محمد عياد العرفي
لبسَ هرم الستين قبل أن ينسلخ ألأربعين… غريبً في موطنه… في ماضي كان سلطان أيامه…. يرتدي ملابس فرنسية من أحدث الموديلات.. وقمصان الحرير التي لايجوز ارتد أه أصلا.. وساعات السويسرية المطلية بذهب.. والقفازات السوداء كالقتلة المأجورين.. وقبعة داكنة اللون ..من طرفة التشبيه.. بالكتاب والأدباء.. فالحذرُ تلو الحذر..من آفة ألإثبات..والوضيع..بوضع القبعة يكتمل شروط الـــهوية..في تحية المنقولة.. فلتحييا دولة الحقراء] وعصا الشرف التي باتت رفيقته الدائمة…وإذ كان المعنى صحيح فشرفاء قد اغتصبُ تحت وطأة المستوطينيين في غياب السلطة التشريعية…يجولُ حافيا القدامى..تمزقت ملابسه المقززة من هول الزمن..يفرك شعره المليء بالغبار من ظلمه للعباد..يحك فخده كالكلب جربان..يعطس غبار ألأسود منبعث من السيارات..يبحث عن سيجارة يلتقطها من مدخن مستهتر قبل أن تسحق على أرض..يسحب أربعة أنفاسً جنونية خوفا بأن تهفو في الهواء..بينما كان في الماضي يدخن سجائر هافانا ويستمتع بإطفائها على أيدي العمال الكادحين.. .. يقف أمام مطعم شاورما تلف وسطها لذيذ ..كدجاجة..كالبقرة..كالحمار.. يسيل لعاب من فمه يستعمل إحدى حيله اللئيمة .. يستغل سهو العامل وينقض على شاورما كالكلب المسعور.. يصرخ الأخ الوافد.. حرامي ينهاروا عليه ناس من جميع الأشكال و الأجناس ويجّر على الرصيف.. ويضرب من الكبير والصغير ويشتم من السيدات مرة وبأحذيتهنَ المسنونة مرة أخرى… يسيل دم من وجهه كالأفلام ألا كشن.. ويترك ملقيا مرميا بجانب كشك.. بدار المساكين.. يبكي فيبكي كاليتيم في وقته يشكى … وعورته تتكشف من جرا الضرب …. اللهم لا شماتة… يضع على رأسه إحدى الجرائد التراكوازية…الملقية على الأرض كعادتها! المكروه..من قبل القراء.. تحميه من شدة الحر.. في فصل الصيف على تمام ساعة الواحدة ظهراً..ينطلق ويبحث..عن كلام ناس..عن الهوية.. عن سلام.. عن المسامحة.. عن الظل يؤويه من أشعة الشمس الحارقة.. يبحث عن لقمة العيش تسد جوعه القاتل.. في الماضي كان ينبهر بظهوره أمام ناس كقارون عند خروجه على قومه في زينته… كان يحل ويربط.. كان ينهي ويأمر.. كان يفصل من يعول..ويعين ابن أصول.. كان ضميره نائما كنوم القطط سمان ينهش من مال دولة لا رقيب ولا حسيب.. كان يفطر على مائدة المضطهدين.. و يتغذى على أجور العاملين..كان يسهر في ملكيات المغتصبة.. و يهدي السيارات الفاخرة لسباحات!
يصل إلى طريق تشير إلى أعمال جارية.. .. يتذكر تلك جنحه التي لا تغتفر للعامة..في عهد والوزارة المستقيلة.. منخفش, كرش,مرتش,حرطش,,,, وبر أمان واضح يا سادة.. فيقف في منتهى المنعطف الأخير ..قبل مبنى الاستراحة بأمتار.. يدق على باب الاستراحة.. ينادي ويصرخ .. على خادم عسول فيتجه برأسه البشع ويراقب بعينيه من إحدى فتحات البوابة ..يتجاهله عسول كتجاهل المسئول في تلبية طلب المواطن … وتاريخ خيرا للميعاد … يئنوا أنينَ شديد كا أنين مارغريت قبل وداعها.. يتحصر على ضياع الهوية… والأيام لا تشفع بمن وقع ضحية … وفجأةً تظهر سيارة كلاسيكية سوداء … كالموجودة عند بعض ألأمناء… تفتح البوابة في رمشه عين.. فيرجع سائقها إلى خلف قليلا.. ويسأل من هذا المتسول؟ فيشار إليه بالتقدم.. ماقصتك ؟ فيجيب أن الذي كنـ… فيقطع حديثه بواجب الاحترام … أبرز تعريفك ياهذا … فيتحصر من ويل الطلب..لقد فقدت هويتي… تتحرك سيارة بضغطة بنزين.. يسقط على ركبتيه ذليلا حقيراً يلطم وجه كالجاهلات الناقصات في عصرا هذا…ويكرر ويقول ..أن فاقد الهوية …أن فاقد الهوية.