الدكتور محمد مسعود جبران (الصورة: عن الشبكة).
دراسات

المؤرخ الثقافي الدكتور محمد مسعود جبران (تقديم لأحد آثاره)

عمار محمد جحيدر
(مجمع اللغة العربية)

الدكتور محمد مسعود جبران (الصورة: عن الشبكة).
الدكتور محمد مسعود جبران (الصورة: عن الشبكة).

(1)

الجيل الأول

قبيل استشهاد شيخ الشهداء المجاهد الجليل عمر المختار سنة (1350هـ/ 1931م) أصدر (المؤرخ اللغوي الفقيه) الشيخ الطاهر أحمد الزاوي (1890 ـ 1986م) كتاب (التذكار فيمن ملك طرابلس و[من] كان بها من الأخيار) للفقيه المؤرِّخ محمد بن خليل بن غلبون، في القاهرة سنة (1349 هـ/ 1930م)، مشيراً في تقديمه إلى أنَّ “التاريخ نوعٌ من الدفاع عن الوطن”. ويبدو أنَّ الشيخ الزاوي رأى في إقدامه على نشر هذا الأثر التاريخيِّ الجامع ـ وقد احتلَّ الغزاة بلاده ـ استمراراً لذلك (الدفاع الثقافي) الذي يشير إليه، ولعل في هذا ما يفسِّر صدور تلك المبادرة في ذلك الظرف العصيب. ومثلما كان الكتاب (بتأليفه) في مطلع العهد القرمانلي (النصَّ التأسيسيَّ) الأول من (منظورٍ شاملٍ) في المكتبة التاريخية الليبية، فقد غدا (بنشره) أيضاً منطلقاً جديداً لنشاط المدرسة التاريخية الليبية المعاصرة، ومصدراً أولياً للدراسات اللاحقة بشقيها الجامعين للتاريخ السياسي / والتاريخ الثقافي.        

    وقد وقفتُمنذ سنواتٍ عديدةٍ على ثلاث رسائل بعث بها الشيخ الزاوي من دار هجرتهبالقاهرة، إلى صديقه الأديب الشاعر أحمد الفقيه حسن ـ الحفيد (1895 ـ 1975م) بطرابلس1، خلال عملهعلى نشر التذكار؛ يرجوه فيها أن يمدَّه بما يعينه من الإفادات المتعلقة بالمؤرخ ابن غلبون، والشاعر أحمد بن عبد الدائم الأنصاري الذي بُنيت على شرح (قصيدته في مدح طرابلس) هيكلية الكتاب…، وأهمُّ من ذلك أيضاً أنَّه يفصح فيها عن تطلعات جيله الحميمة إلى البحث عن تاريخ بلادهم والعناية بنشر تراثها الأدبي2. وهو ما يدفع في هذا السياق إلى القول حقاً بأنَّ الشيخ الزاوي يُعَدُّ ـ في واقع الأمر ـ المؤرخ الثقافي المسكون بهذا الهاجس المبكر بين أجيال المؤرخين الليبيين المعاصرين في القرن العشرين. وقد جمع في نشاطه المعني بتاريخ ليبيا الثقافي ـ كما هو معروفٌ ـ بين نشر التذكار (1930م)، والجزء الثاني من المنهل العذب (1961م)، وديوان الشاعر أحمد البهلول (1966م)، وذلك فضلاً على كتابه الشهير أعلام ليبيا (1961م)، الذي يضمُّ ـ على ما به من هناتٍ ـ نسبةً عاليةً من أعلام العلماء القدامى والمُحْدَثين، والمثقفين المعاصرين. 

(2)

الجيل الثاني

    ثم كان لأستاذناالأديب المؤرخ العالم الجليل، الأستاذ علي مصطفى المصراتي ـأطال الله في الطيِّبات بقاءَه ـ وهو من رموز الجيل الثاني، فضل الريادة الموسَّعة الحفيَّة بتاريخ ليبيا الثقافي، وقد أتاح له تكوينه الأزهريُّ الثريُّ، وما عُرف به من جلدٍ شغوفٍ بالبحث والتقصِّي والعمل الميداني المثمر، أن يطرق العديد من أبواب التاريخ الثقافي التراثي / والحديث، ويضع فيها عدداً من الكتب القيِّمة التي ظلَّت تغذِّي الأجيال اللاحقة من القرَّاء والدارسين، وتدفع بها إلى المزيد من مواصلة الجهد. وتبرز في هذا السياق ـ على وجه الخصوص ـ آثاره التالية: أعلام من طرابلس (1955)، ولمحات أدبية عن ليبيا (1956)، وشاعر من ليبيا: إبراهيم الأسطى عمر(1957)، وصحافة ليبيا في نصف قرن (1960)، وأبو قشة وجريدته في طرابلس الغرب (1961)، وأحمد الشارف: دراسة وديوان (1963)، وديوان مصطفى بن زكري (1963)، ونشر مخطوطة نفحات النسرين والريحان فيمن كان بطرابلس من الأعيان (1963)، ومخطوطة رحلة الحشائشي إلي ليبيا: جلاء الكرب عن طرابلس الغرب (1965)، وابن غلبون مؤرخ ليبيا (1966)، وديوان أحمد البهلول: مدائح نبوية (1967)، ورسائل أحمد القليبي بين طرابلس وتونس (1976)، ومؤرخون من ليبيا (1977)، وجمال الدين الميلادي 1881 ـ 1963 (1977)، ونماذج في الظل (1978)3.   

(3)

الجيل الثالث

    وبقدرٍ من التأمُّل في المعطيات المتاحة البادية للعيان، يبدو جليّاً أنَّ الأخ الفاضل، العالم الأديب، (الخطيبيَ) السَّخيَ، الدكتور محمَّد مسعود جبران الذي أسعدُ اليوم بتحرير هذه الصفحات المتواضعة تحيةً لشخصه المبجَّل ـ وتقديماً لكتابه (المجموع) الجديد القيِّم، قد كان أيضاً كفاءةً جديدةً سامقةً مُثلى، وبحَّاثة طلعةً ـ في طليعة جيلٍ لاحقٍ من الباحثين المعنيين بتاريخ ليبيا الثقافي؛ لا يزال يحاول جاهداً أن يَمْضِيَ قدماً نحو تلك الغاية الكريمة التي أرسى أساسها، وأوقد نبراسها، أولئك المؤرِّخون الأجلاءُ المؤسِّسون الأوائل. مع ما اضطلع به وارتاده أيضاً من آفاقٍ أخرى ثريةٍ، مغربيةٍ / وأندلسيةٍ / وأفريقية، أو ما يهفو إليه جَنانُه ـ وبيانُه من اصطلاحٍ جامعٍ للغرب الإسلامي. وهو ما أرجو أن أُوفق إلى عرض شواهده، وتحليل مجمل معطياته بنظرةٍ عجلى في هذا التقديم الموجز. 

    وُلد الدكتور محمد مسعود جبران بمدينة طرابلس سنة (1365هـ/ 1946م)، وتلقى مراحل تعليمه المختلفة بها، ولئن كان المؤرخان الثقافيان الجليلان الشيخ الزاوي والأستاذ المصراتي أزهريين راحلين إلى ذلك الأفق المشرقي التليد، فإنَّ الدكتور جبران من جيلٍ تربويٍّ لاحقٍ؛ قُدِّرَ له أن يُغَذَّى بهذا التكوين المحليِّ الرصين، الذي نلمحُه جليّاً في عددٍ من أبناءِ جيلِه (الستِّيني) الحريِّ حقاً بالتنويهِ في هذا المقام، وقد التحقوا بمعاهد المعلمين المتوسطة4، جمعوا بين أداءِ الرسالة التربوية في مختلف المراحل التعليمية والتمرُّس العملي بهذه المهنة النبيلة زمناً، ومواصلة تعليمهم الجامعي العالي ـ انتظاماً أو انتساباً ـ بكلية التربية في طرابلس، وكليتي الآداب والحقوق في بنغازي.

    ويبدو جليّاً من خلال مجمل القرائن اللاحقة أنَّ الدكتور جبران لم يكتف بالتحصيل المحدود أسير المقرَّرات المدرسية القصيرة، وإنَّما اشرأبَ بنهمٍ عصاميٍّ طموحٍ، منذ الصبا وبواكير الشباب، إلى أن يعبَّ وينهلَ من قراءاتِه الواسعة الجادَّة، ومتابعة الصحف والمجلات الثقافية والعلمية، والقرب من بعض أعلام الأدباء والعلماء والمثقفين في زمنٍ مبكر، وهو ما يفسِّرُ ـ دون شكٍّ ـ ثراءَ لغتِه وسعة محصولِه المعرفي المنوَّع. وقد كشف أخيراً أنَّ تعلُّقَه الذهنيَ الأولَ بآثار ابن الخطيب الأندلسي الذي بلغ بصحبته في أطروحته للدكتوراه أوجَ تكوينه وعطائه، قد انقدحَ في ذهنه منذ تلك السنين الأولى التي أنسَ فيها بحَدَبِ أستاذِه علي الفقيه حسن ـ رحمه الله تعالى ـ وما كان يُبديهِ من ضروبِ الإكبار لهذا الأديبِ الأندلسي المُتفرِّد5.

(4)

رحابة المِهَادِ الجامعي وتاريخ ليبيا الثقافي

    وفي كلية التربية بطرابلس التي أُسِّست على نَسَقٍ علميٍّ رصينٍ (بإشراف اليونسكو)، قبل نحو ربع قرن من التحاقه بها في مطلع السبعينيات، وأتيح لها أن تضمَّ بين أساتيذها عدداً من الأعلام العرب المعاصرين، ازداد بناءُ تكوينه البحثي واستفاد من عطائهم وآفاقهم الأكاديمية الرحبة في دراسته الجامعية (بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية) التي فرغ منها سنة (1395هـ/ 1975م)، والعليا في مرحلتها الأولى، وأحسبُ أنَّها  تأثرت في اختيارها الموضوعي بهذا الأفق الجامعي الجديد الذي أودُّ الإشارة إليه بالملاحظةِ الثقافيةِ التالية.

    فقد كان من بين أولئك الأساتذة الأجلاء بكلية التربية كلٌّ من الدكتور إحسان عباس، والدكتور أحمد مختار عمر، والدكتور عبد اللطيف البرغوثي الذين خصُّوا تاريخ ليبيا ببعض أعمالهم المعروفة6. وقد عُنوا في تلك السنوات المبكرة نسبياً (1967 ، 1971 ، 1973) بتاريخ ليبيا الثقافي على المستوى الجامعي، وإفراده بكتابٍ جامعٍ / أو فصولٍ مستقلةٍ على الأقل، إزاءَ التاريخ السياسي السائد غالباً. كما ينبغي التنويهُ في هذا السياق ـ على وجه الخصوص ـ بانتباه الدراسة الأولى، ثم الدراستين اللاحقتين إلى ضرورة المزج في تاريخ ليبيا الثقافي بين فضاءين منفصلين؛ سادت بينهما القطيعةُ قروناً عديدة ـ مع الأسف ـ وهما الفضاءُ السنيُّ المالكيُّ الأوسعُ انتشاراً، والفضاءُ الإباضيُّ الذي يسود في حيِّزٍ معروفٍ من أقطار المغرب العربي، ومنه ليبيا بطبيعة الحال. إذ ينبغي أن يتجاوز منظور المؤرخ الثقافي ـ اليوم ـ كلَّ اختلافٍ مذهبي، إلى رصد كلّ المعطيات الثقافية التي يشملها بالضرورة فضاءٌ تاريخيٌّ / حضاريٌّ أكثرُ سعةً ورحابة7.

    ومن الحقِّ الذي لا مراءَ فيه أنَّ الأديبَ السياسيَ المجاهدَ المؤرخَ، الشيخ سليمان الباروني (1290 ـ 1359هـ/ 1873 ـ 1940م) قد كان ـ على مستوى الحراك الواقعي ـ أبرز رجال الإباضية المُحْدَثين / المعاصرين، وأوَّلهم وأوسعَهم انفتاحاً على أفق الحياة العامَّة بمختلف معطياتها السياسية والاجتماعية والثقافية في أواخر العهد العثماني وسنوات الجهاد الليبي / والاحتلال الإيطالي، وكأنَّه كان يكسِرُ برحابة وعيه، سنواتٍ وعقوداً وقروناً من تلك القطيعة الممتدَّة. وسواءً أكان هذا الحسُّ ظاهراً مقصوداً / أو مخبوءاً رصيداً في ذهنية الدكتور جبران ونفسيتِه الكريمة الرحبة، فإنَّ اختيارَه الملحوظَ لهذا العَلَمِ الإباضي البارز، موضوعاً لرسالته الجامعية الأولى (الماجستير) التي أنجزها بكلية التربية سنة (1982) تدلُّ ـ دون شكٍّ ـ على التفاتةٍ سمحةٍ واعيةٍ محبَّةٍ لهذا الفضاءِ الثقافي الوطني الجامع8، مع ما تجشَّمَه من عناء الرحلة إلى صحراء الجزائر غرباً في سبيل الوقوف عياناً، على المزيد من أخباره وآثاره9. وهذا لا يقلِّلُ بالضرورة من سبق عددٍ من الالتفاتات في المكتبة الليبية المعاصرة إلى سليمان الباروني على وجه الخصوص، ولكنَّها كانت جزئية محدودة في هذا السياق أو ذاك من تلك المساهمات السابقة التي لا تصلُ إلى مستوى العمل الكامل المستقل.  

 (5)

في رحاب العدوتين: التجربة الأندلسية لنزيل الرباط

    وفي كلية الآداب بالرباط، في ربوع المغرب الشقيق الذي يشهد منذ عقودٍ نهضةً فكريةً جليَّةً، في بيئةٍ خصيبةٍ ثريَّة، كانت تجربتُه البحثية الكبرى التي تمثلُ أوجَ نضجِه وعطائه، وليس غريباً أن يكون إنجازُ هذه الأطروحة الحافلة المترعة المتميِّزة هناك سنة (1997) في العدوةِ المغربيةِ التي كانت منذ قرونٍ ـ ولا تزالُ ـ الحاضنةَ الكبرى للتراث الأندلسي الفذ، والمركزَ العربيَ الأولَ لدراساتِه المعاصرة. ولا شكَّ أنَّه عبَّ هناك المزيدَ الفريدَ، والجديدَ المفيدَ، من رصيده المطبوع والمخطوط في خزائنه الغنية التي تكتظُّ بالنفائس والنصوص الدفينة، واستنارَ كثيراً بمرجعياتِ التراث الأندلسيِّ من أعلام أساتيذِه وكبار شيوخِه.

    ولئن قطعَ آلافَ الأميالِ ذهاباً وإياباً، وتوغَّلَ في صحراء الجزائر غرباً؛ في سبيل رسالته العلمية الصغرى، في رحلةٍ استغرقت بضعةَ أسابيعَ ـ أو بضعةَ أشهر، فقد غدا في أطروحته العلمية الكبرى (نزيلَ الرباطِ) كما يقولُ القدامى ـ ونعمَ النزيلُ والمنزلُ. وكانت له، هنا وهناك، مع استقرار الأسرة الكريمة في تلك الربوع النديَّةِ، والصلاتِ الحَميمةِ الحَفيَّةِ؛ (رحلةٌ ذهنيةٌ) عميقةٌ أخرى؛ ناهزت سبعَ سنواتٍ، بنفحِ طيب، مع (مدوَّنة ابن الخطيب) التي غدا اليوم ـ بجُهدِه المُمَيَّزِـ في طليعةِ شداتها ورواتِها، وخِيرةِ دارسيها، وأبرز عارفيها10. وأكتفي في هذا المقام بتلك الشهادةِ القيِّمةِ الدَّالةِ التي أدلى بها الأديبُ العالمُ الجليل أستاذنا الدكتور خليفة محمد التليسي ـ رحمه الله تعالى ـ إذ يقول:   

    “أمَّا عملُهُ الشامخُ وصرحُه التذكاريُّ الوطيدُ حقاً فهو كتابُه أو رسالتُه في الدكتوراه عن (فنون النثر الأدبي في آثار لسان الدين ابن الخطيب) التي ظفرت بإعجاب المحافل العلمية الجامعية المغربية التي عبَّرت عن اعتزازها بالإشراف عليه وتقديمه. لقد فتح هذا العملُ على صعوبة مركبه آفاقاً واسعة للباحث. مكَّنه فعلاً من أن يكون به أحد المتخصصين الكبار في الأدب الأندلسي، وفي أدب أديب الأندلس الأكبر”11.

(6)

الرحلة العلمية إلى السودان الغربي

    وقد أتاح له هذا التكوين المتين والتجربة الخصيبة الممتدَّة، أن يغدوَ في السنوات اللاحقة في طليعة الأساتذة الجامعيين الذين يهفو الطلابُ إلى درسهم الجامعي، وإشرافهم العلمي، ومناقشاتهم التي تنيرُ السبلَ وتزيدُ الباحثينَ رسوخاً. على أنَّ هذا الدرسَ الجامعيَ البهيجَ على اختلافِ مستوياته، لم يصرفْهُ، في واقع الأمر، عن الالتزام المطَّردِ بإنجازاتِ رسالتِه العلميةِ البحثية، فلم يركنْ إلى خمولِ الألقابِ الجوفاء، والقعدةِ البلهاء، و(الزردةِ) الدوَّامةِ الرعناء، أو ساعاتِ الدروس والمحاضرات ـ مع حقيق عطائها وعظيم رجائها، وإنَّما ظلَّ ـ كما نشأ أولاًـ باحثاً مُجِدّاً، جَلداً صبوراً، معتكفاً غيوراً، على سني عمرِهِ الذي تلبَّسَ بالجِدِّ، فِيمَ يُنفقُه ؟!        

    وآيةُ ذلك أنَّه افتتحَ لنفسِه أفقاً جديداً عندما رحلَ أستاذاً زائراً في جامعة عبد الله بايرو بمدينة كنو؛ في نيجيريا من بلاد السودان الغربي، خلال السنوات (2000 ـ 2004)، وكأنِّي به يودَّ أن يستكملَ ارتيادَ ذاك الأفق الجنوبي المجهول الذي لم يُنشر الكثيرُ من صفحاته12، من مصطلح (الغرب الإسلامي) الأثير لديه، وقد جال بقلمه في جُلِّ أرجائه ـ كما سنرى أدناه. وقد تلقيتُ منه آنذاك هذه الرسالة الأخوية الكريمة (المؤرخة بكانو ـ نيجيريا في 26 ـ 8 ـ 2000) التي يطيبُ لي اليومَ أن أنشرَ شقَّها الأخير، في هذا السياق الأثير، الذي يُلقي إضاءَةً ذاتيةً قيِّمةً على تجربتِه البحثية هناك، وهو نموذجٌ موجزٌ من ترسُّله العفوي أيضاً:

    “أخي الفاضل الآن في نيجيريا فصلُ الأمطار، بل فصلُ الربيع فلا ترى أمامك إلا أرضاً معشوشبة، مكسوَّة بالخضرة وجمال الأشجار، ولا تسمعُ حولك إلا أصواتَ الطيور ذواتِ الأشكال والألوان والأصواتِ الكثيرةِ المختلفة، أو ثغاءَ الأغنام تمرحُ في الحقول الفيح، تأكلُ ما لذَّ من العشب، وتشربُ ما ساغ من الماءِ الفرات.

    ولقد التأمَ شملُنا في الجامعةِ التي تقعُ في تلك المروج الخضراء، وكان ممّا أسعدَ نفوسَنا فيها لقيا الفضلاءِ من الأساتذةِ الكرام الذين رحَّبوا بنا، وأفسحوا لنا فضاءاتٍ عامرةً في نفوسهم، وقد كُلِّفتُ بتدريس مادتي الأدب الأندلسي والأدب الحديث، وناقشتُ معهم خطة بحثٍ للماجستير، ووجدتُ وقتاً متسعاً استفدتُ منه في إتمام إنجاز كتابي عن محمد بن عبد الله السني، وحققتُ وثائقة13، كما استفدتُ من المكتبات الموجودة، وآملُ أن أجدَ في مكتبات الوثائق والمخطوطات شيئاً يتصل بأفق التواصل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين الساحل والصحراء.

    لا أخفي عنكم أنَّني استفدتُ من إقامتي في مدينة “كانو” صحَّةً وراحةً وعلماً ونتاجاً، ولكنَّ نفسي تضيقُ في كثيرٍ من الأحوال، ببُعدي عن أهلي وأبنائي الذين ليس لهم أحدٌ سواي، وبفراقي الواحاتِ الجميلةِ من الأصدقاءِ المخلصين وأنتَ منهم، ولكنَّ المقاديرَ هي وحدَها التي تحمِلُنا على مثل هذه المكابدةِ والاغترابِ من أجل المستقبل.

وطني لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنهُ   نازعتْنِي إليهِ في الخُلدِ نفسي

أحرامٌ  على  بلابلِهِ  الدوحُ     حلالٌ   للطيرِ من  كلِّ جنس

    أتمنَّى على اللهِ أن يحفظك، ويسدِّدَ على طريق الخير خطاك، وأن يشملكَ بعونِه لتحققَ كلَّ آمالك، وأرجو أن تتفضلَ مشكوراً فتبلغَ أخلصَ تحيَّاتي إلى جميع من يسألُ عنّي، ودمتم في سعادةٍ دائمة.

محمد مسعود جبران“.

***

    ومثلما أنجز في سني الرباط، قبل الأطروحةِ المطوَّلة، تحقيقَ ذاك الكتابِ القيِّم (سبك المقال لفك العقال)، لابن الطوَّاح التونسي، سنة (1993)14، لم يفتْهُ أيضاً أن يعودَ إليه بعد بضع سنين، وينجزَ عنه في مدينةِ كنو نفسها سنة (2001) كتاباً جديداً مستقلاً؛ يفصِّلُ القولَ فيه مزيداً عن هذا المؤرخ، الصوفيِّ، الأديبِ (الحفصي) المغمور بين أعلام القرن الثامن الهجري الذي كُتِبَ له ـ بعد قرونٍ ـ أن يكون ناشرَ فضلِه، وبانيَ نصِّه، وشقيقَ عطائه15، وعلى هذا النحو نفسِه أيضاً بادر في الرباط إلى تحيَّةِ أستاذه العالم الجليل الدكتور عباس الجراري في حفل تكريمه بمناسبة بلوغه سن الستين سنة (1997)، ببحثٍ موجزٍ قيِّمٍ عن أحد أعلام الأدب المغربي في الدولة السعدية (أبي جمعة الماغوسي، شارح اللاميتين)16 ، ثم نهض من جديد لاستكمال واجبه البحثي التحقيقي نحو هذا الأديب العالم المغربي السعدي؛ فأنجز في كنو نفسها أيضاً سنة (2001) دراسة وتحقيق (إيضاح المبهم من لامية العجم)17.

    ويبدو لي من بعض القرائن أنَّ الدكتور جبران قد أحسنَ هناك استثمارَ سنواتِ الوحدة، والبعدَ عن مشاغل المجاملاتِ وأعباءِ الأسرةِ، فالتفت إلى إعداد بعض أعماله للنشر، ولعل ذلك ما يفسِّرُ ارتفاعَ عدد كتبه الصادرة خلال سنة (2004)، بعد تلك الرحلة الطيبة. وخلاصة الأمر أنَّه أعطى ـ ولا يزالُ بإذنه تعالى ـ أكثرَ أعماله بعد الفراغ من تلك الأطروحة المجهدة القيِّمة، كما ترى أدناه في (الجدول الزمني التحليلي لمجمل آثاره).

(7)

التعلُّقُ الجليُّ بفضاء الغرب الإسلامي

    ويُعنَى البحَّاثة الدؤوبُ كثيراً بفضاءٍ أثيرٍ لديه وهو فضاءُ (الغرب الإسلامي) الذي خصَّه ببحثٍ افتتاحيٍّ بعنوان (البعد التعريفي للغرب الإسلامي: مكوِّناتُه الطبيعية والبشرية وآفاقُه الحضارية والمعرفية)، جعله تمهيداً في أول كتابه المجموع الذي آثره بهذا العنوان أيضاً: (أبحاثٌ وتحقيقاتٌ في تراث الغرب الإسلامي)، كما رفده ببحثٍ آخر في الكتاب نفسه عن (التفاعل العقدي والحضاري بين الغرب الإسلامي والسودان الأوسط والغربي)، واستوفاهُ ببحثٍ ثالثٍ عن (التفاعل العلمي والمعرفي بين الغرب الإسلامي والسودان الأوسط والغربي).18 وكأنَّه يتمُّ بهما بعداً جغرافياً حضارياً آخرَ من أبعاد هذا الفضاء الإسلامي الأثير لديه، مع ما تُشعِرُ به (بين) من المغايرة بين الطرفين المذكورين، ومن الجلي هنا أنَّه يعني بالغرب الإسلامي ـ في هذا السياق على وجه الخصوص ـ المغرب العربي19. ثم عاد أخيراً إلى هذا الهاجس نفسه في بحثٍ مجملٍ عنوانه (الغربُ الإسلامي في ماضيه وحاضره)، تجدُهُ في الكتاب الذي بين يديك.

    وينبغي التذكير في هذا المقام ـ إجمالاً ـ بأنَّ مصطلح الغرب الإسلامي يضمُّ جغرافياً مساحاتٍ شاسعةً مترامية الأطراف، تمتدُّ من الشرق إلى الغرب في ثلاثةِ خطوطٍ كبرى متوازيةٍ على النحو التالي: 

    (أ)ـ الخط التأسيسي الأوسط؛ وقوامُه بلادُ المغرب العربي من ليبيا إلى موريتانيا (شمال الصحراء غالباً).

    (ب)ـ الخط الشمالي؛ وهو يشملُ مجملَ البلاد والجزر الغربية الأوربية التي ظلَّ بها الوجودُ الإسلامي قروناً عديدة متفاوتة، وهي مالطة وصقلية والأندلس، ولا تزالُ شواهدُ الأثر الحضاري العربي الإسلامي محفورةً في قاع ذاكرتها التاريخية الحضارية إلى اليوم.

    (ج)ـ الخط الجنوبي، ويمتدُّ غرباً من تشاد ـ وما يليها جنوباً ـ إلى المحيط الأطلسي، ويشملُ السودان الأوسط والسودان الغربي (جنوب الصحراء).   

    ويبدو جليّاً أنَّ هذا التعلُّقَ البالغَ لدى الدكتور جبران بهذا المصطلح ومدلوله الجغرافي والتاريخي الحضاري، نابعٌ من كونه معبِّراً حقّاً وصدقاً عن مجمل تجربته الذهنية الثقافية ونشاطه البحثي الذي انطلق أولاً من الأفق الثقافي لموطنه العزيز ليبيا التي تشكِّلُ بموقعها (المتوسطي / الأوسط) المتميِّز بداية التخوم الشرقية لفضاء الغرب الإسلامي في خطه التأسيسي الأول ـ كما سلفت الإشارة أعلاه ـ ثم لم يلبث أن انطلق باهتماماته البحثية وانشغالاته الدراسية إلى بلاد المغرب العربي والأندلس غرباً، وإلى بلاد السودان الغربي جنوباً، كما سترى في الجدول الزمني التحليلي لمجمل أعماله المنشورة قبل هذا الكتاب أدناه. ويمكنُ أن نستخلصَ من هذه الملاحظة أخيراً أنَّ فضاءَ الغرب الإسلامي يمثلُ البعدَ الجغرافي لمدوَّنته البحثية؛ تأليفاً ودراسة وتحقيقاً، إذ أنَّه ضرب بسهمٍ وافرٍ ـ مع قدرٍ من التفاوتِ، وفقاً لظروف تجربته الثقافية ـ في العناية بكلِّ خطٍّ من تلك الخطوط الجغرافية، وحمولتها الثقافية الحضارية الأثيرة لديه.        

(8)

جدول زمني تحليلي لآثار الدكتور م. م. جبران

المنشورة خلال خمسة وثلاثين عاماً (1976 ـ 2010)20

(قبل هذا الكتاب)

(9)

الرسم البياني لسنوات النشر

   ملاحظتان:
   1 ـ لا تعبِّرُ سنواتُ النشر عن الخط البياني للإنجاز في واقع الأمر، ولمزيد من التعمُّقِ في المتابعة تنبغي العودة إلى (المقدِّمات المؤرَّخة) وغيرها من القرائن.
    2 ـ روعيت الطبعة الأولى في الرسم البياني لسنوات النشر؛ لأنَّها بداية الصلة بين الأثر والمتلقي.

(10)

تصنيفٌ موضوعي لآثار الدكتور جبران

(المنشورة قبل هذا الكتاب)

(11)

التوزيع المئوي للتصنيف ـ وفقاً لعدد الصفحات

 ملاحظتان:
1 ـ من حسن الحظ أيضاً أنَّ مجموعة كتبه المنشورة قد جاءت طباعتها جميعاً في الحجم المتوسط المألوف غالباً للكتاب، وهو ما يُضفي عليها مزيداً من المصداقية في هذا السياق الكمي ـ الإحصائي (وفقاً لعدد الصفحات ـ كما جاء أعلاه).
   2 ـ بضم نسبة (تاريخ ليبيا الثقافي ـ السياسي) التي أفردت مراعاة لعنوان الكتاب، إلى (تاريخ ليبيا الثقافي) تغدو نسبته % 41، وهو مؤشرٌ دالٌّ على اتساع عنايته بهذا الجانب من اهتماماته البحثية (ضمن فضاء الغرب الإسلامي).

 (12)

التوزيع المئوي للجهد ـ وفقاً لعدد الصفحات

   ملاحظة:

   روعيت الطبعة الأخيرة في التوزيع المئوي للجهد أيضاً؛ لأنَّها الأكملُ إنجازاً كما تقدَّم أعلاه.

(13)

إشكالية الكتاب المجموع

    عرضت لي هذه الإشكالية البحثية منذ سنواتٍ عديدةٍ (1992)، في مساهمةٍ سابقةٍ قدَّمتها بعنوان (علي مصطفى المصراتي وتاريخ ليبيا الثقافي)23. وقد بدا لي آنذاك أن أتخذ هذا التقسيمَ الثنائيَ لآثاره المعنية بالدراسة؛ للتمييز بين الكتاب (المستقل) الذي ينفرد بموضوعٍ واحدٍ متصلٍ عند إنجازه، والكتاب (المجموع) الذي يضمُّ ـ عادةً ـ عدداً من المقالات أو البحوث والدراسات المتفاوتة التي أُنجزت في الأصل منجَّمة لا صلة بينها، ثم جُمعت في كتابٍ مراعاة لما يلمُّ أشتاتها من خيطٍ جامع. ثم عدتُ إليها أخيراً في مساهمةٍ قريبةٍ تاليةٍ عن (التليسي مؤرخاً)، وقد ظهرت بين أعماله أيضاً بعضُ الكتب المجموعة من هذا القبيل24. 

    ويمكن القول في هذا السياق التقريبي المقارن، بأنَّنا لا نجدُ أثراً ظاهراً لهذا الكتاب المجموع بين أعمال الشيخ الزاوي، وهو مثلٌ بارزٌ من مؤرخي الجيل الأول (جيل المخضرمين) بين المؤرخين الليبيين في القرن العشرين، خلافاً للأستاذين المصراتي والتليسي، من رموز الجيل الثاني، اللذين تعدَّدَ الكتاب (المجموع) في آثارهما، وقد يُعزَى ذلك إلى بروز أدب المقالة الصحفية والبحث القصير في جيلهما منذ أوائل الخمسينات إلى اليوم. وواقع الأمر أنَّ الدكتور جبران قد غلبت على قائمة آثاره (المنشورة) صفة العمل (المستقل)، إذ لا نجدُ بينها من الأعمال (المجموعة) سوى كتابين هما: كتابه السابق (أبحاث وتحقيقات في تراث الغرب الإسلامي)، وهذا الكتاب الجديد الذي بين يديك. وربما كان هذا الأمر (ظرفياً) يتعلقُ بعدم ضمِّ بحوثه الأخرى في عملٍ أو أعمالٍ مجموعةٍ من هذا القبيل. على أنَّ السمة البارزة في عمليه المجموعين المذكورين تتمثلُ في كون محتوياتهما من الأبحاث والدراسات المطوَّلة غالباً، أو النصوص القديمة المحققة، وليست من المقالات الصحفية الموجزة.  

    وقد عبَّر المؤلف الفاضل عن هاجس الكتاب المجموع في مقدمة كتابه السابق بقوله: “وبالرغم من أنَّ هذه البحوث والمحققات قد كتبت في موضوعاتٍ وأغراضٍ متعددةٍ، فإنَّ الذي يجمع بينها ـ على الاختلاف الظاهر في مناسباتها ومباحثها، وتباين عناوينها ـ إنَّما هو رابطٌ موضوعيٌّ ومكانيٌّ جامعٌ، تلتئمُ به حبَّاتها في عقدٍ نضيدٍ متجانس، هو مساقُ الدراسة في تراث الغرب الإسلامي ـ الذي سنأتي إلى تحديد إطاره، والبحث في بعض آفاقه وآثاره وتيَّاراته خلال العصرين الوسيط وأوائل الحديث”25.

    ولئن كان من الميسور تصنيفُ الكتاب المستقل وفقَ موضوعه الموحَّدِ غالباً، فإنَّ الكتابَ المجموع من هذا النسق المشار إليه أعلاه يظلُّ ـ في بعض الأحيان ـ مستعصياً على التصنيف الدراسيِّ الدقيق؛ وقد نضطرُ إلى شيءٍ من التغليب أحياناً، لذا يبدو لي أنَّ الحلَّ الأمثلَ ـ في مثل هذه الحالة ـ أن تُفككَ مقالاتُ هذه الكتب المجموعة في جدولٍ موضوعيٍّ تحليليٍّ جامعٍ موحَّدٍ؛ حتى يتسنَّى لنا إدراجُها في مثل هذا السياق الإحصائي الذي يتوخَّى المزيدَ من الضبط والدقة ومصداقية المقاربة.

المفارقة الجلية بين عدد الصفحات وعدد العناوين:

    وثمة مفارقة أخرى ينبغي الوقوف عندها أيضاً في المثال الإجرائي التطبيقي الذي بين يديك. فهذا الكتاب المجموع الأول المنشور من آثار المؤلف يضمُّ ثمانية أبحاث منفصلة (الجدول الأول)، وعند التصنيف الموضوعي لها ضُمَّت الأبحاث المتجانسة إلى بعضها فجاءت في خمسة محاور متقاربة (الجدول الثاني). وحين أُجري عليها (التوزيع المئوي وفقاً لعدد الصفحات) خرجت النسب المئوية دقيقة مطابقة للواقع المادي لحجم كل محور، أمَّا إذا غاب عنا عدد الصفحات (المتقاربة) بسبب اختلاف حجم الطبعات بين الكتب المتعددة، أو في كتاب مخطوط لم يُطبَعْ بعد، واضطررنا إلى (التوزيع المئوي وفقاً لعدد العناوين)، فإنَّ النسب ستكون (تقريبية) لا محالة، لتفاوت صفحات البحوث بين كل عنوان وآخر (الجدول الثالث). وهذا ما تلاحظه عياناً في الصفحات التالية.

1 ـ جدول تحليلي لمحتوى الكتاب المجموع الأول

(أبحاث وتحقيقات في تراث الغرب الإسلامي)

2 ـ التوزيع المئوي لأبحاث الكتاب المجموع الأول وفقاً لعدد الصفحات

3 ـ التوزيع المئوي (التقريبي) لأبحاث الكتاب المجموع الأول وفقاً لعدد العناوين

ملاحظة: تأمّل اختلاف النسب في الرسميين البيانيين للكتاب نفسه؛ وفقاً لتباين المعطيات: بين عدد الصفحات / وعدد العناوين.

(14)

هذا الكتاب المجموع الجديد / الثاني

    كُتِبَ هذا التقديمُ في صياغته الأولى منذ سنتين وبضعة أشهر، قبيل انطلاق هذه الثورة الشعبية العارمة المباركة بنحو شهر،وكان الفراغ منه (مساء الخميس 20 ـ 1 ـ 2011). ثم اشتعلتِ الأرضُ باللهبِ المقدَّسِ، وقُدِّرَ للكتابِ أن يُترَكَ جانباً إلى أن تحين فرصة نشره، وكان مشكَّلاً آنذاك من تسعة أبحاث فقط، ومع مضي هذه الفترة كان المؤلف الفاضل معنياً بتطوير محتواه وتحوير مبناه، والزيادة عليه مما لديه، من شتَّى المساهمات البحثية التي تندرج في سِمَتِهِ الجامعةِ؛ وهي المشاركة في مختلف الندوات والمؤتمرات العلمية والمواسم الثقافية في الداخل والخارج، وقد أطلعني منذ بضعة أيام على صورة الكتاب الجديدة لأعيد صياغة هذه الصفحات الأخيرة من التقديم، مراعاة للتغيير الجلي في حجم الكتاب ومحتواه. وأبادر هنا بالإشارة أولاً إلى أنَّه حذف منه بحثاً واحداً، وأضاف إليه ثمانية أبحاث أخرى فتضاعف حجمه وغدا في جزأين منفصلين يضمَّان ستة عشر بحثاً في مختلف المحاور البحثية التي اعتاد طرق موضوعاتها. 

    وقد آثر المؤلف الفاضل ترتيب أبحاثه في هذا الكتاب المجموع الجديد وفقاً لتواريخ إنجازها، والمشاركة بها في مختلف الندوات والمؤتمرات العلمية وما إليها، خلال فترة طويلة جاوزت ثلاثين عاماً (1981 ـ 2013). غير أنَّني آثرت هنا، من منظور قيمي آخر، إعادة ترتيب المحتوى في (الجدول الأول) التحليلي التالي، وفقاً للتسلسل التاريخي قدر الإمكان، حتى نقف على هيكليةٍ موضوعيةٍ أخرى للكتاب. في حين صُنِّفتْ أبحاثُ الكتاب في (الجدول الثاني) إلى عدة محاور، لنقف من خلالها أيضاً على (توزيعها المئوي ـ وفقاً لعدد العناوين)، وهي نسبٌ تقريبيةـكما لا يخفى؛ وذلك لغياب عدد الصفحات الدقيق لكل بحث، في صورة الكتاب الحالية التي لا تزال أدنى إلى العمل المخطوط المعد للنشر (تحت الطبع)، ولكنَّها مع ذلك تظلُّ مؤشراتٍ دالَّة لمزيدٍ من التأمل والمتابعة.

1 ـ جدول زمني تحليلي لمحتوى الكتاب الجديد 

2 ـ التوزيع المئوي (التقريبي) لأبحاث الكتاب – المجموع الجديد ـ وفقاً لعدد العناوين

    ملاحظة:
    يلفت النظر هنا أنَّ أعلى نسبة لتاريخ ليبيا الثقافي (19 %) مثلما كانت كذلك (36 %) في الرسم البياني (11) لمجمل آثاره المنشورة على مدى خمسة وثلاثين عاماً.

***

    فكأنَّ هذا الكتابَ المجموع الجديدَ يُلخِّصُ ثانيةً، بأبعاده: (الجغرافي / والزمني /  والموضوعي) كلَّ تلك الآفاق البحثية التي يضمُّها أعلاه الجدولُ التحليليُّ الجامعُ لمجمل آثاره المنشورة خلال خمسةٍ وثلاثين عاماً، وهو مصداقٌ أيضاً لتعلقِه المتصل بفضاء الغرب الإسلامي الأثير لديه كما تقدَّم، إذ لا تزالُ هذه المساهماتُ المزيدة تواصلُ ما سبق من جهوده المذكورة في العناية بالتاريخ الثقافي غالباً في ليبيا، والمغرب العربي، والأندلس، وبلاد السودان الغربي. وحتى بحثه المتصل هنا بأحد كبار الأعلام المحدثين في المشرق العربي، وهو الشيخ المصلح الأستاذ الإمام محمد عبده، مركَّزٌ ـ كما ترى ـ على صلاته بأعلام الإصلاح في المغرب العربي. كما يمتدُّ البعدُ الزمني لسائر المساهمات جميعاً منذ القرن الثاني الهجري ـ إلى اليوم، وهو العمرُ الكاملُ لهذا الفضاء الإسلامي منذ تأسيسه تقريباً. وقد ظلَّ المؤلف البحاثة الفاضل، على امتداد هذه الرحلة العلمية الطويلة، وفيّاً لتكوينه الأساسي بمعهد المعلمين وكليتي التربية والآداب بطرابلس والرباط، أستاذاً للعربية وآدابها، معنياً بالتراث العربي الإسلامي، حفيّاً بالتاريخ الثقافي، قلَّما يطرق التاريخ السياسي في كتبه المستقلة والمجموعة وأبحاثه ودراساته المفردة العديدة إلا لماماً.

    ومثلما وقفنا للبحَّاثةِ الجليل على هذا القدر الملحوظ من سعةِ آفاقِه البحثية واهتماماتِه الدراسية، في ربوع ذاك الفضاءِ الشاسع المشار إليه، فقد عُرفَ عنه ـ من جانبٍ آخرَ أيضاً ـ حراكُه الدؤوبُ ومشاركاتُه الحفيَّة في المؤتمرات والندوات العلمية، وآية ذلك البادية للعيان في هذا المقام أنَّ جميعَ الأبحاثِ التي يضمُّها هذا الكتابُ الجامعُ / المجموعُ، كانت في أصولها الأولى مشاركاتٍ منجَّمةً بين عددٍ من الندواتِ العلميةِ التي دُعِيَ إليها في كلٍّ من: طرابلس، والقيروان، وفاس، وجامعة ساي بالنيجر، والقاهرة، والخرطوم، وصنعاء، ودمشق، ودبي، وبومباي، وتايوان. وهي ـ كما ترى ـ فضاءٌ شاسعٌ بين المغرب والمشرق، وكأنَّ بها ومضاتٍ من ابن بطوطة ! ولعلها ـ وغيرها من الرحلات العديدة أيضاً ـ ملهمة كتابه المخطوط (ارتسامات الأسفار) الذي أشار إليه مراراً بين آثاره المخطوطة العديدة التي غابت معطياتها بالضرورة عن هذا العرض الموجز المتواضع المجمل.

    وإنَّني لأسألُ اللهَ تعالى له في الختام مزيداً من العطاء المطرد، ودوام السعادة والعافية والسؤدد، مع أسرته الفاضلة الكريمة، راجياً أن تكون هذه الصفحاتُ المتواضعة القليلة معبِّرة ـ في حدِّها الأدنى على الأقل ـ عمَّا أكنُّه لشخصِه الفاضلِ المبجَّل، وأخلاقِهِ العالية، وأخوَّتِه النبيلة، وعلمِه الغزير، وعطائهِ المتصل، ومنهجيتِه الرصينة، من معاني التقدير والمودَّة، والإكبار والتجلَّة، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى اللهُ على رسولِهِ الكريمِ وسلم.

وكتبه عبدُ ربِّهِ
 الفقيرُ إلى رحمتِهِ تعالى
عمَّار محمد جحيدر
 تحيَّة لأخيهِ الفاضل المبجَّل
الدكتور محمد مسعود جبران
 أطال الله في الطيِّباتِ بقاءَه
تاجوراء ـ مساء السبت (1 ـ 6 ـ 2013).

______________________________________________________________

هوامش:

1- كان ذلك خلال سنة (1984م) عندما أتاح لي الأستاذ الجليل علي الفقيه حسن (1989 ـ 1985م) ـ رحمه الله تعالى ـ فرصة الاطلاع على مجموعة الأسرة الوثائقية القيمة. انظر: عمار محمد جحيدر، أطياف من تاريخ ليبيا الحديث ومؤرخيه (حوار محرر ـ قورينا 2008)، طرابلس: دار مداد للطباعة والنشر والتوزيع، 2010م، ص 145 ـ 157، (ملحق نصي: مجموعة الفقيه حسن الوثائقية).

2- انظر: عمار جحيدر، “من وثائق الحياة الثقافية في ليبيا: ثلاث رسائل من الطاهر أحمد الزاوي (1890 ـ 1986م) إلى أحمد الفقيه حسن (1894 ـ 1975م)”، مجلة الناشر العربي (طرابلس)، العدد السادس عشر (1990م).

3- انظر: عمار جحيدر، “علي مصطفى المصراتي وتاريخ ليبيا الثقافي: تحيَّة ـ وقراءة نقدية”، مجلة الفصول الأربعة (طرابلس)، العدد 58 (1992).

4- أنهى الدكتور محمد مسعود جبران هذه المرحلة التعليمية التأسيسية الأولى (بمعهد المعلمين ـ شعبة اللغة العربية والدين) سنة (1388 هـ / 1968م).

5- د. محمد مسعود جبران، فنون النثر الأدبي في آثار لسان الدين ابن الخطيب (المضامين والخصائص الأسلوبية)، بيروت: دار المدار الإسلامي، 2004، ج 1 ص 11 ـ 12.

6- انظر الأعمال التالية:

   ـ د. إحسان عباس، تاريخ ليبيا منذ الفتح العربي حتى مطلع القرن التاسع الهجري، بنغازي: دار ليبيا للنشر والتوزيع، 1388هـ/ 1967م، 269 ص.

   ـ د. أحمد مختار عمر، النشاط الثقافي في ليبيا منذ الفتح الإسلامي حتى بداية العصر التركي، طرابلس: كلية التربية، 1391هـ/ 1971م، 302 ص.

   ـ د. عبد اللطيف البرغوثي، تاريخ ليبيا الإسلامي منذ الفتح الإسلامي حتى بداية العصر التركي، طرابلس: كلية التربية، 1393 هـ/ 1973م، 699 ص.

7- قادتني إلى هذه الملاحظة أخيراً المساهمة البحثية التالية: عمار محمد جحيدر، “تراجم علماء طرابلس وصلحائها في رحلة التجَّاني (مطلع القرن 8 هـ / 14م): نصوص / وملاحظات / وجدول تحليلي للمخطوطات”، ضمن ندوة: ليبيا في الرحلات العربية والأجنبية (نحو رؤية تحليلية مقارنة)، طرابلس: مجمع اللغة العربية، 2009، ص 410 ـ 411. 

8- محمد مسعود جبران، سليمان الباروني: آثاره، الدار العربية للكتاب، 1991، ص 8 ـ 9: “ومع تسليمي بأنَّ شخصية سليمان الباروني ـ وهو من طلائع رجال العربية وأبطال الإسلام في العصر الحديث، نالت حظاً غير قليل في التعريف بها، والتنويه بأدوارها الجهادية، إلا أنَّها في رأيي لم تُدرس الدراسة الموضوعية المتأنية، ولم تعرض إبداعاتها للدارسين في معارض شمولية، تستمدُّ مقوماتها من التكوين الفكري والسلوكي لهذا الأديب المجاهد، وتستخلصُ خصائصها من البيئات الفكرية والثقافية التي تقلَّب فيها، واصطبغ بها كفاحه ونتاجه الأدبي.

    من هذا المنظور وقع اختياري على سليمان الباروني وأعماله القلمية، ليكون حلقة نفيسة من حلقات التعريف بأدباء العربية وأبطال العرب المسلمين، وعلامة تكريم وتقويم لأحد المبدعين في فنِّ القول، وفي فنِّ السياسة والحكم والجهاد”.

    وقد أشار الباحث الكريم إلى الكُتَّاب والمؤرخين الذين عنوا بالكتابة عن الجانب الوطني النضالي لسليمان الباروني؛ فذكر كلاً من الأستاذ أبوالقاسم الباروني، والأستاذ أبواليقظان الحاج إبراهيم ـ شيخ الصحافة الجزائرية، وابنته زعيمة سليمان الباروني، وهم وإن أفردوا له كتباً مستقلة، لا يخرجون ـ كما ترى ـ عن الدائرة العائلية / المذهبية. كما أشار ـ بعد هذه الجهود الرئيسة ـ إلى ما كتبه الشيخ الزاوي “الذي أنصف الباروني ـ رغم ما حصل بينهما من خلافٍ في وجهات النظر ـ وذلك بما أجلاه في كتابيه (أعلام ليبيا) و(جهاد الأبطال) من كفاحه”. وإلى “الأستاذ محمد لطفي إبراهيم الذي أورد عنه في كتابه (تاريخ حرب طرابلس) حقائق نادرة انفرد بها كتابه المذكور”. ص 9 ـ 11.

    وهكذا يتضحُ جلياً أنَّ مساهمة الباحث الكريم بهذه الرسالة العلمية تُعَدُّ من أبرز الدراسات المعنية بآثاره، على أنَّه لم يكتفِ بإنجازها، فذكر في سياق هذا التقديم نفسه: “… وإنِّي لأرجو أن أعرضَ لذلك كله في كتابٍ آخر تحت عنوان: (سليمان الباروني ـ أخباره)، أصحِّحُ فيه بعض الأخطاء والهنات، وأتحدَّثُ من خلاله عن المواقف والأحداث المتعلقة بكفاحه، بمنهج أرجو أن أدنو به من الحقيقة” ص 12.

9- المصدر نفسه، ص 17: “وقد سعيتُ بما أتيح لي من جهد، إلى تجميع كثير من هاتيك الأعمال ومما أعانني على ذلك رحلتي التي قمتُ بها إلى الجزائر، حيث توغلتُ في صحرائها وواحاتها، إلى أن وصلتُ إلى قرى وادي مزاب التي درس فيها الباروني، وقد أفدتُ من هذه الرحلة سماع روايات شفهية ذات قيمة، ووقفتُ في مكتبة الشيخ أبي اليقظان الحاج إبراهيم على مخطوطات، كما اطلعتُ على صحفٍ وجرائدَ كثيرةٍ، صدرت في الجزائر وغيرها في العشرينات والثلاثينات: حفلت بأخباره وآثاره، ومن أبرزها جريدة الأمة وجريدة وادي مزاب، ومجلة المنهاج”.

10- د. محمد مسعود جبران، فنون النثر الأدبي في آثار لسان الدين ابن الخطيب، ج 1 ص 22: “هذا هو الأفقُ البحثيُّ الذي ألفيتُ درسي وتحليلي يحلِّقُ في فضائه خلال صلةٍ حميمةٍ بفنون نثره مدَّة ناهزت السبع سنوات، أنفقتها في استكناه مضامينها وشكولها، وفي مقايستها مع الأعمال الإبداعية المشابهة في أدب الغرب الإسلامي، وفي أدب المشارقة”.

11- الدكتور خليفة محمد التليسي، “تقدير واجب”، في تقديم كتاب الدكتور م. م. جبران، أبحاث وتحقيقات في تراث الغرب الإسلامي، بيروت: دار المدار الإسلامي، 2009، ص 12.

12-  لا أزالُ أذكرُ في هذا السياق تلك السطور التي قرأتها منذ سنوات، للأستاذ الجليل محمد إبراهيم الكتاني في تقديم (فتح الشكور): “ولم يستفدْ من هذا المصدر القيِّم: لا بروكلمان في تاريخ الأدب العربي وذيله بالألمانية، ولا إسماعيل باشا البغدادي في أيٍّ من كتابيه إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، وهدية العارفين إلى أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، ولا صاحب فهرس الفهارس ـ مع ما كان له من اطلاع واسع في هذا المجال ـ ، ولا القاضي عباس بن إبراهيم المراكشي في الإعلام بمن حلَّ مراكش وأغمات من الأعلام، ولا صديقنا المرحوم خير الدين الزركلي في الأعلام، وفي آخر لقاءٍ لي معه ببيروت حدثته عن فتح الشكور، فقال ـ رحمه الله ـ : ذلك عالمٌ لا نكادُ نعرفُ عنه شيئاً …الخ”. انظر: أبو عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي الولاتي، فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، تحقيق محمد إبراهيم الكتاني ومحمد حجي، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1981، ص 6. 

13-  جاء في ختام مقدمة هذا الكتاب: (الدكتور محمد مسعود جبران، جامعة بايرو ـ كانو نيجيريا، في 23 ـ 5 ـ 2000). أي أنَّه فرغ منه قبل تحرير هذه الرسالة بثلاثة أشهر.

14- سبك المقال لفك العقال: تراجم وأعلام من القرنين السابع والثامن الهجريين، تأليف الشيخ عبد الواحد محمد بن الطوَّاح، تحقيق ودراسة محمد مسعود جبران [بتقديم الأستاذ الجليل محمد المنوني ـ رحمه الله تعالى] بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1996، ص 11: ختام مقدمة المحقق “مدينة الرباط في 27 محرم سنة 1414  / 17 ـ 7 ـ 1993”.

15- الدكتور محمد مسعود جبران، عبد الواحد بن الطوّاح من الأعلام المغمورين في القرن الثامن الهجري، [بتقديم الأستاذ الجليل أبوالقاسم محمد كرُّو]، بيروت: دار المدار الإسلامي، 2004، ص 17: ختام مقدمة المؤلف “وكان الفراغ من تحريره بكنو، يوم الاثنين الموافق 29 من جمادى الآخرة 1422 = 17 سبتمبر 2001. د. محمد مسعود جبران الأستاذ المشارك بكلية الآداب جامعة عبد الله بايرو ـ كنو ـ نيجيريا”.

16- د. محمد مسعود جبران، “منهج أبي جمعة الماغوسي في الشرح الأدبي”، ضمن كتابه المجموع: أبحاث وتحقيقات في تراث الغرب الإسلامي، ص 451.

17- إيضاح المبهم من لامية العجم، لأبي جمعة سعيد الماغوسي، من أعلام القرن الحادي عشر الهجري، دراسة وتحقيق د. محمد مسعود جبران، بيروت: دار المدار الإسلامي، 2009، ص 25: ختام مقدمة المحقق “وكان الفراغ من تبييضه بمدينة كانو، يوم الأربعاء 27 من رمضان المعظم 1424 [1422]هـ، الموافق 12 من ديسمبر 2001م. راجي العفو والغفران أ. د. محمد مسعود جبران”.

18- نشر في العدد الثالث من حولية مجمع اللغة العربية بطرابلس (2006).

19- د. محمد مسعود جبران، أبحاث وتحقيقات في تراث الغرب الإسلامي، ص 150: “… في تجسيد ملامح هذا الدور الإيجابي الذي نهض به الغرب الإسلامي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا أو شنقيط)، تجاه وسط أفريقيا وغربها، أو ما يُطلقُ عليه قديماً بلاد السودان أو بلاد التكرور الخ”.

20- ينبغي التذكير في هذا المقام بأنَّ هذا الجدول لا يضمُّ كما ترى بقية أعماله المنجزة (المخطوطة) التي لم تنشر بعد، وقد تكررت إشاراته إليها في عدَّة مواضع من هذه الكتب المنشورة، وذلك ما يعني أيضاً بالضرورة أنَّ هذا العرض التحليلي المجمل لا يشمل كلَّ جهده، ولا يحيط بتجربته البحثية الشاملة.

21- الدار العربية للكتاب (طرابلس ـ تونس).

22- وفقاً لرؤية الباحث الفاضل وحرصه على نسبة الفقيه علي بن زياد إلى طرابلس، رأيتُ أن أجعله في هذا المقام قاسماً مشتركاً بين الطرفين، مع أنَّه عُرِفَ قديماً في واقع الأمر بنسبته الظاهرة إلى البيئة العلمية في تونس.

23- تقدَّمت الإشارة إليها أعلاه.

24- عمار جحيدر، “التليسي 1930 ـ 2000 مؤرِّخاً: مقاربة أوليَّة”، ضمن ندوة: (التليسي في الذاكرة) التي نظمها مجمع اللغة العربية خلال يومي (22 ـ 23 / 11 / 2010).

25- د. محمد مسعود جبران، أبحاث وتحقيقات في تراث الغرب الإسلامي، ص 15.

مقالات ذات علاقة

قراءة في الرواية الليبية.. من كتاب أكسفورد «تقاليد الرواية العربية» (4/7)

المشرف العام

ليبيا واسعة – 35 (يـنـشـد)

عبدالرحمن جماعة

الدَّهْشَةُ الشِّعْرِيَّةُ في ديوان “أنا ليبيا”

جمعة الفاخري

تعليق واحد

أسامة بن عبدالله 25 فبراير, 2019 at 12:09

شخصية علمية تستحق التقدير، وهذا الجهد الذي قدمه الأستاذ عمار جحيدر، جهد يستوجب الثناء والشكر.
والشكر لموقع بلد الطيوب الذي يتحفنا بالجيد.

رد

اترك تعليق