أطـــــــلالٌ
طرق الباب برفق، لم يجد جوابا، اكتشف أن الباب غير محكم الإغلاق، قــرر أن يدخل بخطــوات مترددة، صعد سلم الحديقة المؤدي إلى الباب الخشبي للبيت، وجـده مفتوحا، لا يوجد أحـد هـنا، كان هذا البيت يوما يستولي على مكانة أثيرة في قلبه، تحولت جدران البيت إلى أطلال مُخبأة في ذاكرته، تحمل كل منها قصة لم تروى لأحد بعـد، عن طفولته وشبابه، عن عذابات عمر مضى، ولحظـات نزق ذهبت ولن تعـود، سلم على أرواح أهـل البيت جميعا، قـرأ لهم فاتحة الكتاب، اقبعـوا فيه بلا حياة، فقد أخذت منه كل ذكرياتي، وحزمت أمتعتي منذ زمن، ولم أسـأل أحدا، فعليكم سـلام الله، إلى أن تلتقي الأرواح.. وتتعـانق شـواهـد القبُـور..
فـزعُ الكوابيس
من هُنا منظـرُ الغُرُوب يبدُو أجملُ، قُرْصُ الشَّمْسِ يَتَمَـاهَى مَـعَ الأُفُـقِ، وجـدَّتي تنسـجُ لي بمغزلها العتيق تمائم الحُبِّ الخالد، أتلقفُها، ثم أركُضُ مُسـرعـاً كغـزلان الوادي الشَّـاردة. أقرأ في ظُلمة الليل تفاصيل حكايا لمْ تُرْوَ بَعْدُ عَنْ رَصِيفِ الغُرْبَةِ وَصَمْتِ الشَّوْقِ، وَأحلام الطفُولة البائسة، المُنتشية دَوْمـاً بِرُوحِ البَهْجَـةِ والفَـرَحِ، وعن فـزع الكوابيس؛ حين يتسللُ إليها وميضُ الذكريات فيُحـوِّلهـا إلى رمــادٍ.
زخَّــاتٌ
قالت الغيمة للنبتة المُتعطِّشة لقطـراتهــــــا:
لن تنزل زخَّـــاتُ مــــائي هُـنا، بل في المـدينة الأُخـــرى!.
ردَّت النبتة بثقةٍ واضحـةٍ: لا عليك، أكملي طريقك، وأنا رزقي مُقـدَّرٌ عند الله، مع غيمةٍ أخرى لمْ تصل بعـــد.