المقالة

الكتب كالديناميت

الكتب مواد خطيرة على الإنسان مثل الديناميت و المخدرات و الاعاصير و المجاعات ، في كل مرة انتهي فيها من قراءة كتاب أو مقالة اصاب بمرض جديد و ينتقل ” الايدز ” الثقافي من انف الكاتب إلى أنفي، و كلما زادت قائمة الكتب التي قرأتها زادت قائمة امراضي ، و كما ترون الإتصال بين القارئ و الكاتب اتصال ملوث و غير خاضع لشروط السلامة الصحية…

مكتبة
أرشيفية عن الشبكة

في البدء كانت الكلمة يقول الكتاب المقدس و لعل الكلمة ذاتها حملها المسيح كما حمل صليبه في مأساته في اورشليم و مات بها كما مات لوركا بكلماته و كما يموت أي محترف بحرفته ، الجندي يموت بسلاحه الفاسد و الراعي يموت بنطحة بقرته و العاشق يموت بحبيبته ، و القراء كذلك يموتون بالكلمات يطاردون موتهم من مكتبة إلى مكتبة و من كتاب إلى كتاب كما يطارد الطفل فراشته البنفسجية و كما يطارد العصفور طائرة ورقية و حين يلقون القبض عليه يصبحون موتى مثقفين و يصبح الطفل فراشة و الطائرة الورقية عصفورًا…

في طفولتي كان ثقب الباب وسيلتي لاكتشاف الاسرار و لما كبرت صار الكتاب وسيلتي الوحيدة لاكتشاف الاسرار ، إذا كنت طموحًا لرؤية الاشياء العارية فأنظر من ثقوب الابواب في طفولتك و احذر أن تفتح الباب برأسك و حين تكبر انظر في الكتب و دعها تفتح رأسك ، و سترى كل شيء كما هو قبيحًا و مؤسفًا و حقيقيًا ، سترى العالم فوق كرسي التشريح و ستبصر كل شيء فيه إلى العظم و ستفهم أن الشمس الكبيرة كانت مجرد ثقب باب صغير نبصر منه هذا العالم الكبير بعين واحدة ، أما الكتاب فهو مثل المسرح الاغريقي يمنحك الرؤية الشاملة في الهواء الطلق و ينقل إليك صراخ الحقيقة بدقة حتى يبلل وجهك رذاذها ، و حين تغلق كتابك و تمسح وجهك تكتشف في اليوم التالي أن القروحات انتشرت في وجهك و أنك اصبحت رجلًا مصابًا بالحقيقة و ستبحث عن العلاج في كتاب آخر ثم في كتاب آخر حتى تصبح ميتًا مثقفًا…

مقالات ذات علاقة

من وحي عرفة

زهرة سليمان أوشن

نقُوش : عالمُ العولمة يتَّسعُ للجميع

خالد السحاتي

مسامير لغرض الإصلاح

المشرف العام

اترك تعليق