كنت ابدو كغبي لا يعقل ما يقال له، ربما ليس خطئي على كل حال، بل هي الدهشة التي كثيرا ما نلمح أنفسنا في نهاية المطاف أننا كنا مجرد بلهاء أغبياء في مظهرنا و تصرفنا.
حقا الغباء قميص بريء ارتديته عنوة عنه، و لم ادرك أنني غبي إلا في اللحظة الأخيرة عندما وجدتني احدق في صاحبي و لساني تنزلق فوقه الأحرف مجترة للانزلاق:
– زحل … زحل …. زحل …. زحل …. زحل ….
ولم اكتفي بالتحديق فقط بل تعديته و قمت بتقبيل صاحبي الواقف كالصنم و عيناه تتابعان أفعالي الرعناء، و اعتقد أن لساني يصفع أذنيه بكلمتي الأكثر غباء مني، و تمنتا لو أن جلطة تصيب قكي السفلي أو أن أسناني الكريهة تقرض عضلتي و ينتهي الأمر، لكن كل ذلك لم يحدث و ظل الصاحب يسمع أنشودتي الماسخة ذات النبرة الواحدة و المقطع الواحد و الكلمة الواحدة المثلثة الأحرف ز ح ل و دون أن يفهمها.
الحقيقة أنا أيضا لا افهمها لكني ظللت أغنيها كببغاء و اركض في الزقاقات و الردهات و على الشطئآن و البوارج و في السهول و الجبال ثم أعود لتقبيل صاحبي و إنشادها رخيمة، ثم اعاود الترحال في الرمال و على أخاديد الطرقات ارسم الأحرف، بلا تردد ضممت فتاة لأني سمعتهم ينادونها “زحل”.
دورة حياة لا تمل نفسها معي .. لصاحبي الصامت يشدني الحنين فاهديه ابتسامة ملغمة بــزحــل، انفخ رئتيه بهيدروجين، ساحبا أكسيجينه فلعل هذا يجعله ينفجر غضبا و يسألني عن هذياني أو ينهرني لأكف عن جنون زحلي، الصمت يكبت كل انفجاراته !!.و زحل لا ينفك يشدو و يرتفع شأنه عند ابله مثلي…
كم كنت معتوها في نظره ..لكن من هو؟!.. هو صاحبي الأجوف المحدق بإحتقار لي و هو يتربع فوق سطح المكتب بياقة سوداء مرقشة بالأبيض، يظن أنه جالس على العرش و لأجل هذا يحط من قدري و لا يعبأ بكلمتي …. افسم أنني لن اصطحبك معي إلى زحل.
أخيرا يا دبدوبي المتعالي سأسافر إلى زحل و لتذهب أنت و أمثالك إلى جحيم الموقد ..
قذفت بصاحبي المصمت الذي اهدته لي زوجتي في عيد العمال في المدفأة و أغنية ترددها ألسنة اللهب و يبعثرها دخان صاحبي المهدرج
…..أنت زحــل ….أنت زحـل …. أنت موعود بــزحــل …
10-يناير