يتجول بين مسارب الآثار، يسرح متأملًا التماثيل،. يتخيّل كيف كان صاحب كلّ تمثال قبل أن تطويه القرون، ما لفت انتباهه هو أن جميع التماثيل من دون رؤوس، هل قُطعت عمدًا، أو سُرقت، أو أنها تساقطت بمرور الزمن، تمثال ضخم يستوقفه، نُحت بعناية، وإتقان، ربما كان لأحد القياصرة، أو لامبراطور ذائع الصّيت في عصره، أو لملك ذي سلطان، لم يغفل الناحت أدقّ التفاصيل، تعاريج اليدين، عروقها، زغب الجلد، حتى المسام لم يتغاض عنها، الخواتم المرصّعة تلتف حول الأصابع، سمنة البطن، عرض الكتفين، ثنيات الرداء، الصولجان باليد اليُمنى، يكاد يكون حقيقيًّا لولا اختفاء الرأس، تكدّر وهو يفكر، لماذا لا يقف خلف التمثال؟ يخفي بدنَه وراء جسده، يجعل من رأسه رأسًا له؟ سيبدو شامخًا، مهيبًا، فليعش لحظة عظمة ولو بجسد تمثال، ثبّت آلة التصويرالحديثة على بعد مناسب لالتقاط صورة تذكارية يتباهى بها، توارى جسمه خلف التمثال تمامًا، تأكّد من أن رأسه حلّ محل الرأس المفقود، فجأةً يسمع خلفه أصواتًا تهدر، تزمجر مهللة، تختلط بصليل سيوف، في لمح البصر تترنح جثّة لتسقط وراء التمثال منفصلة عن رأس يتدحرج نازفًا دمه تحت قدمين من حجر.
المنشور السابق
المنشور التالي
محمد المسلاتي
محمد عبد السلام المسلاتي.
تاريخ الميلاد: 29/12/1949 بمدينة بنغازي.
بدأ نشر أول كتاباته القصصية بصحيفة الرقيب أواخر عام 1968 ف. وتحصل على الجائزة الثالثة في مسابقة القصة القصيرة عام 1972ف التي نظمتها إدارة الشباب والرياضة/ليبيا.
صدر له:
الضجيج قصص قصيرة 1977م.
الدوائر قصص قصيرة 1981م.
المرأة الفرح قصص قصيرة 2004م.
تفاصيل اليوم العادي قصص قصيرة 2006م.
ليل الجدات ج1 من كتاب الحكايات الرواية السيرة الذاتية 2008م.
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك