تراث

حديث عن الحلي والملابس الشعبية

 

أحمد عبدالسلام بركوس

الحديث عن الحلي والملابس يحتاج إلى وقت ذلك لأن هذا اللون من التراث واسع وغزير, وهو إبداع له جذوره الضاربة في التاريخ, إن المبدع الليبي استطاع أن يخلق العديد من المصنوعات الجميلة الرائعة من الحلي والملابس والأحذية والمفروشات وغيرها من لوازم الحياة التي يحتاجها في بيته أو في مجالات عمله المختلفة.

لقد تحدث الشعراء في أشعارهم وأغانيهم عن هذا الفن الرائع وربطوها بوصف المحبوبة التي تتحلى بها وترتديها, ونلمس ذلك واضحاً في بعض المواقع نعرض منها بعض الأمثلة من خلال هذه العجالة معرفين القارىء بكل منها وذلك حسب الاستطاعة والتيسير.

فـ(الخرص) هو الحلق الذي يصنع من الفضة وتتزين به المرأة، ذكره الشعراء من بينهم قول الشاعر الذي حمل الخرص بالهمس في أذن حبيبته بما يجيش في خواطره من حب عارم فيقول:

يا خرص سلملي على مولاتك

تلبس غلانا كيف مالبساتك

ومن الأغاني التي تغنى على الطبل في واحة هون في نفس الموضوع أغنية يتمنى صاحبها أن يكون خرصاً لاصقاً ومطبوعاً في محبوبته لذلك نجده يقول:

ياريتني خرص مطبوع فيها

وإلا ختم في مشابك يديها

والختم هي الخواتم التي تلبس في الأصابع وهي أشكال وألوان كانت تصنع محلياً وتلبسها النساء وخاصة في الأفراح والمناسبات.

قد يرمز إلى الخرص بكلمة (حلق) أي حلقة فهذا شاعر آخر يتغنى في واحاتنا فيقول:

أني جايـيـك غرضان

بوعين سوداء وبو حلق رنان

يربط الشاعر في بعض الأحيان بين جملة من الحلي والملابس من ذلك أغنية (البرنوس) وهي من أغاني النخيخة التي تؤدي في الواحة نجد الشاعر يقول:

برنوس فيه تحير دليلي

وشقى طول ليلي

على لابسه الخرص والثوب نيلي

وأني في الرجى لين يأتي رسيلي

ومنها يجيب النبى والأخبار

وهكذا يكون الشاعر قد تحدث عن الخرص والخواتم في موضوع سابق، وهنا تحدث عن الخرص والثوب الأسود، والذي رمز له بكلمة (نيلي)، وهو من الثياب المطرزة بالحرير والفضة، تلبسه العرائس والبنات في المناسبات والأفراح.

أما البرنوس –عنوان الأغنية- فهو لباس ترتديه البنات يصنع من الصوف بعد أن يقاس على طول البنت ويخيط من أعلى (بمريرة) وهي صوف مغزول ومصبوغ باللون الأحمر، ويخيط من الأطراف بقطعة من القماش الأسود وهي عبارة عن شريط لجمالية المنظر، ويبطن البرنوس من الداخل بقطعة من القماش الأبيض (هذا بالنسبة لبرنوس البنات), أما برنوس الأولاد فيختلف عن ذلك وللعلم فإن هذا النوع كان يصنع إلى أمد قريب في مدينة هون.

الثياب أنواع وخاصة المطرزة بالحرير والفضة فمنها الثوب الأسود, وثوب الحرير المنقوش المكلف, والثوب الأصفر والشامية المنقوشة، والأخيرة قماش له خطوط طويلة وله لون جميل كان الحجاج يجلبونه من مكة المكرمة، وهو أصلاً مصنوع في الشام لذلك سمى (شـامية) يتم تطريزه من الأمام برسوم جميلة، وهذا اللون من الملابس التي ذكرت في هذه الجزئية من مقالتنا هذه، مازالت موجودة بمناطق الجفرة وغيرها من المناطق مع ملاحظة بعض الاختلافات البسيطة.

لقد تغنى أحد الشعراء في هون قديماً عن الشامية التي تحفل بها وترتديها معشوقته وتحدث كذلك عن العقد الذي كانت تتحلى به فقال:

سزيه اتجى حافلة في الشوامي

سبايب غرامي نبي نشهرك

كان طالن أيامي

 

سزيه اتجي حافلة في العقود

أم عيون سود,

كوتني على الجاش ولا لي  برود

 

ويا خالق البشر في كل عود

ارزقني بطامي

بيش نلحوقبا كحيل الميامي

بما أننا بصدد الحديث عن الحلي والملابس فإن غناية الرحى هي أيضاً أفردت بعض الأغاني والأهازيج بهذا اللون من التراث، نأخذ منها بعض العينات ونقدمها للقارىء الكريم فهاهي الأخت تغني على أخيها فتقول:

لابس على الكتف برنوس

وسباط مالي كراعه

حجب على زول خويا

نوار بين الجماعة

هنا ربطت المغنية بين البرنوس والسباط وهو حذاء يصنع من الجلد يغطي الرجل ويتجاوز الكعبين.

أخرى تتحدث عن النخيل واهتزاز جريده عند الأصيل ومحاكاة صادقة حلوة بين الحبيب ومحبوبته لذلك تقول:

تحرك نوم العشية

وهز النخل من أرقابه

ومحلى كلام السزيه

معاك يا معورج انقابه

والمقصود بالنقاب هو وضع الطرف من الجرد على الرأس، وهو دلالة على أناقة لابس الجرد, وحيث إن للجرد مكانة مهمة في الملبوسات الليبية، وحيث إنه من صفات الجرد الجميل خفة وزنه وكبر حجمه، لذلك فإن غناية الرحى أوجزت ذلك وبينت قيمة الجرد الجيد فقالت:

جريدي ومشرى بميتين

وزنوه ماجى وقيه

طرحوه ما بين لوطان

كسى مصر واسكندرية

العباءة الليبية والتي نقول عليها (عـبـى) وهي ألوان منها عبى حمرة وعبى زرقة، وهكذا هي أيضاً لها وجود في أغاني الرحى من ذلك:

يا طير يا ناقل الخبر

لأوخى واحش خواته

عرب بيتنا خيلهم حمر

وخويا حمره عباته

لقد اشتاقت هذه الأخت إلى أخيها وتبعث له السلام مع طائر وتناجيه بكلمات تصف شقيقها ولون عباءته.. كما دخلت العبى في شعر العشق والغرام من ذلك القول القائل:

لابس عبى حمرة/ وقبّل قبله

بالله يا سيدي الفقي تكتب له

وفي نفس السياق القول التالي: –

لابس عبى زرقة أطناش الززة

حبه نزل في القلب ويش يحزه.

_______________________

صحيفة الجماهيرية.. العدد: 4426 /1-2/10/2004

مقالات ذات علاقة

شعر البيت الواحد في ليبيا وعلاقته بالمرأة

نجوى بن شتوان

فندقكم ما يصلح حاجه

ميلاد عمر المزوغي

عيشة وطائر السنونو ..

المشرف العام

اترك تعليق