الصادق دهان
*
مقطع (1)
أقول :
أحيانا تكتبني الكلمة وتوجعني حروفها فيسيل الدم مدادا علي الصفحات ، وأحيانا يغرقني الحزن حتى تعودت على معناه ، فلم أعد أعرف له معنى ، يطاردني في جوف الأحلام بمراسم هزيمة المقاتل ، وأنام ومن حولي بصمات الانكسار ، يلازمني الوهن في سكون الليل المتأني يهذي ألمافي لحظة وجع ، وينتهي الأمر إلى أنين ابتسامة زمن ، كم هو مؤلم هذا الأنين الذي لا يقبل الترجمة ، سكون بداخلي لا يقبل الترجمة.
مقطع (2)
قالت :
ما اخترت كلماتي ، وإنما تسقطت من وجهي زخات مطر في ليله صيف حارة ، لا يهم إن كانت هذه حضور اللحظة أم هي نتاج صيغ في زمن آخر، المهم أنها لامست حافة القلب ، وتسللت عبر جدرانه الداكنة لتستقر في زفرة واحدة ، لحظات انتظار على رصيف الزمن القاتل أقف أنا كل مساء ابحث عن ذاتي المتعبة ، وعن أسطورة لم تكتب بعد.
مقطع (3)
أقول
حزمت ما تبقى من عمري في حقائب مثقوبة ، وعبرت جبال هرقل فوجدت الساحل أطول والجبل أسود مثقوب ،، نظرت إلى الوراء على صوت ضوضاء فكان خلفي تقف لعنات قديمة مثقوبة ولعنات جديدة غبية ،، (ووجه أنثى تلتحف أهدابها) وفراغ يملأ قربة مثقوبة وحزنا يحزم معي حبيبات الذكريات ،، وصمت يسألني إلى أين ؟ ينتفض قلبي المرتعش مرات كلما عرف أني لا أرى إلا الثقوب ، كان غريبا هذا القلب المغطى برائحة الورد والبارود ،، وهو يسيل أحيانا ويصعد دخانا إلى مقام هرقل ويتلو قصائد هولاكو ، ويغرق في حمقه وحنقه ، يومها قلت له سأراك على قصبةْ رحى الجدة ،، وتركته ينتظر يدي في يديه وأجسادنا خفقة متعبهْ والبقية تأتي ،،،،،، ربما قبل أن أرحل.
مقطع (4)
قالت :
بين الجفن وصورة الذاكرة ، امرأة تسكن الظلام وتبحث عن روح تسكنها كانت تسكنني فرحا في رشفة فنجان ، ونكهة قهوتها وتوابل سهرتها ورعشة إنسان ، تسكبني في دوار النشوة يتوقف الزمن في عينيها ،، ترشف وهج الحاضر وترغم الأرض عن الدوران برقة منديلها الثائر تمسح ما تبقىمنى بين الجفن وصورة الذاكرة.
مقطع (5)
أقول
حين يمتزج الألم بالحب ، والغربة بالكبرياء ، ويغرق الزمن في صمت مميت ،،، حينئذ لابد من صرخة عميقة تسكن قلب الليل المتأوه فينا ، لست وحدك من يقاوم الجاذبية نحو الهوة ، ولست وحدك من يحفر شقا في جدار الزمن هربا من خيالات اللوعة المشتعلة في آفاق محرومة ، لست وحدك من ينهمر شوقه في خلجان آلامه النائمة عند كل زاوية عمر ،، نحن هنا في هذه الدنيا نفترش ذكريات الهموم ، ونقتات أحلام فراشات كانت تحوم في طفولتنا ، ولكن وحدك تحفرين الذاكرة وتعيدين طواحين الهواء الى شغاف القلب تمزقها ، رفقا فان لم تنهمر الدموع فوق بياض الصفحات فإنها تختزن دما في المآقي الشاردة ، وأمضي أنا بمشاعري أعصر رموش الشمس وأضع بين كفيها ما يكفي ، من نجمات الفرح وأشق للغاليين بابا من أمواج البحر المجنونة ،، وأوقد الغـربة والمغامرة وأنفاس الحبيب.
صمتت وأنا صامت ،، وتبقى الكلمات تبحث رغم الموت عنا