القاصة فهيمة الشريف.
حوارات

فهيمة الشريف: الرواية مدونة العربي

أمر غريب أن نترك الحديث عن العقلاء ونركض خلف المجانين

حاورها: رامز النويصري

القاصة فهيمة الشريف.
القاصة فهيمة الشريف.

 

كل قلم جديد يحمل معه نكهة مختلفة، والأقلام الشابة في ليبيا، ليست مختلفة فقط، بل ومتميزة بعصاميتها، وسعيها الدؤوب لإثبات ذاتها، والتجريب لتقديم نصاً مختلفاً قادراً على الإدهاش.

القاصة الشابة “فهيمة الشريف“، هي أحد الأقلام الليبية الشابة، والتي أزهرت في مدينة الزاوية التي تقدم للأدب الليبي عديد الأسماء، والتي كتبت في مختلف أجناس الأدب.

نتوقف معها في حوار حول تجربتها في الكتابة، خاصة بعد صدور كتابها الأول (ذاكرة مجنون)، محاولين الاقتراب من هذه الرواية ومن عالم الكتابة لديها!!

 

– لماذا كان إصدارك الأول رواية؟

حينما بدأت الكتابة كنت أكتب القصة القصيرة، والقصيرة جداً، و لكن عندما عرضت بعض نتاجي الأدبي على بعض الأصدقاء من الكتاب والأدباء الليبيين والعرب، نصحوني بالتوجه لكتابة رواية؛  لأنهم لاحظوا أن أسلوب كتابتي للرواية أقرب،  كما أن براح خيالي ربما جعلني أتحول من قاصة إلى روائية -مبتدئة تحاول إثبات قلمها في عالم الرواية-، كذلك شعوري دوماً بأنني مقيدة بوجه واحد مع القصة القصيرة، أما الرواية فمن خلال تجربتي الأولى استطعت أن أطلق العنان لخيالي بشكل أوسع، رغم بقائي وفية للقصة وعدم نكراني لجميلها في نقلي إلى رواق الرواية.

هنا نتوقف عند مقولة؛ الرواية ديوان العرب الحديث، إلى أي مدى تتفقين مع هذه المقولة؟

بالنسبة لي، أرى أن للرواية مكانة عظمى في حياتنا وفي حياة العربي قديما؛ لذا هذه المقولة لم تأت من فراغ، فلو تتبعنا مسار الأدب الروائي منذ القدم لرأينا أن له نصيب وافر عبر العصور، مثله مثل القصيد الشعري، والدليل على أنها ديوان العرب ما نقل إلينا عن أحداث و تفاصيل دقيقة للحروب وأيام العرب، لو صح التعبير أقول أن (الرواية مدونة العربي) باعتبارها تسرد مشاهده اليومية ومشاهد أجيال سبقته يصعب سردها في نسق شعري.

أيضا ثمة دلالة تجعلني أؤكد أن الرواية حياة كما أن اللغة وعاء الأدب فالرواية مرقه، ونكهة المجالس وترى كثيراً كلمة “قال الراوي..”، ويمتاز الراوي بدرجة المحبة من قبل الجميع، حتى في المأثور الشعبي الليبي نجد “الخرّافه” لها انتباه ملحوظ يشد سامعيها و يربطهم براويها.

بلى الرواية سرد متواصل يحمل تاريخ المجتمعات و يرسي ثقافات الشعوب، حق لها أن تكون ديوانا للعرب.

إذن؛ بما تفسرين توجه الكتاب والأدباء لكتابة الرواية؟

من الملاحظ في مبيعات المكتبات وعلى شبكات الانترنيت ازدحام شديد وتنافس قوي في فن الرواية، وأرجح ذلك بسبب إقبال القارئ عليها دون غيرها من الكتب الأخرى، وقد يجد فيها -قارئها وكاتبها- متنفساً كبيراً يعطيه الشعور بالمتعة والسفر عبر المخيلة إلى خارج حدود الذات، بعكس ما نشعر به عند قراءة وكتابة مجموعة قصصية.

ثمة وجه ثان لاتجاه الأقلام صوب الرواية، ألا و هو الوجه الربحي التجاري دون النظر للمضمون.

غلاف رواية ذاكرة مجنون.
غلاف رواية ذاكرة مجنون.

دعينا نتحدث عن روايتك، قربينا أكثر من (ذاكرة مجنون) هذه!!!:

دعني أصارحك بأنها في البداية كانت مبرمجة على أساس أنها قصة قصيرة، لكن في تلقائية تامة وجدتني انحرف عن سياق القصة ليشطح بي الخيال في مسارب غامقة، ويلبس فكرتي الصغيرة ثوباً فضفاضاً ويضفي عليها صفة الأم الولود الراعية لفكيراتها الرضع.

“ذاكرة مجنون” هذا هو الاسم الذي أحببت أن تنطلق به باكورة أعمالي الروائية، -لو امعنت النظر أكثر لكان اسمها ابلغ-، وقعت الرواية في ثلاث فصول، كل فصل أخذ نصيبه من الصفحات.

ربما يرد تساؤل من السامع عن اسم الرواية…لماذا تمت الكتابة عن مجنون، وهل للمجنون ذاكرة ليفرغها أو تكون محض اهتمام كاتب و قارئ؟!.

أجيبك بالمختصر، نعم أمر غريب أن نترك الحديث عن العقلاء ونركض خلف المجانين لنأخذ منهم حكاياهم الطريفة، أو نلقي نظرة على سيرتهم الذاتية ونقتحم أسرارهم، هل فكرت أو جربت مرة أن تجلس إلى مجنون و تسمع خراريفه وتستمتع بغرابته أو ترفع عقلانيتك لمستوى جنونه -تعقله الغائب عن أذهاننا- وتحاكيه و تستفيد من حكمه و تجاربه؟!.

نحن العقلاء نجهل و نتجاهل موقع هؤلاء المجانين ونعتبر أنفسنا في درجات الرقي، كلنا دون استثناء حين تقع أعيننا عليهم تفضحنا المدامع و تشفق الأنفاس و تلهج الألسن ‘مسكين’.. ‘يا نـاري’.. هل شكا إليكم حاله؟ هل طلب منكم زخ الدموع لرثاء روحه المرحة؟!. ابكوا أنفسكم فهو راض بعقله المختفي في طيات السعادة، الراقد في نعيم الأسرار الضائعة منكم، المتأمل في الطبيعة الكونية التي لا تلقون لها بالا وتسعون وراء المال والترف بأنفاس مخنوقة.

مطلب وحيد رجاه منكم، لا تنظروا إليه بنظرة دونية وألا تهمشوه من قاموس المجتمعات فهو بشري آدمي له كيان، احساس و سلوك برئ.. مازال ينتظر أن تحققوا رجائه، فهل يأتي ذلك اليوم الذي تزول فيه نظرتكم القاصرة؟!!

جاءت الرواية على لسان مجنون طرده أهل بلدته لعاهة الجنون، تحدث فيها لجليسه -القارئ باعتباره سيكون نديمه وخليله طوال الرواية- ففي الفصل الأول يعرج المتحدث للتعريف بنفسه ومجتمعه وأسلوب عيشه وكيفية طرده ومولده ونظرة الناس له وتبرئة نفسه من الجنون، أما في الفصل الثاني فيحكي ما جرى له عند العودة للبلدة أو لأترك في داخلك تشويقا وأصرح بعد عودته من المقبرة وعودة روحه لجسده منفذاً نبوءة العرافة وكونه سيكون لعنة!، هنا يروي أحداثا غريبة مع …. لنتركها فراغاً الآن حتى إشعار آخر، وفي الفصل الأخير يحدث حوار مطول مع كبير البوم وتكون الخاتمة في هذا الفصل في طراز مختلف.

ماذا عن مشاريعك الجديدة؟

حاليا في صدد كتابة رواية جديدة إن شاء الله تكلل بالنجاح، بالإضافة للتجهيز لكتابة مجموعة قصصية، كتابة عمل غنائي -أوبريت لذوي الاحتياجات الخاصة، وآخر للأطفال و أحلامهم- تكملة لمجموعة شعرية بدأت العمل بها منذ أشهر.

كلمة أخيرة!!!

في المنتهى .. أتمنى أن يلاقي ما أنشره استحسان ورضا المتلقي الكريم؛ لأني أكتب بعفوية ودونما تخطيط مسبق في قصصي ورواياتي وخواطري ومقالاتي، كلها تولد و تنسخ فورية وتنشر.. كما أرجو من الله العلي القدير أن يحقق ما أصبو إليه وأرى قلمي شاقاً طريقه للإبداع.

شكراً لكل من دعمني ووقف بجانبي.. شكراً للكتاب والأدباء الذين صاحبوني طيلة كتابتي.

شكرا لبراح الكلمة “بلد الطيوب” وخالص الشكر للصديق والأستاذ الشاعر “رامز النويصري” على هذا الاحتضان الأدبي وأتمنى له حياة أدبية مزهرة فواحة.

مقالات ذات علاقة

الشاعر الليبي عبد الله زاقوب الشعر يساهم في كشف الخطايا، وتعرية الطغاة و الجبابرة، و الرفع من مستوى معرفة الإنسان بذاته

المشرف العام

الناقد: أحمد الفيتوري/ الحديث عن نظرية نقد عربية

المشرف العام

محمود ملودة.. يتحدث عن: الرواية الليبية والموروث الشعبي

خلود الفلاح

اترك تعليق