاشت العتمة
وغاب التخمين
ببزوغ طفولته
طفولة مريرة
قسوة الأيام بها بادية.
*
الزنزانة 10
طفولة اجبرته على الرحيل
و إهراق الدمع
تناسى مع ألمها
الظلام الدامس.
*
الزنزانة 11
ظهر كهلا في طفولة متأخرة
ارهقت مزاجه
اتعبت روحه
فرددت آهة كئيبة
ملأت جوف الزنزانة
و تمنى أن ترحل الصور.
*
الزنزانة 12
ابت صوره الرحيل
و ظلت متشبثة بالمخيلة
تزيد بصدره الأوجاع.
*
الزنزانة 13
هاهي صورة من طفولته
تعاوده
تسرح بعقله
تنشب اظفر الشجن في نفسه
تسطر الألم
و تخيم الكآبة
صورة تفقده صوابه
تعترف بعجزه
و فيها يغيب الأمل.
*
الزنزانة 14
لم يكن بوسعه تجاهل ماضيه
فانسابت الدموع
تواسي جراحه
تخفف غيوم الفاجعة
و راجيا بها انقشاع ظلامه.
*
الزنزانة 15
فاجعة نكبته
وهو في عمر الزهور
جعلته فريسة
لعيون المشفقين
للسواد
للحرمان
ونبذ الحياة
… ليظل رهينا
في قبضة العتامة
و رهنا لـعـمـاه !.
__________________
ديسمبر -2015