من أعمال التشكيلي الأردني وليد الجعفري
طيوب النص

صديقي الذي هناك..!!

من أعمال التشكيلي الأردني وليد الجعفري
من أعمال التشكيلي الأردني وليد الجعفري

في أقصى الشرق يسكن الكاتب والأديب (عبدالرحيم بوحفحوف) الذي نعدّه استراحة لنا في الجزء الشرقي من بلادنا المترامية الأطراف ، فحينما نتوجه نحو مصر ، نتصل به كي يجهز لنا (طاسة شاي) على السريع تزيل عناء السفر عن أجسادنا وتمنحنا نفساً عميقاً بعيداً عن روائح المدينة التي أزكمت أفكارنا وشتتت هدوء نفوسنا ، لكن حفاوة (بوحفحوف) لا تقف عند هذا الحد ، فنعدما نصل إليه نجده ينتظرنا بقلق أمام بيته المتواضع ، وما أن يرى سيارتنا حتى يهب إلينا حافي القدمين بابتسامة صادقة تختفي على أثرها عيناه الصغيرتان ، يحتفي بقدومنا فارشاً أمامنا كلمات الترحيب الصادقة ، ويدخلنا ( مربوعته ) الوثيرة بالمجلات والجرائد والوسائد وعلى عادة البدو الأصلاء تبدأ أطباق الطعام في التوارد دون انقطاع بدءاً من الحليب واللبن والتمر وخبزة التنور التي تتفنن والدته في إعدادها بإتقان وتفرد.

يسرقنا الوقت وحكايات (بوحفحوف) الممتعة وأطباقه اللذيذة ونفاجأ بالليل يرخي سدوله .. ونكتشف أن المؤامرة قد حيكت من كل أفراد أسرته كي نبقى لوجبة العشاء .. حتى (جعفر التبسيس) الذي كان لم يتعدَّ الأربعة أعوام يخيل لنا أنه اشترك في اللعبة بشقاوته وعباراته النادرة .. بكل تأكيد هو الآن شاب يافع .. ولا مفر أمامنا من تناول وجبة سمك طازجة اصطادته (المعبدية) ـ أقصد الحفحوفية ـ (زوجة عمه) من بحر الشط شمال كمبوت وهو المتميز بخلوه من التلوث. 
على كل حال .. يظل عبدالرحيم بوحفحوف الذي يسكن في أقصى التجاهل الثقافي محطة للعابرين من وإلى الشرق ، ويظل الصديق المخلص والوفي والودود والبدوي الأصيل السعيد بحاله وبمن يحلُّ ضيفًا على داره .. إذ إنه مايزال يتمسك بعادات أجداده الكرماء بكل اعتزاز وتواضع وهو ما نفتقده نحن أبناء الغابات الخرسانية ..ففي مثل هذه الظروف نكتفي بعبارة : (تفضل معانا .. جديات والله !!).

لكن السؤال الذي يلح ويبحث عن إجابات وليس إجابة ودون أن أفصح لصديقي (بوحفحوف) عنه هو : إلى متى يبقى مع قهايره دون أن يبحث عمن تقاسمه متعة الاحتفاء بالضيوف وإكرامهم بتقديم وجبات شعبية لهم ؟؟؟ وإلى متى تظل والدته تكابد مرارة عزوبيته ؟!!

مقالات ذات علاقة

ربيع حياتي

المشرف العام

تجاعيد قبل الأوان

عبدالسلام سنان

ألوان الطلاء الجميلة

ميسون صالح

اترك تعليق