“جلسنا هناك لساعة ونصف تكلمنا في كل شيء. تحدثت معها وأنا أفكر كم سأشتاق إليها، كم سيؤلمها رحيلي، وان هذه كلماتي الأخيرة لها. تأملتها لآخر مرة. كانت بسيطة وعفوية، تحمل في يدها جريدة، ولأول مرة أنتبه لوجودها في يدها، وأنا اعلم جيداً أنها لم تشتر جريدة يوماً. قلت لها باستغراب: منذ متى وأنت تطالعين الجرائد؟
أجابت: أنت تعلمين أنني لا أحب قراءة الجرائد، إلا اننى لاحظت في الفترة الاخيرة ظهور بعض الجرائد الجديدة التي تتبع منهج جديد في الصحافة، حتى انني شعرت أنها جزء من حركة تغيير قادمة تحاول أن تخرج من سياسة “امش جنب الحائط تسلم”، و”تملق لتتألق”. تحقيقات وفتح ملفات ومواضيع جريئة وكشف للفساد وحرية لم نعدها في صحافتنا يوماً.
قلت بسخرية: لا أظن أنها ستستمر، بل واراهن على استمرارها.
– لماذا؟
– سيسعى المتضررون من وجود الرقيب الذي أتى من العدم إلى أن يبقى الوضع على ما هو عليه. سيحاربونها. أنا متأكدة.
– لم نظرتك مأساوية تجاه الأشياء؟
– نظرتي ليست مأساوية نظرتي واقعية. تصوري انك سارقة، تسرقين في وضح النهار من اليسار واليمين، من الغنى والفقير من الكبير والصغير دون رقيب ومن دون من يدس انفه ويفتش وراءك. وفجأة تسلط عليك الأضواء وتصبحين عرضة للمتابعة والمسائلة من الصحافة. كيف ستتصرفين برايك؟
هزت رأسها علامة الموافقة قائلة: سمعت أنها تتعرض إلى موجة من النقد والاتهامات رغم شهرتها ونجاحها، إلا أنها ما تزال صامدة. أنا اعتقد أن الصحافة واجب وطني، وان الغرض الأساسي منها هو كشف الفساد”.
نهلة العربي/ رواية متاهات عشقية (مخطوط) – ص 13/14
وأنا أسقط، إِندلعت الأجنحة، لعنتني ربة الهاوية،
وأنا أصعد، شتمني العالم السفلي،
أُشعل لكنة الودق وآمر الطواحين، كُفي،
تمر سنابك الجند تهرس العشب الأمير،
وما تصدع من جواب،
سأبحث في الصبر عن قمح الحقيقة،
يصمت الماء في حلق النواعير،
الليلة أخلع ظهري وألملم سياط العمر،
أعبث بالروح صوب فخامة الموت،
أنكأ قداسة الملح وأخون ذئبي،
إِن تجرح الحزن يهطل رملي،
خيالك مسخ، يمزق ياسمين العقل، يشطب أول السكر،
لأنزف قاب هذه الأوجاع، كيف السم في ولهي،
جمرة سوداء تفترس الوريد،
والديمات البهق تعلن صهد أنيابهم،
يا عابر الويل صف للفادحين،
النوم أيكة الخيبات، وحليب الفقد،
فوق ظلاله حزن عظيم،
يكرع خيل الغياب الراكضة في المر، ويسرح في الضوء
الحرف لعنة الوقت المدجج باللصوص،
يعلن سرب الليالي القانيات،
الضمير سماء أغنية الرماد،
يهطل من ضرع موسيقاه كستناء النور
القبر ذاكرة الحروب، والغيم خطة الماء المهاجر للصهيل،
عبر ثلوم حمحمة الرصاص الحر، ينزف نهدها عصير الأسئلة
لي قصيدة شغف ( السفن ثكلى)
لي كراس برتقال ( السقف أحدب)
لي غمازة بدر ( البحر أرمد)
لي مكتفي باليراع ( العناوين يباب)
كم خرافة أذكت رحال الخلع على كتف المجيء،
ادس رائحة الكلمات، وابرز بطاقة البكم جدا،
تحرري كالعناقيد، تمايلي كاللوز
يا فتنة الشبان، يا مدانا الغض
ياشعبها المسكين، كيف ملايينك السبعة، أم جاب القلق
الليبي الجميل هزته الورقة البيضاء التي تتأتئ،
الجنة نكتة من عري وبخور،
الذي يتكأ على الغبن ويتأبط مكره،
يملأ وجهه بالعجاج ويعلق بيتك على باب المجرة،
ممنوع من البوح أنت، ممنوع من الصمت،
ممنوع من الشوك أنت، ممنوع من الورد،
يهصر فنجانه المر، ويزيح السيجار بسيجار،
يا الشقية التي تغرز في القلب عينيها الشاسعتين،
ليبيا، يقال :بأن الشضف قصير جدا، والفرح طويل،
خذ نجمتي لقبائل الكرناف، تذوق قيعة القانون،
وأربلني كثيب لهاث، يهطل كرب،
سكرانة بالهراء، خضب (أويتي) بالقار،
أَشعل ارجوحة النشوى، وقلني، هل أنتَ لك ؟
” يا وطني الجديد، يا حليبها، رد علي، لماذا الفطام ؟* “
الله كم أنت قريبة ووطني بلوتو،
يا ابن غرفة وست فقم وخمسمائة زيف، يا عاهل الضنك، لم أذوي في القحط، لم أتكأ الخلب، لن أستكن للضباب،
أنا ابن هذي العذوق أُسدل النار وأمضي،
تعبت من أثل شاشات الطلاسم،
حيث المرافئ سوداء، والموج أحمق، والباب معقد،
راودهم كابوس أحمر،
الفتية عبثوا بالتلفاز، وبمشيمة نص ساخط،
الصبية موت، مجاز القبر لسان تمرد،
في حضرة الموال غنيني، سيرة لما بعد الخديعة
أفتش على حفنة حبر لأَطهو القصيدة وكسرة حزن،
أبحث عن جريدة أزيح بها غبش البلاد،
أتعثر بالواشنطن بوست وكل الناس تغرق،
أبحث عن صواب وقد ما ت السيد صدق،
وأصبح الفهم حرام،
لليتيم مني ربع دينار أيأكل ؟
في فم الناي ينبوع بكاء،
والدمع سبابة الذكرى، توقظ غفوة الألم، على ركبة النسيان
تشير حيث العفة الرقطاء، أسدت معروف الخداع
كيف الراهبات الثيب، نذرن بكارة المعنى، لأير القس ؟
تكلمت تحطم ثغري،
أيقظ الصدأ وأحصد الخوف،
عاكفا على نصي أترك الغد المجبول بالسمسرة،
لفقاقيع العطب وأذهب ناصعا،
ليس لي في العاهرات،
لم يعمدني الدعاء السوء فجرا،
نام الرصيف تحت حقائبي واستفاقت معامع الغربة،
تهادت وحشتي في الاشتعال، ضرى الرحيل أكثر،
يا سادن الحلكة، خذلتك نياشين العذاب،
نوارسي تعب الزرقة،لا سقف يمنع المطر، المدى مفتوح،
يعوون فأضحك، لا ذنب للريح في العاصفة،
يحمدون هبل على جمر “الباربكيو”،
يعبدون تمرهم والنوق الجرب،
و يمتعون مؤخراتهم على سنة فرويد،
تلظى، فحم نبض، وقداس خراب،
سقف قيح خفي، ضميره من نعاس المال،
يكشط الكاكي سلالة الرفض،
يا لعنة الزيت ساورتني الأفاعي،
بينما يتلمضك القساة في سطل صفقة
من يقنص صبوة الرؤى للجناح،
ويغنج دفتر الفضة قرب مفهوم التحقق،
روحان في قلب الوله،
أقبل تفاحها البري، وأعصر الخذلان، نبيذ شعر
أين وجهك منذ الأبد ؟
لتعود اللغة لفمي، واللهب،
أحيانا كلما ابتعدت دنى الاقتراب،
وحان موت المتاه .
الظهرة – طرابلس
27/4/2009 – 11:50 ظهرا